Quantcast
Channel: ossama-elkaffash-articles
Viewing all 80 articles
Browse latest View live

Article 14

$
0
0


الرؤية التحذيرية - الاستغاثية في الخطاب الإسلامي




تشيع هذه الرؤية التحذيرية بين المثقفين الاسلاميين على مختلف توجهاتهم ويستخدمونها مرارا وتكرارا مع كل حدث تمر به الأمة الاسلامية، وفي معرض تعليقهم على كل صغيرة وكبيرة قد تحدث في بلد اسلامي او تتعلق بجماعة مسلمة في بلد أجنبي

فازدياد عدد صالات البولينج في مصر «هو اختراق صهيوني للشباب المصري» وانتشار شبكة الانترنت هو «وسيلة للسيطرة على شبابنا». واستخدام شركة ديزني الاميركية لعبارة «القدس عاصمة اسرائيل» وتمويلها لأفلام مثل «دوجما» الذي يناقش ثوابت العقيدة المسيحية، هو نتيجة لوصول يهودي لرئاستها. ونجاح الضغط العربي والاسلامي على الشركة في تغيير العبارة من «القدس عاصمة اسرائيل» إلى «القدس في قلب اسرائيل» انما هو نجاح شكليّ وهو تعبير عن هزيمتنا في معركة ديزني. واليهود يستحقون ما حدث لهم على يد هتلر النازي «لأنهم أشد الناس عداوة». والغرب يحاول تقديم الاسلام على أنه العدو الجديد للبشرية... وهكذا.

وبعيدا عن النوايا الحسنة والالتزام الديني والاخلاقي الذي لا نشك في تحلي اصحاب هذه الرؤية به، ولا نشك في اهمية ما يقولونه وما يطرحونه. دعنا نحاول تحليل هذا الخطاب وتفكيك هذه الرؤية لنصل معا لاستكشاف أهم سماتها وخصائصا، ونتعرف على الاسباب التي أدت إلى شيوعها وتزايد استخدامها، ونتقصّى الاهداف التي تحاول الوصول إليها. ونستشرف النتائج الفعلية التي تصل لها.

أهم سمات هذه الرؤية في تقديرنا هي

ثنائية العالم

خير/شر. فالعالم ينقسم إلى قطبين الأنا الطيبة والآخر الشرير. ولابد من انتصار احدهما وانتهاء الآخر

الآخر دائما يتآمر على الأنا «الدش والانترنت وسائل الغرب للسيطرة على شبابنا» «البولينج وسيلة الصهاينة لاختراق مصر

الآخر دائما يريد تدمير الأنا : الهدف: عرب بلا ذاكرة

الاخر دائما شيطان : الدور الشيطاني للاعلام التركي - الذي تسيطر عليه أميركا واسرائيل

هناك دائما آخر خفي غير معلن «الحكومة الخفية في تركيا - الاعلام التركي تسيطر عليه اميركا واسرائيل» ولكن الانا التحذيرية تعرفه وتفضحه. ثمة مباراة صفرية تدميرية لابد من خوضها. معركة تذكرنا بالمعارك الاسطورية مثل «الأرمجدون» التي تنتظرها الجماعات الاصولية المسيحية. لا مجال للتركيبية هنا ولا للعلاقات الانسانية المعقدة ذات الطبقات المتراتبة في المصالح المتشابكة. ثمة وضوح في الرؤية «آخر شرير وأنا طيبة». وهذا الوضوح لا يعني الواقعية ولكن يعني ببساطة التبسيط والتسطيح.

لا مجال لحلول وسط تراعى فيها المصالح المتشابكة، وانما معارك ننهزم فيها أو ننتصر. ودائما تحذرنا الأنا الرشيدة المدركة من مغبة قبولنا بالحلول

الوسط (بعد هزيمتنا في معركة ديزني))، ومن احتيال الآخر علينا (تغيير العبارة من «عاصمة اسرائيل» ذات الدلالة السياسية إلى «في قلب اسرائيل» ذات الدلالات العاطفية والدينية) ليس تغييرا حقيقيا وانما هو تحايل.

الانا - هنا كما نلاحظ - جزآن: جزء فردي يمثله الكاتب، وجزء جماعي هو الأمة المراد تحذيرها واستنفارها. الفردي الخاص بالكاتب يمثل الأنا العلمية، الأنا العارفة او الأنا الحقيقية، أما الجزء الجماعي الذي تمثله الأمة فهو الأنا الجاهلة، الأنا الغافلة، أو الأنا المتوهمة للأمة. يتقمص الكاتب صاحب هذه الرؤية دور العراف الاسطوري الأعمى/ البصير. أعمى البصر لكنه ثاقب البصيرة، ويحذر البشر الغافلين من الشر المحدق بهم كما في حال «تيريزياس» عراف الاساطير اليونانية. هذا العراف الذي تحدى الالهة فلعنته الآلهة، واصابته بالعمى، وبات الناس يرفضون تصديقه على رغم صدقه الدائم

هذه الشخصية تحمل في طياتها دائما جانبا تنبؤيا للأنا الفردية التي تريد دائما وابدا ارشاد الانا الجمعية وتحذيرها. الانا الفردية الكاتب التحذيري في الخطاب الاسلامي المعاصر تستخدم هذا الجانب التنبؤي من خلال استخدامها النص المقدس «أشد الناس عداوة» المائدة/82. ولكنه نص مقتطع من سياقه، فهذه الآية لها اسباب للنزول. وقد نزلت في النجاشي واصحابه، ومن ثم فالسياق مقيد ومن العسف اطلاقه. فالواقع التاريخي يدل على ان اشد الناس عداوة للمسلمين كانوا هم النصارى الذين دارت معهم رحى الحرب منذ غزوة مؤته حتى الآن، بل ان الجماعة اليهودية داخل الأمة الاسلامية كانت دائما وابدا جزءا من هذه الأمة. ولم تتعرض للاضطهاد الذي تعرضت له الجماعات اليودية في البلاد الاخرى.

اقتطاع النص المقدس من سياقه، ثم تقديم تفسير أو قراءة الأنا له بوصفها القراءة الوحيدة الممكنة، ثم اعتبار من يخرج عن هذه القراءة كمن يخرج عن النص المقدس... كلها آليات تحول النص الذي تنتجه الانا إلى «نص مقدس» ثم إلى «النص المقدس» ثم تتحول الانا ذاتها عبر قدرتها التنبؤية وانتاجها للنص المقدس إلى أنا مقدسة، وسلطة ينبغي على الأنا الجمعية الجاهلة طاعتها والتزام نصها... وإلا فالويل والثبور والهزائم وعظائم الأمور. ولتأكيد هذه الحلول وايضا كتعبير عن المباراة القوية التي تخوضها الأنا ضد الآخر نجد ان المفردات المستخدمة في هذا الخطاب مفردات حربية: معركة - غزو - تحدي - قتال - جهاد - سيطرة - اختراق - تدمير... الخ.

هذه المفردات تزيد من احساس الانا الفردية بأهميتها، وترسخ فكرة قدسية التحذيري الاستغاثي الذي تنتجه، ومن ثم تزيد من قدرتها على فرض سلطة هذا النص على الأنا الجمعية الجاهلة التي يجب ان تتبعها وتصغي إليها

الاحساس الدائم بالهزيمة

دعونا نحاول تحليل الاسباب التي تدعو إلى وجود هذا الخطاب التحذيري وشيوعه.
اول الاسباب على ما نعتقد هو السبب الذي يقدم دائما باعتباره السبب الأوحد، وهو القهر الواقع على الانا المسلمة، والاحساس الدائم بالهزيمة نتيجة الموجات الاستعمارية المتلاحقة التي تعرضت لها الامة الاسلامية منذ القرن الثامن عشر، ونتيجة العداء المتواصل بين المسلمين وبين الغرب المسيحي منذ الفتوحات الأولى كما اسلفنا

بيد أن هذا السبب ليس هو السبب الأوحد، بل ونزعم أنه مبرر أكثر من سبب. السبب الأهم في رأينا هواستدماج الآخر العدواني. ان علاقتنا بالغرب كبنية مركبة ومتراكبة من عدة طبقات حضارية متشابكة، هي علاقة مركبة ومتشابكة فيها الاعجاب وفيها الاحتقار، فيها الكراهية وفيها الحب. وفي جانب من تكوين الانا الفردية للمثقف العربي المسلم ثمة عنصر عدواني يمثل الركيزة البنائية الأولى للحداثة الغربية. هذا عنصر عدواني يتجلى واقعيا في شكل الامبريالية، والرغبة المحمومة في الاحتواء والامتلاك، والاعتداء على الطبيعة والآخر غير الابيض وغير الأوروبي. ولكنه قبل ذلك تجلى فكريا ونظريا وفلسفيا في نظريات تقديس الانا الغربية والاعلاء من شأنها والحط من شأن الأمم الاخرى، وتحويلها إلى دنس بربري لا قيمة له.

فكما قال عبدالوهاب المسيري: تحركت جيوش أوروبا الامبريالية في عقول المفكرين الحداثيين الذين برروا المنفعة، وقدموا نظريات: (البقاء للاقوى) و(الغاية تبرر الوسيلة) وغيرها قبل ان تتحرك على ارض الواقع. هذا العدوان المعرفي يتم استدماجه نتيجة طبيعية للاعجاب بالآخر المنجز المتحقق، واحتقار الانا المنهزمة المنسحقة. ويتجلي هذا في اعادة انتاج العدوان المستدمج ولكن في شكل التحذير من هذا الآخر، والاستغاثة من مؤامراته التي لا تنتهي ضد الأنا. وفي الوقت نفسه يتجلى احتقار الأنا في شكل احتقار الأنا الجمعية الذي يأخذ شكل تحذيرها وتنبيهها لغفلتها عن المؤامرات التي تدبر لها بليل وتحاك ضدها في الخفاء

المثقف هنا منشطر الوجدان فثمة اعجاب خفي تقابله كراهية ظاهرة تجاه الآخر، وثمة احتقار خفي للانا لكنها تسقطه على الانا الجمعية وتحوله إلى تحذير وتنبيه لها، ومن ثم يتم اعلاء دور الانا الفردية واعادة الاعتبار لها عبر فصلها عن تلك الانا الجاهلة، وفي جانب خفي تنضم إلى الآخر/ المحبوب/ المكروه في شكل اتخاذ صفة من صفاته وهي العلم والمعرفة والقدرة

التركيبة الشمولية للحركات التقليدية

السبب الثالث في هذا الخطاب هو سبب هيكلي يعود إلى الطبيعة الهرمية للحركات الاسلامية. فمعظم الحركات الاسلامية استدمجت الشكل التنظيمي الهرمي الذي افرزته الحداثة السياسية الواقعية في القرن العشرين والذي هو اعادة انتاج للشكل الحزبي الشمولي الذي نجح في اثبات ذاته عبر البلشفية في روسيا، والفاشية في ايطاليا، والكمالية في تركيا، والنازية في ألمانيا، والفرانكية الكتائبية في اسبانيا، ولكنه كلف البشرية ملايين الضحايا في كل هذه البلاد

هذا الشكل يختزل الطبقة أو الجماعة أو الأمة إلى الحزب أو التنظيم الممثل لها، ثم يختزل هذه التنظيمات إلى الجهاز المركزي الذي يحركها او يرشدها أو يقودها، ثم يختزل هذا الجهاز بدوره إلى شخص القائد المرشد الملهم والمعلم الذي يتم اضفاء صفات قدسية عليه تحوله إلى سلطة مقدسة، وتحول اقواله إلى نصوص مطلقة تتجاوز في اهميتها ومرجعيتها النص المقدس المطلق في ذاته. هذه البنية التنظيمية تؤثر بدورها في الأفراد فتعمق لديهم الاحساس بسلطة الأنا وبرسالتها المقدسة، وبانفصال الأنا الفردية عن الأنا الجمعية التي تحتاج دوما لنصائح الأنا الفردية، والتي اكتسبت جزءا من القداسة لانتمائها للتنظيم الشمولي وتعبيره عن رسالته الخالدة

ويتجلى هذا في شكل التنشئة الاجتماعية التي تتخذ من الوعظ والمباشرة والتبسيط أدوات للوصول إلى اعادة انتاج الأنا الجديدة على مثال الأنا عضو التنظيم في دائرة مستمرة تستهدف اساسا تكريس البنية التنظيمية لا البحث عن الحقيقة أو استكشاف الواقع

نتيجة هذه الهيكلية الشمولية، والتنشئة الاجتماعية الوعظية تحاول الأنا فرض سلطتها على الأنا الجمعية من خلال الوعظ والتحذير. إن عدم وجود الأنا الفردية المتماهية في الأنا التنظيمية الشمولية في السلطة، يجعلها تطلب السلطة عبر اللجوء إلى الخطاب التحذيري في رسالة بين سطور الخطاب تقول:أيها الناس أنتم تجهلون ما يحُاك لكم من دسائس وما يدبر وراءكم من مؤمرات ولكننا نعلمه، ومن ثم نحن أجدر الناس بالوقوف في وجهه وإنقاذكم منه

أهداف الرؤية التحذيرية

يمكننا تقسيم اهداف الرؤية التحذيرية الاستغاثية إلى قسمين، قسم ظاهر ومعلن، وقسم خفي ولا شعوري وغير مدرك. والقسم المعلن هو التحذير والاستنفار وتجنيد طاقات الأمة ضد اعدائها. وهذا القسم لا ننكره وسنشكر القائمين عليه على نواياهم الطيبة. بيد أننا نود ان نذكر بأن الطريق إلى جهنم مفروش دائما بالنوايا الحسنة

ففي احدى حلقات برنامج تلفزيوني جماهيري تبثه احدى الفضائيات العربية الشهيرة دارت المناقشات حول الانترنت، وانبرى احد المثقفين الاسلاميين من اعضاء احد البرلمانات العربية لمهاجمة الشبكة، وأخذ يدعم رأية بمقتطفات من مجلات ذات توجه اسلامي تهاجم الشبكة الاباحية، والمواقع السياسية التي تفرض عليها بعض الحكومات رقابة وغير ذلك

ولأن البرنامج جماهيري وتحضره اعداد غفيرة من الشباب في هذا البلد العربي الذي يمتاز شبابه بالاطلاع وسعة الثقافة، لم يناقشه أحد، ولم يرد عليه أحد. وتم تجاهل تحذيراته وصرخاته تماما، وانخرط الجمهور في حوار واقعي عن استخدامات الشبكة والاتاحة الموجودة عليها، وحيرة الشباب العربي المسلم، ورغبته في والتواصل عبر الشبكة

انا لا أشك مطلقا في النوايا الحسنة للأخ المثقف المسلم ولكن ماذا افادتنا نواياه الحسنة؟ لولا ان الجمهور كان مطلعا على شبكة الانترنت، ومتفاعلا معها لتحولت الحلقة إلى وعظ وهجوم على الغرب، وحال من الاسترخاء الفعلي... فماذا سيفعل المواطن المخاطب عند سماع هذا الحطاب؟سيستفز ويهتز ويشتم الغرب الكافر الذي يريد اختراقنا وتحطيمنا، ويشكر المثقف الذي نبهه لهذا؟ أم انه سينفعل لحظيا ثم يعاود حياته فيشاهد الفضائيات المبثوثة عبر الأقمار الإصناعية ويستخدم الإنترنت ويتفاعل معها؟

وهنا يأتي القسم الآخر اللاشعوري وغير المدرك للخطاب التحذيري الاستغاثي هذا: إنه إظهار سلطة المعرفة التي يمتلكها المثقف المسلم والتي يستحق من أجل امتلاكها الوصول إلى السلطة السياسية لكي يحقق برنامجه التحذيري هذا. اخترنا هذا المثال الدال للبرلماني العربي ذي التوجه الإسلامي نظرا إلى وضوح دلالته. بيد أن النتيجة واحدة في كل أحوال الخطاب التحذيري يهدف في جانبه اللاشعوري إلى تكريس سلطة معرفة المثقف المتنبئ في مواجهة جهل وغفلة الجمهور المخاطب. إنه تعبير لا شعوري عن رغبة هذا المثقف العارمة في إظهار سلطته التي لا يمارسها على المستوى الواقعي السياسي في شكل سلطة معرفية قد تؤدي إلى هذه السلطة السياسية

من أجمل المقالات التي كتبت في موضوع نتائج الخطاب التحذيري الاستغاثي مقالة الباحث محمد مسعد عبدالعزيز المعنونة «النبوءة في الخطاب الإسلامي لقضية فلسطين» إذ يناقش الباحث حركة النبوءة في المخاطب أي النتيجة الفعلية للخطاب التحذيري الذي يستخدم النص المقدس استخداما تعسفيا للوصول إلى رسالة استغاثية استنفارية وتحذيرية. ويرى الباحث أن النبوءة تحوّل الاحتلال الصهيوني من «خطأ» يجب مقاومته وهو ما يعتقد المتنبئ مستخدم الخطاب التحذيري أنه يفعله إلى «صواب» يجب حدوثه، من حيث أنه نبوءة وردت في نص مقدس، أي أن المخاطب في هذه الحال مطالب بقبول الواقع لأنه مقدس وليس تغييره لأنه خطأ

هذا الأثر المعرفي يحدث على المستوى اللاشعوري عند المخاطب ويترسخ بتكرار تعرضه لهذا الخطاب التحذيري. ولكنه لا يبقى على المستوى اللاشعوري دائما وإنما يصعد إلى مستوى الشعور في أحيان كثيرة ومن ثم يعطل الفعل الإنساني ويدمره. الفرد هنا معطل تماما سواء نتيجة إحساسه بالانهزام أمام هذا الواقع الكارثي الذي يحذرنا منه الخطاب التحذيري. أو لإحساسه بضرورة الخضوع للنص المقدس الذي يستخدمه الخطاب التحذيري من دون أن يدري بتأثيراته على الفرد

ويزداد هذا الإحساس بالانسحاق والانهزام من خلال المفردات الحربية التي أوردناها: هزيمة - غزو - اختراق - معركة - جهاد... وهكذا. ماذا يفعل المواطن الفرد العادي حين يسمع هذا الكلام؟ وكيف يمكن أن يتفاعل معه وكيف يمكن أن يستجيب له؟

هذه الأسئلة لا أهمية لها بالنسبة إلى أصحاب الخطاب التحذيري لأن الفرد المواطن غير حاضر أمامهم. وأما الحاضر فهو الفرد المرشد الذي يمتلك المعرفة وينبغي أن ينقلها إلى الأنا/ الجمعية لأنها وسيلة للسلطة

النتيجة أن فكرة الرأي الآخر وتعقد الواقع وتركيبته ورؤية العالم بتضاريسه المتعددة ومعالمه المختلفة لا تطرأ على خاطر الخطاب التحذيري وإنما دائما ثمة رسالة أحادية الاتجاه تريد فرض رأي أحادي الجانب ورؤية تبسيطية للعالم

اهداء خاص
إلى د. محمد مسعد و الفنان جلال الطائي
كتبت المقالة عام 2003 ونشرت في جريدة الوسط البحرينيةولا اعرف كيف وصلت هناك

اسامة
زغرب يوليو 2010

Article 13

$
0
0
فكرة علم انثروبولوجيا الاسلام
طلال اسد
مارس 1986
مركز دراسات العرب
جامعة جورجتاون و اشنطن
ترجمة وتعليق اسامة القفاش




مقدمة: اهمية المقال و من هو طلال اسد؟
بالرغم من حبي الشديد لعلم الانثروبولوجية منذ بداية السبعينات في القرن الماضي و دراستي بدأب لكل اعمال كلود ليفي شترواس و من قبله اعمال كثيرة لايفانز بريتشارد ورادكليف براون و ايضا متابعتي لسول تاكس و غيره من الانثروبولوجيين لم اتعرف على طلال اسد احد اهم الانثروبولوجيين المعاصرين الا مؤخرا عبر الصديق والاخ العزيز سعيد خالد الحسن
وكانت بداية معرفتي بالعالم الكبير من خلال كتابه الرائع عن التفجيرات الانتحارية ثم استمعت الى حوار هام معه واقدم رابطا لهذا الحوار لمن يريد و كرت المسبحة... المقال الذي اقدمه اليوم هو محاضرة هامة القاها في مركز دراسات العرب بجامعة جورجتاون بواشنطن

http://www.youtube.com/watch?v=kfAGnxKfwOg

تتميز كتابات طلال اسد بعدة مميزات في تقديري وسأحاول ان اوجزها في ما يلي
رؤية الآخر عبر مرآة الذات
حيث يحاول دائما ان يطرح تعريفا محددا للذات و عبر هذا التعريف يتحاور مع الآخر و لايقع فريسة لاطار الآخر المرجعي. وهو ما سنجده هنا في اطار محاولته المستمرة لطرح تعريفا واضحا للاسلام و دحض الرؤى المغيمة و الضبابية التي تجعل الاطار المرجعي للتعامل متسعا لدرجة الغياب او ضيقا لدرجة رفض اي رؤية اخرى.
النفس و اتساعها و الذات و ضيقها
في اطار رؤيتي التي طرحتها في كتاب مفاهيم الجمال في طبعته الثانية و التي اعكف الآن على بلورتها في كتاب جديد ، اعتقد ان علينا التمييز بين مكونين اساسيين في الانسان اولهما ما اسميته النفس و ألاخر هو ما ادعوه الذات.
النفس هي تركيبة كما يرىكيركجارد
و هي في تقديري مكون منفصل عن الروح و عن الجسد بمعنى اتصور ان ثمة بناء ثلاثي للكيان الانساني تتقاطع مكونات هذا البناء ما بين جسد مادي و روح هي من امر ربي و نفس سواها الخالق والهمها فجورها وتقواها فهي همزة الوصل بين الخالق و الانسان وهي الجسر الذي يربط بين الجسد والروح و هي التي تتواصل مع غيرها من الانفس على مستويات عديدة
مستوى العلاقة الربانية الذي يسمى بالمحبة في الله
وهنا نجد الانفس تتواصل و تتلاقى بشكل اعلى من التلاقي المادي بل ونحس ان النفس ترتبط مع النفس الاخرى برباط وثيق و كأنه اعمق من رباط الدم "رب اخ لك لم تلده امك"
في هذا المستوى لا تحتاج النفس الى اللغة كاداة اتصال فهي مستغنية عنها لان التواصل قائم في ابعاد اخرى ترتبط اكثر بالروح و بالخالق.
لكن هذا المستوى ليس المستوى الوحيد للنفس و لا هو درجتها الوحيدة (وهنا ينبغي لنا ان نفرق بين مستويات علاقات النفس وبين درجاتها وايضا تجلياتها و لكن هذا موضوع آخر.)
فهناك مستويات اخرى عديدة وهو ما سنناقشه هنا
مستوى علاقة النفس بالنفس في الاطار الاجتماعي
وهو مستوى بناء المجتمعات البشرية و تكوين الجماعات الانسانية وهو المستوى العمومي الانساني
انه مستوى التدافع الحادث بين البشر و هو مستوى التفاعل الانساني العام كما قلت و ايضا هو مستوى الفعل و التواصل الاساس
هنا اتصور ان النفس تطرح نفسها في علاقتها مع الآخرين بشكل الذات حيث يحتاج هذا المستوى الى تواصل عبر اداة اللغة و يحتاج الى ادوات اتصال و طرق تعبير اخرى ذات طبيعة اكثر مادية واكثر التصاقا بالجسد و تشكله المحسوس
اي يحتاج الى اتصالات تنتمي الى عالم المحسوسات بكل تفرعاته و اتساعاته. وهنا نجد ان النفس تتحول او بالاحرى تتحور لتكون ذاتا.
الذات في تصوري هي جزء من النفس تحور ليعطي للنفس القدرة على التحاور مع غيرها من الانفس دون ان تكون نفسها تماما اي انه جزء متكيف مع السلوك الاجتماعي و طبيعة عالم الاتصال المجتمعي ويعبر عن نفسه عبر اللغة ووسائل التعبير المحسوسة.

هذه التفرقة ضرورية لفهم مستويات كتابة طلال الاسد فبالرغم من تركيزه على مستوى العلاقات الاجتماعية و المجتمعية بكل تجلياتها الاقتصادية و العسكرية و السياسية و الثقافية الا انه يرى وبوضوح البعد الانساني المرتبط بالنفس في موضوع دراساته اي الاسلام كدين. بمعنى طلال لا يغفل الابعاد الاقتصادية و الثقافية بل يطرحها بقوة و لكن الاهم في تقديري هو رؤيته للابعاد الاخرى الكامنة في علاقة النفس بالانفس الاخرى في اطار الرؤية الاسلامية. وهو ما نجده ايضا في فهمه لقضية اللغة
اللغة كتعبير عن الاتصال بين الذات و الذوات الاخرى
اللغة كوسيلة اتصال ووسيلة تعبير قضية اساسية في فهم العلاقات الانسانية و فهم الانسان و قضية اصل اللغة و معنى الملكات اللغوية و طبيعتها و تواجدها التشريحي او تمثيلها الدماغي كل هذه المباحث شغلت الباحثين منذ اقدم العصور . اتصور ان من الممكن رؤية اللغة ايضا بوصفها وسيلة الدخول الى اعماق النفس الانسانية و معرفة علاقة الذات بالنفس كما طرح لاكان وتلامذته بشكل ما .
تكوين الجماعة و فكرة الانتماء
إن حاولنا ان نضع تقسيما لما حدث لخريطة المنطقة الممتدة من تركستان الشرقية او منطقة شعب اليغور في الصين و التي تسمى ايضا سنكيانج وحتى المحيط الاطلسي و من جبال الاورال حتى السواحل الجنوبية الشرقية من قارة افريقيا مع الوضع في الاعتبار ان حدود شمال /جنوب لانتشار الاسلام ليست بنفس درجة وضوح حدود شرق /غرب
يمكننا ببساطة ان نرى وبدرجات متعددة من الوضوح 4 فئات كبرى
هناك تجمعات بشرية يمكننا تسميتها شعوبا او قبائل او امم كيفما شئتم وهذه التجمعات قبلت العربية و الاسلام مثل معظم سكان المنطقة العربية
هناك تجمعات بشرية قبلت الاسلام ولم تقبل العربية مثل سكان فارس و ووسط آسيا و معظم سكان افريقيا و جنوب شرق آسيا الخ
هناك تجمعات بشرية قبلت العربية ولم تقبل الاسلام مثل اقباط مصر و مختلف فرق نصارى الشام و ايزيدية العراق الخ
هناك تجمعات بشرية تعيش في المنطقة هذه لم تقبل العربية ولم تقبل الاسلام مثل المجوس في فارس و معظم الشعوب الافريقية ذات التوجه الحيوي و الاورانج اصلي في ماليزيا الخ ايضا
هذه هي الخريطة العامة و لنشدد جدا على صفة العمومية و التي اشرنا اليها في قولنا بدرجات متعددة من الوضوح
بمعنى هنا ننتقل من تقسيم او تصنيف او تفنن جغرافي وديموجرافي له ابعاد تاريخية الى تصنيف لغوي ونفسي وله ابعاد فلسفية
ولتوضيح ما نعنيه
دعونا ننظر مثلا في لغة اهل البوسنة وهم من الشعوب التي لم تقبل العربية ولكنها قبلت الاسلام
سنجد الكثير من المفردات العربية قد ارتحلت عبر التركية لينتهي بها المقام في البوسنية بمعنى قريب من معناها الاصلي او له به
مثلا هناك اكلة مشهورة في سراييفو اسمها
الساهن و بالطبع لو امعنا النظر سنجد انه صحن العربية التي اضيف لها ال التعريف
الكلمة لم تعد تعني الوعاء الذي نأكل فيه بل صارت علما على محتويات هذا الوعاء و هي اقرب ما يكون الى التورلي او طاجن الخضار لاشباع فضولكم وليس بطونكم
ايضا لنرتحل بعيدا الى اقصى الغرب و اقصى نقاط الشمال ايضا فسنجد ان اللغة الاسبانية تحفل بالكلمات العربية الاصل و البرتغالية ايضا وان بدرجة اقل
و الامثلة كثيرة ولا تحصى و اشهر من ان نذكرها
الفارسية والتركية و السواحيلية امثلة ايضا من اللغات ذات الاصول اللغوية التي تأثرت كثيرا بالعربية و بها العديد من الكلمات بل احيانا التراكيب اللغوية مما يعني ان تأثير العربية قد تجاوز مجرد معنى الكلام الى مبناه او بعبارة اخرى تجاوز البعد السيمانطيقي الى ابعاد بنيوية او بتعبير تشومسكي اثر في البناء التحتي للغة
و اشهر مثال هنا هو
El
في الاسبانية وهي اداة التعريف للمذكر وتعادل
le
في الفرنسية
المقصود بما سبق من عجالة تحتاج لابحاث كثيرة و دراسات اكثر ان التأثير لم يكن غائبا و ان الرفض او القبول لم يكن حاسما
وازعم ان هذا كان على مستوى اللغة والدين معا فهناك تأثيرات مختلفة من الاسلام على معتقدات الشعوب و ايضا من معتقدات هذه الشعوب على طريقتها في ممارسة اسلامها

في تقديري ان العربية لم تحل محل الديموطية او الديموطيقية لسبب بسيط هو ان الديموطيقية كانت قد انقرضت او تراجعت كثيرا
في عصر الفتح الاسلامي او دخول العرب لمصر
كانت اللغات السائدة هي اللاتينية التي حلت محل اليونانية الهلنيستية كلغة للنخبة المحتلة و القبطية القديمة او الوسيطة التي هي تطوير ايضا للديموطيقية
ما اسماه صاحب
قول المقتضب فيما وافق اهل مصر من لغات العرب
المسمى ابن ابي السرور (و الكتاب مطبوع ومتاح)
سلطان اللغة الغازية وهو ماحدث مع النخب في مصر بعد الغزو الروماني و من قبله اليوناني و لنتذكر ان فيلو كان يعتقد ان التوراة قد كتبت باليونانية
ما اتصوره هو ان تطور اللغة المصرية القديمة قد وصل الى القبطية الوسيطة وان هذه بدورها سارت في مسارين وصل احدهمت بنا الى القبطية المحدثة بينما وصل الآخر الى العربية حيث ان اللغات من ارومة واحدة كما طرحت في مفاهيم الجمال وايضا في دراسة الترجمة في كتاب المفاهيم
العربية حلت في مصر محل لغة النخبة السياسية و ايضا محل لغة العامة لاسباب مختلفة في تقديري ان اهمها هو الاصول المشتركة و التواجد الحياتي و ربما يفسر لنا هذا قبول تجمع حياتي كبير مثل القبط العربية و عدم قبوله للاسلام
على العكس مثلا من تجمعات المغرب الكبير التي قبلت الاسلام باسرع من قبولها العربية
ايضا يفسر هذا جزئيا احتفاظ اهل النوبة بلغاتهم (وهما لغتين و ليستا لغة واحدة) و بشفاهيتها بالرغم من استخدامهم للعربية

الاتصال مع الخالق و فكرة الفن و اتساع رقعة التعبير بعيدا عن ضيق اللغة وحدودها
اتصور ايضا ان دور النفس الاساسي في الاسلام هو الاتصال بالخالق سبحانه وتعالى اي العبادة

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون‏}‏ ‏سورة الذاريات،الآية56و 57

بينما اختلف العلماء في تفسير الآية
فقد اجتمعوا على ان اساس الخلق و غايته هي العبادة . و اتصور ان العبادة التي تتجلى في الصلاة هي الاتصال بالخالق و الدخول في عباده...
قال الله تعالى "يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي"سورة الفجر الآيات 27-30

وهنا ارى ان الدخول في عباد الرحمن الراضين المرضيين هو اسمى مراتب النفس وهو غايتها الكبرى..
يتحقق هذا الدخول بالطاعة و التقوى و العدل و يتحقق اساسا في مجال النفس الاساس ، بمعنى ان الذات الاجتماعية المتحورة مسؤولة عنه و لكن بدرجة اقل
وهذا لان الهدف الاسمى يجعل الاتصال ارحب و اكثر اتساعا و غير محدود بحدود اللغة و المجتمع. هذا الهدف يتحقق في تقديري ايضا عبر الفن و الاحساس بالجمال الذي هو من تجليات الخالق سبحانه وتعالى وهو ما طرحته في كتابي مفاهيم الجمال رؤية اسلامية.
اتساع رقعة التعبير بالفن و الجمال بما يتجاوز حدود اللغة يؤدي الى ان النفس حين تتذوق الجمال فهي تتعبد وتذكر الرحمن. ما قصدته هنا هو توضيح رؤية اتصور انها تتقاطع مع اعمال الانثروبولوجي الكبير.
و ربما اكون على صواب او على خطأ و الله اعلم.



المقال
1
تزايد الاهتمام مؤخرا بموضوع يدعى انثروبولوجيا الاسلام. و لقد تضاعفت الكتابات الانثروبولوجية الغربية التي تحتوي على كلمات اسلام او مسلم في العنوان و كأنها متوالية هندسية.و اعتقد ان الاسباب السياسية التي دعت لهذا و خلقت مثل هذه الصناعة اوضح من ان تستدعي تعليقا عليها. و مهما كان هذا الامر اود ان اركز هنا على الاساس المفاهيمي لهذه الكتابات. وندعونا نبدء بسؤال شديد العمومية. ماهو بالضبط علم انثروبولوجيا الاسلام؟؟؟ ما هو موضوعه البحثي؟
قد تبدو الاجابة بديهية جلية... فما تبحثه انثروبولوجية الاسلام هو بالتأكيد الاسلام. لكن كي نضع الاسلام كموضوع بحثي مفاهيمي تدرسه الانثروبولوجية ليس بالامر اليسير كما قد يظن بعض الكتاب.
و يبدو ان هناك ثلاث اجابات على الاقل على السؤال الذي طرحناه آنفا:(أ)الاولى ترى انه في التحليل النهائي لا يوجد موضوع نظري يمكن ان ندعوه الاسلام. (ب) بينما تدعي الثانية ان الاسلام هو الاسم الذي يطلقه عالم الانثروبولوجية على المجموع غير المتجانس لاشياء متعددة ، كل منها الصق به المخبرون صفة اسلامي.(ت) و تظن الثالثة ان الاسلام جماع تاريخي ينظم مختلف جوانب الحياة الاجتماعية. و سننظر في عجالة مختصرة إلى الاجابتين الاوليين ثم نتفحص الثالثة نظرا لانها في تقديرنا اكثرها اثارة للجدل و اكثرها مقدرة على التفسير بالرغم من كونها غير مقبولة.
منذ عدة اعوام ناقش الانثروبولوجي عبد الحميد الزين(1) هذا السؤال مناقشة مستفيضة في استبيان كان عنوانه "ما بعد الايديولوجية و الثيولوجية: بحثا عن انثروبولوجية للاسلام"وكان هذا مجهودا يستحق التقدير بالرغم من انه كان بلا طائل في النهاية

الخلاصة هي ان ثمة اشكال متعددة من الاسلام ، كل منها له وجاهته و واقعيته و كل منها يستحق الوصف و قد ربط كل هذا بشكل محير بالتأكيد على ان كلها في النهاية تعبر عن منطق لا شعوري مبطن. و هذه الزلة ذات الدلالة و التغير من السياقية الانثروبولوجية الى العمومية الشتراوسية (2) قادته الى الجملة التي ختم بها دراسته
"ومن ثم يتبخر الاسلام بوصفه فئة تحليلية ايضا"بعبارة اخرى ان لم يكن الاسلام فئة تحليلية لا يمكن القول بان ثمة ما يمكن ان ندعوه علم انثروبولوجية الاسلام.وهذا كل ما يمكن قوله عن الاجابات من النوع الاول
احد العلماء الذين يتمسكون بالاجابات من النوع الثاني هو مايكل جليسنان (3)الذي يؤكد (مثله مثل الزين )و خاصة في كتابه التعرف على الاسلام(4)
انه لا يمكن للانثروبولوجي ان يخرج من نطاق اهتماماته اي شكل من اشكال الاسلام على اساس انه ليس الاسلام الحقيقي. وفي الواقع فغن اقتراحه ان الاشياء المختلفة التي يعتبرها المسلمون انفسهم اسلامية لابد وان توضع في اطار حياة و تطور مجتمعاتهم ذاتها هي قاعدة سوسيولوجية معقولة. لكنها لا تساعد في تحديد و تعريف الاسلام بوصفه موضوعا للدراسة و التحليل. والفكرة التي تبناها من انثروبولوجيين آخرين- الا وهي ان الاسلام هو ما يقول المسلمون في كل مكان انه هو-لن تفيد على الاطلاق. ولو لان هناك في كل مكان من المسلمين من يقول ان ما يفعله الكثير من البشر على اساس انه اسلام ليس من الاسلام في شيء. و لا يمكن حل هذه المعضلة بالقول ان ما هو الاسلام سيقدم المخبر الى الانثروبولوجي من خلال معتقدات و ممارسات الاول لانه من المستحيل بصفة عامة تحديد الممارسات والمعتقدات عبر مصطلحات موضوع منعزل. ان معتقدات المسلم عن معتقدات الآخرين وممارساتهم هي ببساطة معتقداته الخاصة. ومثلها مثل كل المعتقدات الاخرى فهي تنبثق و تستمر من خلال العلاقات الاجتماعية مع الآخرين.
و لنلتفت الآن الى الاجابة من النوع الثالث .
من اكثر المحاولات طموحا في هذا الصدد سنجد كتاب ارنست جلنر (5)المجتمع المسلم(6)حاول جلنر في هذا الكتاب ان يقدم نموذجا انثروبولوجيا يمثل الطرق المميزة التي تتفاعل بها البنية الاجتماعية و المعتقد الديني و السلوك السياسي مع بعضها البعض في اطار كليانية اسلامية. وفي يلي ساعالج
هذا النص في شيء من التفصيل. لكن غرضي ليس تقييم هذا العمل في ذاته. لكن بالاحرى استخدامه لاستخلاص المشاكل النظرية لكتابة انثروبولوجية للاسلام. و سنجد كما يحدث دائما العديد من العناصر التي قدمها جلنر في كتابات اخرى لانثروبولوجيين و مستشرقين و علماء سياسة و صحفيين. ومن ثم فان فحص هذا النص يجعل المرء ينظر الى اكثر من موضوع منعزل. لكن الصورة التي يقدمها هذا النص اقل اهمية من الطريقة التي قدمت بها- اي الفرضيات التي تستخلصها و المفاهيم التي تستخدمها
2
في الواقع
سنجد في نص جلنر اكثر من محاولة لطرح اطار مفاهيمي للاسلام. تتضمن اول المحاولات تلك مقارنة و اضحة بين النصرانية و الاسلام. و كل منهما ينظر اليه بوصفه تشكيلات تاريخية مختلفة من السلطة و الايمان ، واحدهما يقع في اوروبا اساسا والآخر في الشرق الاوسط. وهذا البناء المفاهيمي بناء محوري في الاستشراق. لكننا نجده بشكل ضمني في كتابات العديد من الانثروبولوجيين المحدثين.
و احد علامات هذا مثلا هو واقعة ان المراجع الانثروبولوجية المتخصصة في الشرق الاوسط مثل جوليك (7)او ايكلمان(8)تخصص
فصل الدين للاسلام فقط . وبالرغم من ان اليهودية والنصرانية من الديانات المحلية في المنطقة فيبدو ان الانثروبولوجيين الغربيين مهتمون فقط بمعتقدات المسلمين وممارساتهم. ومن ثم سنجد ان اليهودية السفاردية(9) و النصرانية الشرقية(10)تهمشان في الدراسات الانثروبولوجية الغربية وتقدمان على انهما فروع صغيرة موجودة في الشرق الاوسط من شجرة تاريخ نمت وترعرعت في مكان آخر اي في اوروبا و عند الجذور الاساسية للحضارة الغربية.
و ما يضايقني حقا فيما يتعلق بهذه المقولة عن كون اوروبا هي الموقع الحق للنصرانيةو ان الشرق الاوسط هي الموقع الحق للاسلام لا يكمن اساسا في الاعتراض القديم على تقديم الدين بوصفه لب التاريخ و جوهر الحضارة (وهو الاعتراض الذي طرحه العديد من المستشرقين مثل بيكر (11)منذ امد بعيد). مشكلتي كانثروبولوجي هي في الطريقة التي يؤثر بها هذا الطباق الخاص على الصياغة المفاهيمية للاسلام.
لننظر على سبيل المثال في الفقرة الافتتاحية لكتاب جلنر. سنجد هنا الطباق بين الاسلام والنصرانية في صورة جلية واضحة شائعة: الاسلام هو النمط الاولي لنسق اجتماعي . وهو يرى ان ثمة منظومة من القواعد الازلية الموحاة من السماء والخارجة عن ارادة البشر و التي تنظم النسق الصحيح للمجتمع.... و النصرانية واليهودية هما ايضا نمطان اوليان لمجتمع ولكن بدرجة اقل من الاسلام.فمنذ ميلاد النصرانية وهي تحتوي على توصية مفتوحة باعطاء مالقيصر لقيصر. و الايمان الذي يبدء و يظل لفترة ما بدون سلطة سياسية لا يمكنه الا ان يؤقلم نفسه مع النسق السياسي الذي لا يسيطر عليه هذا الايمان ولو الى حين.كان على النصرانية التي ازدهرت بين المحرومين سياسيا لم تفترض انها القيصر. و لذا تبقى معها دائما نوع من امكانية التواضع السياسي منذ هذه البدايات المتواضعة....لكن النجاح الاولي للاسلام كان سريعا جدا لدرجة انه لم يكن في حاجة لاعطاء اي شيء لقيصر.
ولو قرء المرء بعناية ما قيل ها هنا فلابد ان تعتريه شكوك عدة متنوعة.فماذا عن التاريخ الطويل الذي بدء مع قسطنطين حيث حاول القادة النصارى سواء الاباطرة او الملوك او الامراء العاديون او الاداريون الكنسيون اوالمصلحون الكنسيون او المبشرون
الاستعماريون ان يستخدموا السلطة بدرجات مختلفة لخلق الظروف الاجتماعية التي بها يحيا الرجل والمرأة حياة مسيحية حقة او يحافظوا على هذه الظروف كما هي- هل هذا التاريخ برمته لا علاقة له بالنصرانية؟؟؟؟ و بوصفي غير مسيحي لن افترض ان لاهوت التحرير (12) اوالاغلبية الاخلاقية(13) لا يمثلان جوهر المسيحية. بيد اني بوصفي انثروبولوجي اجد من المستحيل قبول ان الممارسات المسيحية و الخطاب المسيحي طوال التاريخ كانا اقل انشغالا باستخدام القوة السياسية لاغراض دينية من الممارسات و الخطاب الاسلامي.
واود ان اوضح اني لا اعارض من حيث المبدء عقد المقارنات بين التواريخ النصرانية و الاسلامية. وفي الواقع احد اهم الخصائص المميزة لكتاب فيشر الجديد عن ايران(14) هو ادماجه مادة وصفية من التواريخ اليهودية والنصرانية في خلال شرحه لنسق المدرسة. وتلك هي احد الدراسات الانثروبولوجية المعدودة للاسلام المعاصر والتي تستخدم مقارنات ضمنية مع التاريخ الاوروبي و من ثم تغني فهمنا .
لكن على المرء ان يتجاوز مرحلة رؤية المتشابهات مثلما فعل فيشر و ان يحاول استكشاف الاختلافات بشكل منهجي. ولهذا السبب فقد تركزت ابحاثي في الاعوام الثلاثة الماضية (15) على تحليل شعائر الاديرة و عقيدة الاعتراف و فترة التحقيق في اوروبا الغربية في القرن الثاني عشر تحليلا انثروبولوجيا مفصلا و كلها ظواهر تختلف اختلافا بينا عن الظواهر التي تربط بين الدين والسياسة في الشرق الاوسط في القرون الوسطى. ومن الملحوظات المهمة واقعة ان النصارى واليهود قد شكلوا دائما جزءا لا يتجزء من المجتمع الشرق اوسطي و بشكل لا ينطبق على حالة التجمعات غير المسيحية في اوروبا. و حجتي هنا ليست الحجة المشروعة و الشائعة القائلة بان الحكام المسلمين كانوا بصفة عامة اكثر تسامحا تجاه رعاياهم من غير المسلمين بالمقارنة مع الحكام النصارى مع رعاياهم من غير النصارى،لكن ببساطة ان السلطات القروسطية سواء كانت نصؤرانية او مسلمة(وسواء كانت دينية او سياسية) كانت لها ستراتيجيات جد مختلفة لاخضاع رعاياها اخضاعا معنويا و ضبط الدولة. هذا موضوع طويل ويخرج عن مقامنا هذا لنه يستحق ان نلتفت اليه كمجرد مثال توضيحي.
يلاحظ المؤرحخون المحدثون ان العلماء المسلمين في العصور الكلاسيكية و ما بعد الكلاسيكية لم يظهروا ادنى اهتمام بالمسيحية ، وان هذا الاتجاه السلوكي عندهم كان مختلفا تماما عن سلوك نظرائهم النصارى الذين اظهروا اهتماما حقيقيا بالمعتقدات و الشعائر للاخرى وليس الاسلام فقط. ما هو سبب اللامبالاة العلمية هذه تجاه الآخر؟ التفسير الذي يقدمه المستشرقون مثل برنارد لويس(
16)هو ان النجاحات العسكرية المبكرة للاسلام قد ادت الى توليد اتجاها سلوكيا لا مباليا مملوء بالاحتقار تجاه اوروبا المسيحية. "اعماهم جبروت الامبراطورية العثمانية العسكري فظل اهل الاسلام حتى فجر العصر الحديث يعتقدون اعتقادا راسخا -مثل العديد من البشر في الشرق والغرب اليوم-ان حضارتهم تتفوق تفوقا لا ينازع على غيرها من الحضارات. كان المسلمون في القرون الوسطى من الاندلس حتى بلاد فارس يرون اوروبا المسيحية باعتبارها منظقة مظلمة بربرية غي مؤمنة ولا داعي لن يخشاها العالم الاسلامي الذي يعمه النور و لا يحتاج لان يتعلم منها"ربما كان الامر كذلك لكن افضل طريق لمقاربة السؤال الذي طرحناها هو قلبه رأسا على عقب فلا نسأل لماذا لم يع الاسلام اوروبا ولكن لماذا كان النصارى الرومان مهتمين بمعتقدات وشعائر الشعوب الاخرى؟ و الاجابة لا تتعلق كثيرا بالدوافع الثقافية التي يقال انها نتيجة خصال داخلية كامنة في رؤية خاصة للعالم ولا تتعلق ايضا بالخبرة الجماعية الناتجة عن المقابلات العسكرية ولكنها تتعلق كثيرا ببنية ممارسات نظامية تدعو الى طلب نوعا من المعرفة النسقية. فبالمثل لم يذكر ان المجتمعات النصرانية المحلية التي عاشت بين المسلمين في الشرق الاوسط كانت مهتمة باوروبا و ايضا قام التجار والرحالة المسلمون بالكتابة كثيرا عن مجتمعات افريقية و اسيوية. ليس من الفطنة ان نفكر في الاتجاهات السلوكية المتقابلة بين الاسلام و المسيحية حيث نجد "لا مبالاة متجسدة "في مواجهة "روح تواقة للمعرفة و العلم " . بدلا من ذلك على المرء ان
يبحث عن الظروف المؤسسية التي ادت لانتاج اشكالا متنوعة من المعرفة الاجتماعية. ما هو هذا الشيء الذي كانوا ينظرون اليه على انه امر جدير بالتسجيل فيما يخص عادات و معتقدات الآخر؟ ومن كان يسجلها؟ وفي اي مشروع اجتماعي كانت تلك السجلات تستخدم؟؟ ومن ثم سنجد انه ليس من قبيل الصدفة ان اكثر الوثائق دقة فيما يخص المعتقدات الوثنية و الشعائر التي يمارسها الوثنيون هي تلك الموجودة في الخماسيات(وهي تلك الكراسات التي تعلم كيفية تقديم الاعتراف المقدس للمتحولين حديثا الى النصرانية) و ان يوميات المحققين العديدة في نهايات القرون الوسطى الاوروبية تصف بدقة متناهية و استفاضة وافية شعائر و معتقدات الهراطقة. ولا يوجد في المجتمعات المسلمة شيئا يماثل هذه السجلات الضافية المحتوية على معرفة منظمة مفصلة عن غير المؤمنين في المجتمع
وهذا ببساطة لان الانساق التي كانت تطلب و تحتاج هذه السجلات غير موجودة في الاسلام.
بعبارة اخرى تختص كل بنية سلطة اجتماعية باشكال معينة لانتاج المعرفة و هذه الاشكال تختلف ليس نتيجة لاختلاف جوهري في طبيعة الاسلام او المسيحية ولكن نتيجة انساق اجتماعية متغيرة وفقا للسياق التاريخي.
و من ثم فخلف شكي في دقة و اهمية المقابلات التاريخية باستخدام دوافع ثقافية مثل "امكانية كامنة للتواضع السياسي"على جانب او "الامكانية الثيوقراطية"على الجانب الآخر يكمن هم آخر وهو تحديدا انه قد تكون هناك فروق هامة على الانثروبولوجي ان يدرسها حين يقوم بدراسة مجتمعات اخرى و قد تنطمس بسهولة عند البحث عن فروق و اختلافات سطحية او بلا اهمية. ليست مشكلة المقابلة التي اجراها جلنر بين الاسلام و النصرانية ان العلاقة بين الدين و السلطة السياسية ليست واحدة في النسقين. لكن بالاحرى ان المصطلحات المستخدمة في ذاتها مضللة و علينا ان نجد مفاهيم اكثر ملائمة لوصف الفرو ق و الاختلافات.

3
حتى الآن لم نفعل الا القاء نظرة سريعة على احد جوانب محاولة انتاج علم انثروبولوجية للاسلام: الا وهي التطابق الافتراضي بين الاسلام والشرق الاوسط. وتعريف تاريخ المسلمين انه صورة المرآة (جلنر)للتاريخ المسيحي. حيث تنعكس العلاقة بين الدين والسلطة بكل بساطة. وهذه النظرة تستحق النقد لانها اولا لا تغفل العمل المضن المفصل لانساق السلطة النظامية في التاريخ المسيحي و ثانيا لانها غير كافية على الاطلاق لتقديم تفسير نظري مقبول. و انا لا اهاجم محاولة تقديم تصورا عموميا عن الاسلام ولكني ارفض الكيفية التي تم بها هذا التصور النظري العمومي. و سيدرك اي عمل حول انثروبولوجية الاسلام ان ثمة تنوع ملحوظ في معتقدات و شعائر المسلمين. و من ثم فاول مشكلة تواجه المرء هي مشكلة تنظيم هذا الاختلاف و التنوع باستخدام مفاهيم ملائمة. و التمثيل الشائع للاسلام بوصفه دمج بين الدين والسلطة ليس من هذه المفاهيم الملائمة. ولكن ايضا ليس من الملائم قبول المفهوم التقليلي الذي يرى كل فرق صغير في ما يسمى الاسلام بوصفه متفرد و يستحق الدراسة في ذاته.
و احد الطرق التي حاول الانثروبولوجيون استخدامها لحل مشكلة التنوع هي تبني وجهة المستشرقين القائلة بالتفرقة بين الاسلام الاورثوذوكسي و الاسلام ير الارثوذوكسي و وضعها في فئات التقليد الاعظم والتقليد الاقل ومن ثم تحضر للتفرقة التي تبدو اكثر مقبولا وموائمة بين الايمان الكتابي النصي التطهري الذي يميز اهل المدن و الايمان
الشعائريالذي يقدس الاولياء الموجود في الارياف. و بالنسبة للانثروبولوجيين لا يستحق اي من الشكلين ان يدعي لنفسه احتكار كونه الاكثر تمثيلا لحقيقة الاسلام من الآخر. فهما ما هما عليه و قد تشكلا في ظروف مختلفة. وفي الواقع ينظر الى ديانة الريف بوصفها شكلا واحدا فقط من منظور مجرد مقارن.و بالتحديد لان هذه الديانة خذات خصوصية عالية في ذاتها و ذات جذور راسخة في ظروف محلية متغيرة و ترتبط بشخصيات متعددة و تستمد سطوتها على الناس من التقليد الشفاهي غير الموثق ومن ذكريات لا يمكن التحقق منها فإن اسلام اهل الارياف غير المتعلمين متغير بشدة ومتنوع جدا. ومن ثم فإن الارثوذوكسية في الاسلام بالنسبة الى هؤلاء الانثروبولوجيين هي مجرد صنف واحد (بالرغم من كونه ثابت) من بين اصناف متعددة من الاسلام و تتميز باهتمامها الشديد بالنظام و القانون و تستمد سطوتها من نصوص ربانية وليس من افراد ربانية.
و قد شاعت هذه التصنيفة الثنائية عن طريق انثروبولوجيين شهيرين درسا الاسلام في المغرب هماكليفورد جيرتز(17) و ارنست جلنر و تلاميذهما من بعدهما. لكن ما جعلها مثيرة هي الحجة الاضافية القائلة بان ثمة علاقة واضحة بين هذه الازدواجية في الاسلام و بين نمطين محددين من انماط البناء الاجتماعي وهي الحجة التي كان اول من طرحها هم الباحثون الاستعماريون الفرنسيون في المغرب. تدعي هذه الحجة ان المجتمع المغربي يتكون من جانبين . في جانب التنظيم المركزي الهرمي الموجود في المدن و على الجانب الآخر التنظيم الانقسامي المتساوي للقبائل المحيطة بالمدن. و المدن يحكمها حكام يحاولون دائما وابدا اخضاع القبائل المتمردة التي تحكم ذاتها و من جانبهم يقاوم رجال القبائل هذه المحاولات بدرجات متفاوتة من النجاح. وينجحون احيانا عند توحدهم تحت قيادة قائد ديني ملهم في ازاحة الحاكم الموجود. و تنطبق فئتا الاسلام السالفتان انطباقا حسنا على نمطي البناء الاجتماعي والسياسي : في المدن الشريعة و العادات المتنوعة عند القبائل والعلماء في الاولى و الاولياء في الآخرة..وينطر للبنائين بوصفهما جزء من نسق واحد لانهما يحددا القطبين المتعارضين اللذين هما في صراع لا يتوقف من اجل الهيمنة السياسية . و بتحديد اكثر لان كا من سكان المدن و رجال القبائل هم من المسلمين. و كلهم يدينون على الاقل بالولاء ولو الاسمي للنصوص المقدسة ( ومن ثم ولو ضمنيا لسدنتها المتبحرين في العلم) ومن ثم ينبثق نوع محدد من الصراع السياسي. حيث من المتاح لحكام المدن ان يحاولوا فرض سلطتهم على رجال القبائل ومن المتاح للقبائل في المقابل ان يدعموا قائد مقره الريف يهدف الى الاطاحة بالحاكم الموجود و كلا الامرين تحت راية الاسلام.
و قد اضاف جلنر لهذا التخطيط العمومي الواسع الذي انتجه علم اجتماع الاسلام عند الفرنسيين وفي ادبيات متوالية عدد من التفاصيل تعتمد على عدة نقاط
(1)علوم اجتماع الاديان الكلاسيكية
(2) مقدمة ابن خلدون
(3) الكتابات الانثروبولوجية البريطانية عن نظرية (18)السلالة الانقسامية
وقد مدها على استقامتها لتغطي كل شمال افريقيا و الشرق الاوسط و ربما كل فترة التاريخ الاسلامي تقريبا. و قد استخدم النموذج الناتج و استخدمه آخرون لتوضيح التقابل القديم بين المسيحية والاسلام في عدة دراسات وكمثال عليها هذا المقتطف الدال من (19) بريان ترنر:


"ثمة قدر كبير من المعقولية في قولنا ان انه بالنسبة للدين (كان شاطيء المتوسط المسلم الجنوبي بمثابة صورة المرآة للشاطيء الشمالي لاوروبا) فعلى الشاطيء الشمالي نجد ان التقليد الديني المركزي هرمي شعائري وله جاذبية خاصة تجاه الريف. واحد الاركان الاساسية للديانة الرسمية هي القديسين. بينما الديانة المنحرفة الاصلاحية تنزع اليى المساواة و لتطهر و تلغي الوساطة المعزوة للقديسين. على الساحل الجنوبي يعكس الاسلام هذا النمط: فالتقليد المنحرف هو التقليد القبائلي الريفي وهو هرمي و شعائري. وبالمثل فالقديس والولي هما صورة المرآة لبعضهما البعض فيما يتعلق بدور كل منهما. فبينما نجد في المسيحية القديسين اورثوذوكسيين و موتى و قد رسمتهم السلطات المركزية ، نجد انه في الاسلام الشيوخ متنوعين قبائليين او مرتبطين بالقبائل و على قيد الحياة و قد تكرسوا عبر القبول المحلي"
وحتى لو كانت هذه الصورة تنطبق على المغرب فقد تعرضت لنقد عنيف من قبل باحثين ذوي اطلاع على المصادر الاصلية التاريخية بالعربية مثلكورنل(20) و(21) حمودي
وهذا النوع من النقد جد مهم لكني لن اتطرق اليه هنا. و بالرغم من ان السؤال عن مدى انطباق هذه الرؤية الانثروبولوجية للاسلام على العالم الاسلامي برمته ( او حتى على المغرب) بالنظر للوقائع التاريخية المثبتة و المتاحة هو سؤال مقبول معقول، الا انني لن اتطرق ايه كما قلت فدعونا نركز على موضوع آخر : ما هي الاساليب المكررة المستخدمة هنا لتمثيل:
أ- التغيرات التاريخية في البنية السياسية للاسلام و
ب- الاشكال المختلفة من الدين الاسلامي المرتبطة بهذه التغيرات التاريخية؟ ماهي انواع الاسئلة التي تبعدنا عنها هذه الاساليب و تمنعنا من النظر فيها؟ وماهي المفاهيم التي نحتاج لتطويرها لاجل ان نتقصى تلك الاسئلة المختلفة تماما و بطريقة حقيقية؟؟؟
عند مقاربة هذا الموضوع دعونا نضع في الاعتبار النقاط المتشابكة التالية:
أ-لابد ان تحاول السرديات المعنية بفاعلين ثقافيين محددين ان تترجم و تمثل الخطابات في سايقاتها التاريخية التي طرحها اولئك الفاعلين كرد على خطابات الآخرين بدلا من رسم افعالهم رسما تخطيطيا مجرد يؤدي الى نزع تاريخيتهم و الغاء وجودهم في سياق تاريخي محدد
ب- لابد ان تركز التحليلات الانثروبولوجية للابنية الاجتماعية على الانماط المتغيرة من العلاقات المؤسسية و الظروف التي تولدت فيها وعنها "وخاصة تلك التي نسميها ظروفا اقتصادية سياسية"لا على الفاعلين التقليديين
ج-يختلف تحليل الاقتصاديات السياسية عن تمثيل الدراما التاريخية الاسلامية في الشرق الاوسط اختلافا بينا جليا . وكل منهما تمرين على نوع مختلف من انواع الخطاب ولا يمكن ان يحل احدهما محل الآخر. بالرغم من انهما قد يكونا متواجدين بعمق في نفس السرد و هذا تحديدا لانهما خطابان!!
د-من الخطأ تمثيل انواع الاسلام بوصفها ترتبط بانواع من الابنية الاجتماعية على اساس المقارنة الضمنية بين البناء الفوقي (العقيدي او الايديولجي) و القاعدة (الاجتماعية) له.
ه- لابد من مقاربة الاسلام بوصفه موضوعا انثروبولوجيا ينبغي فعهمه بوصفه تقليدا خطابيا يرتبط اساسا بتكوين النفس الاخلاقية و تنظيم البشر او مقاومة هذا و انتاج المعرفة الملاءمة.

4
لو قرء المرء نصا انثروبولوجيا مثل نص جلنر قراءة متأنية قد يلاحظ ان الابنية الاجتماعية والسياسية في المجتمع المسلم الكلاسيكي تمثل بشكل محدد جدأ. وفي الواقع فان ما يجده المرء هو ابطال دراميين في صراع درامي . القبائل المنقسمة تواجه الدولة المركزية. البدو الرحل المسلحون يتوقون للمدينة و التجار العزل يخشون الرحل . و يتوسط الاولياء بين الجماعات القبلية المتصارعة وايضا بين الرحل الاميين و الاله البعيد ذو النوات. ويخدم رجال الدين المتعلمين حاكمهم القوي و يحاولون الحفاظ على القانون الربانيو تستخدم البورجوازية التطهرية الدين للحفاظ على مكانتها المتميزة. ويبحث فقراء المدن عن الاستمتاع في الدين. و المصلحون الدينيون يوحدون المحاربين الرعاة ضد الاسر المنهارة. و ينهار الحكام المرتعدون عبر زوال الوهم عن رعاياهم المدنيين الذين يتحالفوا مع القوة الدينية والعسكرية لاعداءهم من القبائل. وينزع التمثيل الذي يرى البنية الاجتماعية بوصفها مفاهيم لادوار درامية الى استبعاد المفاهيم الاخرى التي سنعود اليها قريبا جدا. لكن حتى السرد المختص بالفاعلين التقليديين يتطلب عرضا للخطابات التي توجه السلوك و التي يمكن تمثيل هذا السلوك فيها او اساءة تمثيله عبر تفاعل الفاعلين مع بعضهم البعض. في المسرحية بالمعنى المحدد سنجد ذه الخطابات في السطور التي يلقيها الممثل. بيد ان سرد جلنر يفتقد تماما لاي خطاب داخلي محلي
الفاعلون الممثلون الاسلاميون عند جلنر لا يتكلمون ولا يفكرون و انما فقط يتصرفون. و بدون ادنى دليل يعزي السلوك "العادي "و الثوري"لابطال الدراما وافعالهم في المجتمع المسلم الكلاسيكي. بالتأكيد ثمة مراجع في النص تشير الى "شركاء يتكلمون بنفس اللغة الاخلاقية"لكن من الواضح ان هذه التعبيرات هي مجرد تشبيهات باهتة لان مفهوم جلنر للغة انها مجرد وسيط يمكن عزله عن عملية الصراع السلطة". في سياق وصفه لعملية دوران النخبة "ضمن بنية لاتتحرك"يكتب على سبيل المثال "
"يوفر الاسلام لغة مشتركة ومن ثم نوعا من السلاسة في عملية قدحدثت او في طور الحدوث على اية حال و لو بشكل اصم واكثر وحشية"بعبارة اخرى لو نزع المرء لغة الاسلام المشتركة لن يتغير اي شيء ذي بال. ليست اللغة الا مجرد اداة لتيسير الهيمنة الموجودة في الواقع. هذه النظرة التي ترى اللغة بوصفها مجرد اداة غير كافية على الاطلاق- وهي غير كافية تحديدا ولا ملائمة اساسا لهذا النوع من السرد الذي يحاول ان يصف المجتمع المسلم باستخدام مصطلحات الدوافع التي تحرك الفاعلين المحددين على مستوى ثقافي. فقط عندما يضع الانثروبولوجي في اعتباره الخطابات المحددة تاريخيا و خاصة عندما يضع في اعتباره الطريقة التي يشكلون الاحداث من خلالها، يمكن طرح الاسئلة الخاصة بالطرق المتنوعة التي عالج بها الحكام المسلمين ورعاياهم مشكلة السلطة اوالقوة المادية او الاقناع او حتى مجرد العادات.
من المثير التفكير في واقعة ان جيرتز
الذي ينظر اليه عادة على انه مهتم اساسا بالمعنى الثقافي مقارنة بجلنر الذي ينشغل بالعلية الاجتماعية قد قدم في كتابه نظرة على الاسلام(22)
رؤية لا تختلف كثيرا عن رؤية الاخير. فكليفورد جيرتز(23) ينظر الى الاسلام نظرة درامية ايضا وفي الحقيقة لانه يدرك تماما اسلوبه الادبي الفخم فقد لجأ كثيرا الى استخدام تشبيهات مستقاة من المسرح السياسي. لقد صور السياسة الاسلامية في المغرب الكلاسيكي و اندونيسيا الكلاسيكية تصويرا جد مختلف في كل حالة ، لكن كل حالة وبطريقتها الخاصة هي صورة مسرحية. بيد انه بالنسبة لجيرتز مثلما الحال مع جلنر يتم التنظير للاسلام بوصفه دراما السلطة الدينية نتيجة حذف الخطابات الداخلية المحلية و نتيجة تحويل كل السلوك الاسلامي الى ايماءة يمكن قراءتها.

5

تخيل سرديات عن تعبيرات و نوايا الممثلين في الدراما الانسانية ليس الاختيار الوحيد المتاح للانثروبولوجي. فمن الممكن الكتابة عن الحياة الاجتماعية او الكلام عنها باستخدام مفاهيم تحليلية. و بكل بساطة فان عدم استخدام هذه المفاهيم يعني الفشل في طرح اسئلة معينة و الخلط في اعادة بناء الابنية التاريخية.
و كمثال فلننظر في مقولة القبيلة. هذه الفكرة محورية بالنسبة لنوعية الانثروبولوجي التي يعتبر نص جلنر مثالا جليا عليها. وعادة ما يستخدمها الكتاب الذين يكتبون عن الشرق الاوسط للاشارة الى تشكيلات اجتماعية ذات ابنية مختلفة و انماط حياة مختلفة تماما. وعادة عندما لا يتعلق الامر بطروحات نظرية فهذا لا يؤثر كثيرا .لكن عندما يتعلق الامر بمثل هذه الطروحات مثلما هي الحال هنا فمن المهم النظر في التأثيرات المحتملة الناجمة عن الاستخدام غير الدقيق لمصطلح القبيلة.
لايقتصر الامر فقط على ان هذا المسمى "قبيلة"به تنوع هائل في البنية التكوينية ولكن الاهم خصوصا هو البدو الرعاة الرحل ليس لهم نمط اقتصاد تقليدي. و تنظيماتهم الاقتصادية الاجتماعية لها دلالات مختلفة اشد الاختلاف فيما يتعلق بامكانية انخراطهم في السياسة و التجارة و الحرب. وقد طالب العديد من الماركسيين مثل (24)بيري اندرسون
بايجاد مفهوم "نمط الانتاج الرعوي"و قد اتبعه بريان تيرنر فاقترح استخدام هذا المفهوم كجزء من الطرح النظري الواعي عن الابنية الاجتماعية الاسلامية لان دول الشرق الاوسط يستوطنها رعاة رحل اساسا
و فرضية ان الرعاة الرحل في الشرق الاوسط المسلم لهم بنية اقتصادية و سياسية نمطية واحدة هي فرضية مضللة. و الاسباب التي تدعونا لهذا القول عديدة ومتشابكة ولا داعي للنظر فيها هاهنا، لكن نظرة سريعة على الموضوع ستذكرنا بمفاهيم عن البنية الاجتماعية تختلف عن تلك التي ماتزال قيد الاستخدام من قبل العديد من الانثروبولوجيين والمؤرخين المتخصصين في الاسلام.
واي دراسة عن القدرات العسكرية للرحل الرعاة مقارنة برجال المدينة لابد وان تبدء ليس من واقعة بسيطة هي انهم رعاة رحل، ولكن من عدة من الظروف الاقتصادية و السياسية المتشابكة بعضها ذات طبيعة نظامية و بعضها غير ذلك.من بين الظروف التي يجب ان تؤخذ في الاعتبار نذكر انواع الحيوانات التي يرعونها و انماط الترحال الفصلية و اشكال التنظيمات الرعوية و حقوق المرعى و الوصول الى نقاط المياه و توزيع الثروة الحيوانية و درجة الاعتماد على العائد من الاتجار بالحيوانات و درجة الاعتماد على الزراعة من اجل الاعاشة و درجة الاعتماد على الهبات و النوافل و الفروض من من هم اعلى منهم في النسق السياسي او من هم اقل
كل هذه الظروف يجب اخذها في الاعتبار و غيرها كثير عندما نريد ان نفهم حتى الاسئلة الاساسية مثل كم رجلا تستيطع القبيلة جمعه للحرب و باي قدر من السهولة و الى متى؟؟
على سبيل المثال في منطقة صحراء شمال السودان التي درستها منذ عدة سنوات تغير ت امكانيات تجييش اعداد ضخمة من المقاتلين
تغيرا دراميا فيما بين منتصف القرن التاسع عشر و منتصف القرن العشرين نتيجة للزيادة الضخمة في الماشية الصغيرة و التحول نحو تدابير واشكال تنظيمية رعوية اكثر تعقيدا و التدخل بشكل اكثر في مبيعات الحيوانات وتغير نمط حقوق الملكية . المهم هنا ليس ان هذه التجمعات القبلية هي النمط السائد في الشرق الاوسط ، وفي الواقع لايوجد نمط سائد ولا قبائل نمطية. وكل ما اقوله هنا ببساطة هو ان كل مايتمكن الرعاة الرحل من فعله او كل ما يستطيعون فعله مقارنة بالسكان المستقرين هو نتاج لعدة ظروف تاريخية تحدد اقتصادهم السياسي و ليس تعبيرا عن بعض الدوافع الرئيسة التي تميز القيادات البطولية الدرامية في القبيلة في سياق دراما اسلامية كلاسيكية. بمعنى آخر لا يمكن النظر للقبيلة بوصفها وسيط ثابت مثلها مثل اي "ابنية متغيرة"او "مجتمعات". انها ابنية تاريخية تتحقق في اطار محدداتها حدود امكانيات وحيوات البشر. وهذا لايعني ان القبائل اقل حقيقية من الافراد الذين يكونوها لكن مفاهيم الدوافع والسلوك و الاقوال لا تنتمي بالتحديد الى اي منحى تحليلي يتعلق بالقبيلة بالرغم من ان هذه المفاهيم قد تتواجد ضمنيا في السرديات المتعلقة بالوساطة. و تحديدا لان القبائل لها بنية مختلفة باختىلاف الزمان والمكان فالدوافع و اشكال السلوك و الاقوال المستعارة ستختلف كذلك.
و لاغرابة ان الفلاحين لا مكان لهم في محاولات تمثيل المجتمع المسلم على اساس خطوط حبكة درامية مثيرة. فلامكان للفلاحين ولا للنساء في الملاحم فهم لايفعلون شيئا. في سردية مثل سردية جلنر لا يلعبون دورا دراميا و لا يعبرون عن تدينهم تعبيرا واضحا مقارنة بالقبائل البدو الرحل و سكان المدن. لكن متى ما يتحول المرء الى مفاهيم الانتاج والتبادل سيجد المرء ان بوسعه ان يسرد قصة اخرى. فالزراع سواء من الرجال او النساء ينتجون محاصيل (مثلما يرعى الرعاة من الجنسين الحيوانات ويربونها) وهم يبيعون تلك المحاصيل او يدفعونها ايجارا او مكوسا. و يلعب الفلاحون حتى في الشرق الاوسط التاريخي دورا هاما في ما يتعلق بالتكوين الاجتماعي في هذه المنطقة ولكن علينا ان نرى هذا الدور باستخدام مفاهيما سياسية اقتصادية وليس باستخدام مصطلحات درامية.ولقد حدثت تغيرات كبيرة مهمة في القطاع الزراعي القروسطي ادت الى نتائج ذات اهمية قصوى فيما يتعلق بتطورالسكان في المدن و فيما يخص تطور الاقتصاد النقدي و ايضا فيما يتعلق بالتجارة عبر القارة او التجارة الاقليمية. وهذا ينطبق ايضا على الحقبة التالية قبل الحداثية بالرغم من التواريخ الاقتصادية تتكلم عن التغيرات بوصفها سلبية ادت لانحدار وليس نمو. ولا يجب ان يكون المرء من المؤمنين بالحتمية الاقتصادية لادراك هذه التغيرات و ادراك ان لها تأثيرات عميقة فيما يتعلق بقضايا السيادة و الاستقلال. وهذه المقاربة التي تدرس المجتمع الشرق اوسطي وتعطي اهمية خاصة للاثر بعيد المدى للحدود غير الشخصية لها اهمية قصوى فيما يخص الروابط التي لا تنفصم او ايضا المتنوعة بين الاقتصاد الاجتماعي و السلطة الاجتماعية . و ستذكرنا باستمرار ان المجتمعات التاريخية في الشرق الاوسط لم تكن قط مكتفية ذاتيا و لم تكن ابدا معزولة عن العلاقات الخارجية و من ثم لم تكن ثابتة بلا تغيير ابدا وحتى قبل اندماجها في نسق العالم الحديث. وعلى عكس هؤلاء الرواة الذين يقدمون لنا شخوص ثابتة منلمسرحية اسلامية لا تتغير يؤدون ادوارا ازلية مقدرة مسبقا ، يمكننا البحث عن العلاقات و التغيرات و الفروق التي تتجاوز الحالة الثابتة لمسرجخحية اسلامية. ومن ثم لن نكتب عندئذ عن بنية اجتماعية اسلامية اساسية ولكن سنكتب بالاحرى عن تكوينات تاريخية في الشرق الاوسط عناصرها لم تندمج بالكامل و لكنها ايضا لم تكن محدودة قط بالحدود الجغرافية للشرق الاوسط.. فعادة ما يتناسى المرء ان مصطلح "العالم الاسلامي "ليس عمفهوما مغلقا مكتفيا بذاته وانا هو مفهوم لتنظيم السرديات التاريخية. و لايعني هذا ان السرديات التاريخية لا تؤثر تأثيرا اجتماعيا بل على العكس تماما . لكن تماسك واندماج العالم الاسلامي هو تماسك ايديولوجي بالاساس انه تمثيل خطابي. من ثم كتب جيرتز "ربما انطبق الامر معلى الحضارات مثلما ينطبق على بني البشر فمهما تغير المرء ستظل الا بعاد الاساسية في شخصيته ثابتة في اطار اللحظة التي تشكلت فيها"لكن قدرية الشخصية التي يتحدث عنها انثروبولوجيون مثل جيرتز تصلح مادة لكاتب روائي وليس كلا شعور مادة دراسية تقدم نفسها على انها الاسلام للباحث الغربي

6

انثروبولوجية الاسلام التي ننقدها هنا تعرض علينا بناءا اجتماعيا تقليديا يتكون اساسا من رجال القبائل و سكان المدن و هما الحاملان الطبيعيان لنوعين اساسيين من التدين-حيث يتمحور التدين القبائلي المعتاد حول الاولياء و المزارات و يرتكز التدين المديني السائد على الكتاب المقدس. و ما اقوله هنا هو انه ان اراد الانثروبولوجي ان يفهم الدين عبر وضع مفاهيمه في سياق اجتماعي فلابد إذن ان الطريقة التي نصف بها هذا السياق الاجتماعي ستؤثر على فهمنا للدين.
و من ثم فإن رفضنا طروحة البنية الثنائية السكونية في الاسلام و التي يدعو لها بعض علماء الانثروبولوجية و إذا اردنا ان نكتب عن الابنية الاجتماعية للمجتمعات المسلمة باستخدام مفاهيم الامكنة والازمنة المتداخلة بحيث يصير الشرق الاوسط بؤرة للتلاقي و التجميع (ومن ثم تنطرح علينا امكانية تعددية التواريخ) إذن لابد ان الطوبولوجية الثنائية تلك ستلوح غير مقبولة على الاطلاق.
و طبيعي ان ثمة اشكال ثانوية بالاضافة للفئتين الكبيرتين المقترحيتين من قبل هذه النوعية من الانثروبولوجية التي نناقشها. ونجد هذا في كتابات جلنر و الآخرين ايضا. ومن ثم سنجد الاسلام الثوري في مواجهة الاعتيادي عند القبائل و هو الذي يندمج في تطهرية الاسلام المديني و يعيد الروح له بشكل دوري. وثمة ايضا الاسلام الصوفي النشواني الذي نجده عند اهل الحضر الفقراء والذي يعمل "كأفيون للشعوب"(25) فيبعد هذه الجماهير عن المشاركة السياسية الفعالة حتى يحد1 تأثير الحداثة ويحول اسلام الجماهير الحضرية الى النمط الثوري. وبشكل مثير تعمل الانواع الثانوية كمؤشرات عند جلنر احدهما مؤشر ايجابي والآخر سلبي وهما يحددان حقبتي الاسلام العظميين- اي بعبارة اخرى يمثلان التوالي التقليدي في اطار البنية المصمتة الصلدة الثابتةو يوضحان التطورات العاصفة و التحركات الجماهيرية في العالم المعاصر.ومن ثم فأن التسليم الظاهري بوجود اكثر من نوعين من الاسلام ما هو الا حيلة ادبية لاعادة تدوير مقولتي المجتمع المسلم التقليدي والحديث

ملحوظة
الجزء الثاني مع الملاحظات واالتعليقات فيما بعد

Article 12

$
0
0

مقالات عن الثورة ومابعد الثورة
1-
مجرد ملاحظات عن السياسة و الخطاب الانتحاري



في حديث مع صديق عزيز و مناضل حقيقي قديم قلت له ان الاخوان مثلهم مثل الحزب الوطني لا يمثلون حقيقة اتجاها سياسيا متجانسا و ان من الخطورة بمكان ان نتكلم عن تجانسهم و تنظيمهم لان هذا يؤدي الى استنتاجات خاطئة و تنبني عليه نتائج شديدة الخطورة وفوجئت به يقول ان الاخوان خانوا الثورة بقبول التعديلات الدستورية لانهم يريدون الفوز بالانتخابات البرلمانية القادمة وانه غير متفائل و غير ذلك من كلاسيكيات الكليشيهات المنتشرة اليوم على الانترنت و على صفحات الجرائد

وعندما قلت له انه من التعريف فان السياسة مثلها مثل ممارسة الرياضة التنافسية و المقامرة و غيرها من مجالات التنافس لا تسمح لغير المتفائل بالتواجد اي بعبارة اخرى لا يمكن ان تكون سياسيا و تكون متشائم اجابني ان لكل لعبة قواعد

واجد حوارنا السابق هذا مهما جدا لانه يعبر عن عقلية الخطاب الانتحاري التي مافتئت اتكلم عنها

http://kaffasharticles.blogspot.com/2006/01/blog-post.html

و اناقشها واكتب عنها منذ عام 2000 والتي ارى انها المسؤولة عن الكثير من مشاكلنا في مختلف المجالات...كيف يمكن ان ينزل فريق ليلعب مباراة او مصارع مثلا او ملاكم الخ وهو يستهدف ان يخسر باقل عدد ممكن؟؟ اليس معنى هذا انه من افضل ان ينسحب إذا كانت النتيجة محسومة مسبقا؟؟ كيف يريد انسان ان يقامر ليخسر ؟؟اليس من الاجدى ان يحرق نقوده؟؟؟

وكيف تكون سياسيا وانت ترى انه لا جدوى من الحراك السياسي؟؟؟كل مهمتك هي التحذير و اطلاق الصيحات الاستغاثية؟؟؟

http://kaffasharticles.blogspot.com/2010/07/blog-post.html

اليس الفعل السياسي مرتبط اساسا بالعمل الواقعي؟؟؟

بمعنى ان بناء التحالفات لا يعني الايمان بفكر الآخر و لكن فقط قبول العمل على ارض الواقع مع هذا الآخر ووفقا لمعطيات محددة وفي اطار هدف محدد

اليس من العجيب حقا الكلام عن خيانة اي فصيل سياسي للثورة لمجرد اختلاف رؤية هذا الفصيل مع رؤيتنا فيما يتعلق بعملية سياسية محددة؟؟؟

هل يمكن ان نتكلم في السياسة بشكل واقعي بعيدا عن ترهات التخويف المستمرة والتي تتعلق بمشاكل شخصية في المقام الاول وبدون الكلام عن اتجاه ولكن الكلام عن فعل على ارض الواقع ...فعل مشترك نتفق عليه او نختلف؟؟؟

بمعنى آخر هل يمكن ان نخرج من سجن الخطاب الانتحاري المفروض علينا عبر الخطاب النخبوي السياسي والاعلامي؟؟؟

اتصور ان هذا ممكن و ان الخروج من اسار الخوف وهو ما بدء يوم 25 يناير وتصاعد يوم جمعة الغضب العظيم يوم 28 يناير حين انهارت الآلة القمعية الفاشلة للنظام السابق قد حدث و هو اول خطوة حقيقية نحو التحرر من الخطاب الانتحاري.

Article 11

$
0
0

2-عن مقولتي الشرفاء و الفاسدين محاولة لفهم مختلف


كل من هاجم السجون بلطجية!!! كل من هرب السجناء ووقف يعطيهم الاوامر بالقتل والهجوم على المتظاهرين شريف!!! ضباط الشرطة قلة منهم الفاسدين لكن الاغلبية شريفة واخوة لنا

الملايين التي خرجت في كل مصر بلطجية

مصر بلد البلطجية هذا هو الاستنتاج الذي نصل اليه لو استمعنا لضباط الشرطة الشرفاء جدا جدا جدا الذين لم يكونوا من المرتشين و لكن كانوا فقط ينافسون الحكومة في ظل الاقتصاد الحر ويبيعون المخالفات باقل من تسعيرة الحكومة هذا في المرور !!! اما في المخدرات فكانوا يحرقون الصنف مع تجاره و مستهلكيه و ينالون لقاء هذا المجهود الجبار عمولة بسيطة ويا ولداه لا يمتلكون من حطام الدنيا شروى نقير سيارات بي ام وشيفروليه ومرسيدس وفيلات و شقق اسكان فاخر وكل هذا لوقوفهم ضد البلطجية وهم كل الشعب المصري.

هذه العقلية التي عبر عنها بجلاء السيد ابو قمر في الفيديو الشهير

http://www.youtube.com/watch?v=fH9WOS0BBYM

وهو الذي كان يأكل في مطاعم الاسكندرية ولا يدفع الحساب ، وهي العقلية لتي ترى العالم ثنائي استقطابي حذاء تلعقه وحذاء تطأه اي عقلية الانسان / الحذاء و هي العقلية النماذجية للجهاز الامني وهي عقلية دونية تنم عن فشل وكراهية للمجتمع وشخصية سوسيوباتية و سيكوباتية تصل في اقصى درجاتها الى التلذذ بتعذيب الآخر و بالطبع لا يمكن ان ننسى فيديوهات التعذيب و خالد سعيد وعماد الكبير وغيرها وغيرها

http://videoo.tv/ar-watch-28-16435.html

و في ادنى درجاتها تقبل التعامل مع مثل هؤلاء السيكوباتيين وتدافع عنهم باسم الزمالة وهو مانجده اليوم في الاسكندرية و السويس وغيرها من المدن وهي عقلية لا تتحمل المسؤولية لانها تظن نفسها فوق المسؤولية و لا تعترف بالقانون لانها هي القانون و بالتالي رؤية العالم الثنائية الخالصة التي ذكرناها سابقا

احنا وهما سادة وعبيد باشوات و اقنان

الى كل السادة الافاضل ممن يدعون ان من هاجم اقسام الشرطة هم بلطجية لو نظرنا للموضوع بشكل احصائي رقمي فقط لوجب علينا ان نسأل: كيف يمكن لعشرات من البلطجية اقتحام اقسام الشرطة كلها وتدميرها و هناك ضباط شرفاء بواسل اشاوس يدافعون عنها بالرصاص الحي الا يتطلب اقتحام مثل هذه القلاع الحصينة الوف بل ملايين وخاصة لو نظرنا لتعدد الاقسام التي دمرت؟؟؟وكيف يمكن ان يكون الآلاف بل الملايين التي هاجمت الاقسام كرمز للشر والكراهية و الذل الذي عاناه الشعب المصري تحت احذية الضباط /الاحذية اقول كيف يمكن ان تكون هذه الاعداد بلطجية؟؟

ترداد مقولة البلطجية التي وجدها الجهاز الامني كطوق نجاة يهرب به من كل آثامه و جرائمه والتي يرفض الاعتذار عنها بل ويرفض ان يحاسب عليها هو تعبير واضح عن الفشل الذريع لهذا الجهاز هذا الفشل الذي ثبت تماما في كل المجالات

الحل هو الحل !!! اي الغاء هذا الجهاز الفاشل تماما

الغاء الداخلية و تسريح الضباط ومحاسبتهم جميعا واسناد مسؤوليات الامن للمحليات وانشاء جهاز بحثي على اعلى مستوى من خريجي كليات حقيقية يدخلونها بمعيار الكفاءة وليس بالنقود والرشوة ولا المحسوبية

هذا هو الحل يا سادة

Article 10

$
0
0

3

الجهاز الامني و محاولات الاصلاح

فيما يخص جهاز الامن اعتقد ان المسألة ليست مجرد انعدام ثقة او هيبة او فاسدون في مواجهة شرفاء الخ

المشكلة في اعتقادي هي عقلية راسخة تكونت عبر اجيال و ترسخت في السنوات الاخيرة وخاصة مع تغول الجهاز الامني وتحوله الى قوة غاشمة لا راد لها او هكذا كان يظن من خلقها. و تتجلى هذه العقلية كاوضح مايمكن في حديث مجدي ابو قمر مدير امن البحيرة السابق و ايضا في الحوار التلفزيوني مع محمود وجدي وزير الداخلية السابق

و ما اقصده هنا ليس التعالي و لا العجرفة و لا الانكار الى آخر الصفات التي تظهر بوضوح في هذين المثالين ، اقصد تحديدا العقلية التي تنتج مثل هذه الشخصية و مثل هذه الصفات. انها ببساطة عقلية الفشل.

الاعتراف بالحق فضيلة كما يقولون

واول خطوات العلاج هي التشخيص

و اعتقد ان اول خطوات التشخيص هنا هي اعتراف بان الجهاز الامني السابق كان فاشلا على كل الاصعدة

ومن يجادل في هذا فلينظر هل نجح في حماية الدولة / النظامالتي / الذي كان عليه ان يحميها/ يحميه ؟؟

بمعنى هل نجحت الخطة الموضوعة للتعامل مع الحركات الاحتجاجية بشتى وسائلها في القضاء على هذه الحركات؟؟؟؟

دعونا ننظر في مثال واحد اتصور انه دال و مثير المثال الذي اقصده هنا هو القبض على وائل غنيم .

هل تصور من قدموا التقرير الامني و من اصدروا الامر باعتقاله ان هذا الاجراء سيؤدي الى اخماد الحركة الاحتجاجية التي يزعمون انه مشعلها ؟؟؟ببساطة من فعل هذا انما يذكرنا بمن يكذب الكذبة ثم يصدقها مثلما الحال مع شخصية جورج كوستانزا في السيتكوم الامريكي الكوميدي الشهير"ساينفلد"وهي الشخصية التي صارت مثالا كونيا على الفشل الذريع بل و استعذاب الفشل ايضا!!!

دعونا ننتقل الى مجال آخر نرى فيه كيف فشل هذا الجهاز وبجدارة؟؟؟؟

هل كان ناجحا في ضبط المرور ؟؟؟

نظرة عابرة سريعة للحال الذي كان سائدا من فوضى و اختلال امني و تفشي للرشوة بين كل الرتب و التي عانى منها كل سائقي التاكسي و الميكروباص و الحافلات و النقلو الملاكي في مصر تؤكد لنا مدى الفشل الذي وصل اليه هذا الجهاز المترهل المتغول.

هل نجح الشباب من خريجي الشرطة من قائدي الدراجات البخارية السريعةفي ايقاف نزيف الدم على كافة طرقات مصر؟؟؟ وهي المهمة الاولى لهم ؟؟؟ بل هل نجحوا في زيادة حصيلة الخزانة العامة للدولة ام نجحوا فقط في الاثراء غير المشروع عبر ما اسميه "منافسة الحكومة في بيع المخالفات باسعار اقل ؟؟؟"

دعونا لا يقتصر تحليلنا لعقلية الفشل هذه على هذين المجالين بالرغم من فداحة الثمن الذي دفعناه من ارواح ابناء الشعب المصري لننظر في مجال ثالث يتولاه هذا الجهاز و ايضا لنرى كيف تؤثر عقلية الفشل حتى في لحظات النجاح.

بلا شك ان قطاع الجوازات وامن المطارات من القطاعات التي تحسن اداء الجهاز الامني فيها تحسنا فائقا في السنوات الاخيرة . لكن هل ادى هذا التحسن لمنع تسرب المطلوبين للعدالة سواء من رجال الاعمال او غيرهم حتى؟؟

هل اختفت ظاهرة التسرب و التهرب الجمركي بل وهروب البعض عبر المرافيء المختلفة جوية ام بحرية ام برية؟؟؟

نظرة سريعة على مطار النزهة بالاسكندرية تقنعنا ان الاجابة الوحيدة على هذا السؤال ستكون بالنفي القاطع

فحتى في مجال تحسن الاداء فيه سنجد ان الفشل مازال مهيمنا ومازال راسخا صامدا.

لننظر ايضا في مجال الامن الشخصي سنجد ان هناك معدلات متزايدة لجرائم العنف والسرقات و الاغتصاب و غيرها من جرائم الاعتداء على الامن الشخصي بالمقابل سنجد تراخيا شديدا من جانب الجهاز الامني في تسجيلها ومحاولات مستمرة في التهرب من ملاحقتها ومن خلال تجربة شخصية تعرضت فيها لسرقة في قطار المترو قال لي الامين بكل ادب "عوضك على الله يا دكتور"و سألت نفسي كيف سيتعامل السيد الامين المكلف بحراسة امن المواطن مع مواطن ليس دكتورا ولا مقيما بالخارج و هي صفاتتعطي مميزات كثيرة كما نعلم جميعا؟؟؟؟؟؟

مرة اخرى اتصور ان الفشل هذا واضح وعلى كل الاصعدة و على كل مستويات الجهاز و اتصور ايضا ان اسبابه كثيرة منها اولا انعدام كفاءة المختار للجهاز الامني و تردي المناهج التي يدرسهاو انعدام كفاءة القيادات و رغبة القيادات العليا في البقاء في مناصبها لاكبر وقت ممكن و من ثم الاتجاه لترقية الاقل كفاءة و كل من هو متوسط محدود الذكاء و الموهبة

وغير ذلك من اسباب تخلق مترادفةهذه العقلية و تؤدي في النهاية الى هذا السلوك

اتصور ان من ضمن وسائل العلاجاللجوء الى اجراءات تتطلب شجاعة و حسم

فلماذا لا تعاد هيكلة الجهاز الامني مثلما تمت عملية هيكلة الجيش المصري بعد حرب 1967

وادخال عناصر من شباب الخريجين الجامعيين في الخدمة؟؟؟

ايضا لماذا لا تتم محاسبة سريعة لكل من تورط في جرائم وفساد لا يتم استثناء كبير ولا صغير؟؟

و لماذا لا نطبق قانون من اين لك هذا واقرارات الذمة المالية على اعضاء الجهاز الامني السابق؟؟؟

و لماذا لا تحال كافة هذه القيادات الفاشلة الى الاستيداع و تحاكم بسرعة و دون محاباة ؟؟؟

و هنا يحضرني مثالين واضحين

المثال الاول تقاعس ضباط الشرطة في الاسكندرية عن احضار المتهمين بقتل شهداء الثورةمن زملائهم واحدهم متهم بقتل 37 شهيد ومما زاد الطين بلة هوتهريب هؤلاء بعد اصدار الامر بحبسهم في سجن برج العرب على ذمة التحقيقات و محاولة هؤلاء الزملاء المتقاعسين الاعتصام دفاعا عن المتهمين اي مرة اخرى الفشل حتى في اتخاذ اجراء جاد دفاعا عنهم واللجوء لتصرفات طفولية تدلنا مرة اخرى على مدى فشلهم وانعدام كفاءتهم

المثال الثاني هو التقاعس عن تقديم مدير امن البحيرة السابق مجدي ابو قمر للمحاكمة بتهمة اهانة الشعب و سوء السلوك ناهيك عن من كانوا معه في الفيديو الشهير و خاصة من وافقوه رياء و اقتناعا

بل لماذا لا يتم حل الجهاز الامني بشكل جذري وتحويل صلاحياته الامنية الى المحليات مع الغاء اكاديمية الشرطة وتحويلها الى جامعة مدنية و تكوين جهاز بحثي مركزي متخصص يستقطب الخريجين من اعلى المستويات و من كل الكليات للعمل في مكافحة شتى انواع الجرائم ويدعم باحدث التكنولوجية؟؟؟


الفشلة يدعمون بعضهم البعض و في حالة السقوط لن نجد منهم مسؤولا واحدا يقف وقفة شجاعة ويعترف بالخطأ و نظرة واحدة الى من قدموا للمحاكمة ومحاولتهم المستميتة لالقاء التهم على الآخرين و عدم تحمل اي مسؤولية تؤكد لنا مرة اخرى مدى الفشل الذي وصل اليه الجهاز الامني وهو الامر الذي يحتاج لعلاج حقيقي واجراءات شجاعة...

الاجراءات الشجاعة هي العلاج الحقيقي وليس الترقيع


Article 9

$
0
0

ماهو الفرق بين مصر وبعض البلدان الاخرى؟

1- الهند

نسخر احيانا من الشخص المسرف الذي ينفق بلا حساب و لاتروي و نقول عليه انه هندي...هل نعرف انه في الهند شالوا انديرا غاندي وهي من هي بسبب استغلال النفوذ و قال صحفي هندي لصحفي مصري تخيل انها كانت تستخدم سيارة الحكومة في التنقل اثناء الحملة الانتخابية؟؟ وانها كانت تدفع اجورا وحوافز ا لموطفين حكوميين من مكتبها يقومون باعمال الدعاية لها وفي مصر واحدة بتقول ان الحكومة هي اللي بتدي الضباط عساكر يشيلوا الخضار للهانم و يجيبوا البيه الصغير من المدرسة

جيتا مهتا كاتبة هندية معروفة تعيش ما بين الهند واوروبا حكت انها كانت في المطار و سألها ضابط الجوازات لماذا تحملين جوازا هنديا وقد عشتي في الخارج سنين اين جوازك البريطاني ردت عليه لا احمل جوازا بريطانيا فاندهش: وقال لماذا؟افردت "لان دي ارض دين امي"واردفت "واوعى ابدا تنسى الموضوع ده"السلالم و الثعابين جيتا مهتا ص13

(because this is my damned soil. and don't you ever forget that) Gita Mehta , snakes and ladders

وفي مصر تسارع النجمة الى امريكا لتضع حملها ليحمل المولود الجواز الامريكي

في الهند يعرف المسؤول الحكومي انه موظف في الدولة و ان مرتبه يأتي من جيب دافع الضرائب وفي مصر يعتقد الموظف الحكومي انه من طينة اخرى وان مرتبه منحة الهية و انه يتعطف على الشعب حين يضربه بالحذاءلانه سيده واللي يمد ايده على سيده تنقطع ايده

وينضرب بالجزمة كما قال السيد مجدي ابو قمر

http://www.youtube.com/watch?v=fH9WOS0BBYM

وهو موظف سابق في مصر

الفرق ان الهند الآن اكبر ديمقراطية في العالم رغم تعددها الاثني و اللغوي و الثقافي و العقيدي و هي تتخذ سبيلها نحو ان تكون دولة عظمى على المستوى الاقتصادي

و احنا في مصر نأمل في الخروج من مشاكلنا عندما تتغير هذه الصورة

2-اليابان

عندما كنت في المدرسة الاعدادية في الستينات كان هناك درس من دروس الانجليزية عن اليابان وكنا نقرأه بسخرية شديدة

جابانيز بيبول ار بولايت اند اكتيف

وفي السبعينات خرج علينا طارق نور ابو الاعلان المتوجه نحو الجنس في مصر بثلاث فتيات شقراوات يتراقصن و يصفقن بايديهن في حبور شديد و هن يصرخن

حتقولي ياباني حقولك لا مش هي اسمها ميتسوبيشي الدودج الامريكية

صقف صقف وطبعا كن ينطقن الصاد سيناوبصراحة كانوا تلاتة فراودة

و في هذه الآونة اشتهر الياباني على انه المضروب ومع الثمانينات و ازدياد الياباني في الاسواق بدأنا نتكلم عن المشروع الياباني و رخص ثمن السلعة و غلو قطع الغيار و سهولة العطب الخ طبعا كان من يقول هذا هم خبراء الاقتصاد اللي جابوا ام الاقتصاد المصري ارضا...ما علينا

وكما يقول ساشا بارون كوهين في فيلمه الاخير برونو كلكم صينيون اساسا...تصورنا عن كل اهل شرق آسيا هو انهم كلهم متشابهون ...قصار القامة ينتجون منتجات رديئة و عيونهم ضيقة

للاسف الامر ليس كذلك تماما ...و اليابان ارض الزلازل و البراكين و الجزر الكثيرة و العملاق الاقتصادي الذي ارغم على الانحناء ليست الصين القوة اقتصادية الصاعدة وليست الكوريتين و هؤلاء جميعا ليسوا فيتنام

ما اقصده هنا ان كل بلد من هذه البلاد لها سماتها الحضارية المختلفة بالرغم من وجود سمات حضارية مشتركة تجمعهم مثلما هي الحال في كل بقعة من بقاع الارض

نعود للفرق بين اليابان ومصر ...في عصور الاقطاع اليابانية و قبل امبراطورية الميجي التي شهدت بداية النهضة اليابانية ظهرت طبقة من رجال السيف تشابه الفرسان الاوروبيين اسمها الساموراي و اتصور ان كلنا يتذكر فيلم توم كروز الشهير الساموراي الاخير. انتهت الطبقة مع التغيرات التي حدثت في اليابان ولكن الكثير من تقاليدها لم تنتهي ومن اهم هذه التقاليد الشعور بالمسؤولية الاخلاقية والذي يؤدي لشعور المسؤول المدني بالذنب عن اي حدث جلل او مصيبة كبرى و يتبع هذا الشعور فعل مهم جدا هو الانتحار بالسيف بشق البطن ثم الصدر بطريقة اشتهرت باسم الهاراكيري ...يعني بالبلدي كده ناس عندها دم...طبعا لن نطالب المسؤولين المصريين بالانتحار لكي لا يخرج علينا احدهم ويكفرنا ولكن على الاقل الا يحس المسؤول بالخجل ويعتذر عند حدوث المصيبة؟؟؟؟

لن نطالبهم ايضا والعياذ بالله بالاستقالة فكل واحد منهم يعتقد انه وكرسيه سواء وان ذهابه عن الكرسي يعني و العياذ بالله انهيار المؤسسة و اسألوا مكتبة الاسكندرية وغيرها من مؤسسات مصر

لكن هل نستطيع ان نطالبهم بالاعتراف بالخطأ وخاصة بعد الثورة و ظهور ان كل شيء ليس تماما؟؟؟

يا مسؤولي مصر شيء من الحياء والمسؤولية ...او لنقل شيء من اليابانية...وصقف صقف


Article 8

$
0
0

Take me into your hand*

An essay about handling and handing

Prologue:The mystery of first encounters

When Evald first talked to me about " Take me into your hands" we were heading towards a beautiful cozy restaurant in Ljubljana. I listened carefully as usual and it struck me immediately as a very playable play.

When I first got the soft copy I was dumbfounded. Here , is a play about life and learning ... about love and sacrifice...It is not a comedy neither it is a tragedy. I immediately phoned Evald and asked if we can switch the rolesmaking the male into a female and vise verse... He replied : absolutely not.When I first told Magda Mounir our friend and colleague about the play she just insisted thatshe must play the role of the owner of the bookshop. So I had a bit of a problem here...How can I resolve the paradox of the author insisting on not to change and the director of the theatre (for Magda is the director of the theatre that is going to produce the play in Egypt in November this year) wants to change??

What can the poor Translator/Dramaturge do in such situations?

What follows is what should be done ifany situation like that happens to another fellow Translator/Dramaturge and how can He or She convince the writer to accept drastic changes to his/her play!!!Not only did he accept but also asked me to write this essay about the transformation orrather the transmutation of the play.

I- General remarks about Flisar s Theatre ...or The Master of word-craft strikes again!

Evald Flisar is one of the most prominent contemporary Slovenian playwrights and perhaps the most prolific dramatic author of the Nineties (1). Flisar achieved this status because of certain conceptual, thematic and structural features we can find in his theatre. These characteristics are considered by lots of critics to be revolutionary and have overwhelming impact on the Slovenian drama (2).

In my opinion they are the following:

1- On the conceptual level Flisar opts in his drama for the classical acting (3). We can easily say that the role of actors in his theatre surpasses and trumps the other elements especially the visual elements. The concept of the Theatrical (4) in his theatre is very classical where actors are the pillars of the play and the text itself is the main subject with no resort to the extravagant and the spectacular.This does not mean that we can not make a spectacle out of his plays. In my opinion we can easily do that (5). This simply emphasizes the role of the author/playwright and separates it from the role of the director. In TMIYH, this is strikingly apparent. The play is a stream of dialogue, acting would be like a tug of war between 2 actors with no special visual effects. Scenography would be minimalistic and mise en scene should be simple. The play is simply about the words and acting.

2- On the thematic level the most recurring theme in Flisarology is the study of the relationship between Male and Female or what may be termed also the basic human relationship. Evald Flisar is trying to explore this relation from every possible aspect (6). For example, in Nora Nora he tried to see the relationship of lovers and married couples from all directions playing sometimes on the theme of swinging!!! In the original version of TMIYH he tries to explore this theme from the point of view Father / Daughter as well as from Teacher / student or Master / apprentice. Needless to say that the lovers' side is also tackled. So in reversing the roles I faced a very big challenge. The question was: How to redefine the characters using Arabic without disrupting the main theme? And on another level can this reversal enhance the other themes (7) of the play? Here I found the answer in the concept of the importance of the word and classical acting. So I tried to emphasize the role of the Master even if he is a she!! Also I resorted to the platonic notion of the human being where a person is both male and female (8).

3- One of the main structures used by Evald Flisar in his theatre is the mirror image (9). This is so clear in his Nora Nora. In this play we have 2pairs representing the mirror image of each other and this is depicted on the stage. Although this structure is as old as drama itself as some historian might claim (10), yet the Flisarian use of it is innovative and unique in a sense.In TMIYH we can see that the 2 characters are somehow the mirror image of each other. Together they represent most of the Straussian anthropological dualities (11). We have old/young, wise / naïve, responsible / irresponsible… in short CULTURE VS NATURE. This mirror image structure enabled me as translator/dramaturge to reverse the roles and rearrange the genders in the Arabic version. In the oriental mythology (12), the woman is seen as the womb of culture and the reservoir of traditions (13). This is an idea that has its effect on all the other cultures and is present in TMIYH (14).

II- Analyzing Take me into your hands

This play is the 6th play of Evald s that I translated into Arabic (15). & I read all the others. For me the main prominent feature that is present in all of them is the strong dialogue.

1- Swift words or visual trickery?

In many of modern plays we find the author almost always opting for some kind of visual extravagances or overusing body movements. This kind of theatrical is not Evald s cup of tea. He believes as I explainedbefore in the word as the main base for the Theatrical. His dialogue compels the translator to work hard in order to get into the heart of the meaning. As I noted earlier this feature distinguishes the notion of the Theatrical in Evald s world and in my opinion it emanates from Flisar s understanding of the theatre as a game of words manufactured by a crafty master and executed by well trained artisans. Sculpturing the words into a play is a craft that Evald Flisar has improved to almost perfection so that his dialogue resembles a game of Table Tennis between 2 Chinese grandmasters. You can not see the ball but you certainly know it is there.

Let us contemplate this Dialogue from TMIYH (16):

IZTOK: I have three grown-up sons. They send me Christmas cards. I may have grandchildren, but I have not been informed.

MAJA: Does that hurt?

The first lines of Iztok establishes his sarcasm and his loneliness , the reply of Majais 3 words but gives the mirror image of the character of Iztok.The dialogue is swift , informative , funny and revealing . That is what I call strong dialogue.

2- New/Old... Theme/ Model

One of the beloved themes of Evald Flisar that features in almost all of his work(17) is the theme of the journey. In his collections of short stories "Tales of wandering" (18), the journey was very evident. It was the model as well as the main theme of the stories. In his play the 11th planet(19) the journey was the theme rather than the model. We can see in his very famous work the sorcerer s apprentice that the journey is a model whilethe mainthemewas the relationship Master - apprentice which is a mystical and sofi theme that is stronglypresent in TMIYH.This theme is also the model upon which the play is structured. These themes / Models i.e. The Journey and Master / Apprentice are widely exploited inmodern literature and one of the Masters that exploited and explored them to the brim is the looney Argentinian grandmaster Jorge Luis Borges(20). This not only answers the question : Why the quotations from JLB? But also leads us to reconsider this textualizations as pointing the finger towards the Borgesian opinion about books and human knowledge in general (21)? In TMIYH the owner of the bookshop ( he in the Slovene version / she in the Arabic version) has an ambivalent attitude towards the books and knowlede in general and is also a Borges fan...They share the same opinion . An opinion that is expressed by Zaid. This ambivalence can be elucidated by looking through the mirror of Sofi tradition in Islam " we prey for you to protect us againstthe unbenificial knowledge" (22). This tradition also takes us also to the model /theme theJourney . There is uncountable number of stories about the journey of the scholar towards the truth . In TMIYH this is the journey of the main protagonist towards accepting the inevitable truth , Death. In TMIYH the theme/model are intertwined that creates lots of referential points and lots of points of articulations. Using Zaid s (23) as starting point of reference and also as the firstpoint of of articulation in the play , we can easily assume that thetheme here is knowledge is not neutral but it has useful as well as harmful effects. This is not only in the way of using knowledge but also in the way it is presented & perceived. Why we need knowledge? is a question that is usually avoided but bravely addressed in TMIYH.

Another point of articulation between the play and sofi tradition is the view ofDeath. Actually our perception of death and our knowledge of death is the hidden hand behind the scene and the driving motor of the journey in TMIYH. We can see this through another story from the Islam sofi tradition(24). In this story a mystic was asked what does he hates the most? He answered I hate the truth!!! People were preblexed but then another scholar explained that the guy means he hates Death which is the ultimate truth. In this story the relationship between knowledge / journey/ life / death is well illustrated and elucidated. The words of the wiseman contained concealed knowledge that could not be seen by the commons. His words represent in a way the essence of the knowledge of life as a journey towards the eternal truth ... death. TMIYH is like a modern version of this sofi fable. Both characters are exchanging knowledge and are learning from each other . Byteaching each other they attend a higher level of knowledge... knowledge about life , love and above all their selves!!! All the modern psychology , psychoanalysis , psychotherapy, and all the other techniques concerned with human psyche are adamant in their assertion of the importance of self knowledge(25).In a way we can see TMIYH as a journey towards this aim & by doing so it is fulfilling another classical function of theatre ... Catharsis.Because of this level of interpretation of the play I relied upon a very rich heritage of mystical knowledge and sofism in Islam , a heritage that extends along more than1400years up to our modern times.Actually my choice of the Arabic poet Mahmoud Hassan Ismail (26) depended mainly upon this tradition. Iwould say the choice was formal as well as thematic. Formal , in the sense that I was searching for a poet with the same inclinations as JLB and also thematic with poems that pertain to the poems chosen by Evald. The 2 quotations from JLB represent in my opinion 2 main points of articulations in the play (27). The first point is a poem about the nature of poetry , in translation I chose a poem by MHI called "poetry" (28) . Here , the concept of textualization has reached its perfection. A text within the originaltext where the former articulates with the later without touching it or dameging it, rather enhances the meaning. Juxtaposing the translated poemchosen by the master with the psudopoem written by the apprenticegives us the duality of true vs false( a mirror image) . The theme of the play is enhanced here as well as the model. Nevertheless this is not all. The poem is full of emotions and feelings and as MHI is famous of being a romantic and mystical poet of the generation of early 20th century of Arab poets , this strengthen the duality Intuition vs Reason which is also a theme in the play.Also, I think the world of imagery used by MHI is very close to the mysticomagical world of JLB and this again is another reason for using MHI as an Arabic surogate. In summary I think this point of articulation in the play denotes the main theme"the mirror image of the characters" and connotes the main model "the journey of the sofi".

The 2nd point of articulation in relation to JLBis the poem at the end of the play. Here we reach the end of the journey and see the eternal transformation through whichthe human beingachieve another level of consiousness(29). In the drama of TMIYH this is attained by the magical solution of "acceptance" or in sofi terms (QOBUL). By accepting Death the shop owner accepts destiny and LIFE as well. HE/SHE accepts that life is eternal and death is the truth and hence achieve another level of knowledge and reachanother level of consciousness. All these meanings are expressed by the poem of JLB, and we can find them in the poem of MHI which has the mystical title "prayer" or Salah in Arabic(30). The poet is calling for a mysterious love to come and approach him. Who is this one? Can this mysterious one be the angle of death? Can it be providence?The resemblance between the 2 poems is striking. More important on the structural level both JLB & MHI used images of mobility (31) and transformations that will lead us again to the model theme of the Journey.Here , the journey is not spatial but rather chronological. This journey is depicted in the play in the transformations of the characters but not in a spatial movement. The place is always the same but the time changes. In fact Time is in a hurry to rescue space!!!!

Here on the mythological level we have an inverted Greek cosmology. Where instead of Gaia (Earth) is preparing for the doom of Chronos (Time) (32), we have in the play Chronos saving Gaia.

Here , we can mention 2 important features in the play that relate to the theme/ model of the journey and the theme / model of the Master/ apprentice.

1- Both characters suffered from some minor illness ( cold in case ofapprentice and sprain in the case of the master). The illness here is not only purification for the soul but on a very formal level it is the traveler s illness. Sickness of a psychosomatic nature that accompany the journey. Both illnesses can also be seen as rituals of initiations and preparations for the transformation. As if by heating the body , the psyche is cooked and is prepared for another level of consiousness.

2- the ultimate solution for all the problems of the space was there all the time.The solution was a bond between Time and knowledge (33). It was collectors items of rare editions of old books. Here we can dwell upon the choice of the items in this magical wand of Flisar. They are 5 books. These books are: 1- en attendant Godot , 2-Ulysses 3- Les Fleures du Mal4- leaves of grass 5- the bible . Actually there were 4 books and only one page of the 1st book ever printed : the bible ofGutenberg. The waiting for Godot by Samuel Beckett is clearly a play about the journey and the waiting for the traveller . It is also about hope & the unknown as well as despair and the status quo, as we can see very pertinent theme to TMIYH. Ulysses isa novel by the Irish author James Joyce. It is the ultimate journey novel. It is also a milestone in history of littrature. Les Fleures du Mal by the French poet Charles Baudelaire is also a milestone in poetry. Its influence went beyond the European continent. Needless to say that MHI was so much affected by the book. One of his closest friends anda member of the same poetry circle in Egypt translated the book into Arabic (34). Leaves of Grass is the is a poetry collection by the American poet Walt Whittman (1819–1892). Though the first edition was published in 1855, Whitman spent his entire life writing Leaves of Grass(35) . As if the book is the life journey of the author. The connotation of the magical wand are infinite. Gutenber the inventor of printing deserved a mention in TMIYH. For what is more prominent in the journey of the human race through time than this revolutionary invention that made the preservation of Lore and Knowledge easier and available for everyone? But the symbolization of the items lies not only in the subject matter of each one but also in the genre. Wehave a play , a novel and 2 collections ofpoetry and one page of a book of faith. Aren t they the representation of knowledge and artistic ways of expression that use language as its carrier??

This meaning is augmented through the idea given by the apprentice to save the space.Selling CD sand music. If we juxtapose both ideas we shall have an old form of the preservation of knowledge (the book) and a new form of the preservation of knowledge (the CD) . Accepting both forms is the solution and through it we shall transform a bookshop into a cultural centre .. a higher level of consciousness. The space will die as a bookshop that serves a few people but like the mythical phoenix will rise again as a cultural centre to serve knowledge in different forms for a lot of people. Here we have the journey of the space intoa different level. It is a journey of the space but in time.

A journey that will bridge the gap between the old and the new. The climax of the play comes from within the theme and the structure in a very elaborate way.

3- The old vs. the New … an anthropological duality?

Evald Flisar dealt with the theme of the old vs. the new or the Old vs. Youth in lots of his works. In his novel "the monster of loneliness" or "My father s dream" he deals exclusively with this theme. In his "Hamlet & I" this theme is strongly present. Flisar s treatment of this duality is not the one we find in mythology (36). He is not praising the wisdom and foresight of the old nor is he debasing the foolishness of the youth. He is taking a more balanced and rather realistic position. For, first he is analyzing the duality then reconsiders it again. In other words he deconstructs the anthropological duality in an artistic way then reconstructs it in a dramatic way. This process has a certain similarity with what is called in Sufi terminology Takhlia Thoma Tahlia, or purification then sweetening. In TMIYH the old master is skeptical, sarcastic and in a way nihilistic. His fears have turned into follies. His old wisdom and lore is fading leaving bitterness and horror. He can not accept the truth and because of that he is doubting everything he had believed in. But this is one side of his-story! For in him the flame of hope is still burning under the dust of doubts. He has the urge to teach or in another word to transfer his knowledge; and because of that he is searchingfor the worthy apprentice. But, this is not all. For his- story has lots of facets. In him there is still alive the longing for knowledge as a true master never stops learning, he has this eternal need and unquenchable thirst to know and search for the unknown. Sometimes, this unknown is called the truth, others may call it Nirvana. Still others may name it enlightenment or we may simply say he wants to know himself. Deconstructing the myths (37) is a job that Flisar excelled in. in TMIYH the myth he deconstructed is that of the wisdom of the old. He reconstructs the golden cup on another level which is the level of self consciousness. This is achieved in a painful yet amicable way through deconstructing another myth that is the myth of the irresponsible youth or the prodigal son. They are twin myths or rather mirror image ones. For by entrusting himself to his disciple and by trusting her intuition , the protagonist/ father figure transcends his pains and sufferings & accepts life by accepting death in doing so he also accepts her wisdom. In the Arabic version with gender changes, the idea is still valid. The key action here is handling the situation through "the book" i.e. the knowledge transmitted through the book written by the owner of the bookshop to the son/apprentice and retaking it from him. Here I leaned upon a very old Egyptian myth (38) of the mother that gives her son the power/the knowledge & he in turn hands it over to her as a sin of acceptance. This myth represented a corner stone in the coronation ritual of the new pharaoh and some historians of theatre consider it a rudimentary form of the theatrical (39).

By accepting the deconstruction of the 2 myths and integrating the old one in the process of reconstruction I was able to handle the transformation of the play with its richness of levels. I was also able to hand over the responsibility of translation/ transformation into Arabic to the actors in Egypt.

But that is another part of the story.

III- Revisiting the problems of translations...The Handling & The Handing over

1-TheHandling

Translation into Arabic is a big problem (40). And translating a play into Arabic is a bigger problem (41). I discussed this topic in an article that was published several years ago in sodobnost (42). The main issue here is: a play is a play. That means it is meant to be performed not read, here we encounter the common problem of Arabic. There is 2 Arabic languages not one. The written Arabic which is sometimes called classical Arabic and the spoken or the dialect (43). In translating "Antigone Now!!!" I opted for the classical Arabic in a simple form called the 3rd language (44). This I thought was more appropriate and suits the subject & the tragedy we are trying to perform even if it is happening now (45). I also did the same in translating "Tomorrow"; I thought that the touch of grandeur given by the classical language is needed for the morale of the drama. But in "NORA NORA"& "11th planet"(46); I opted for the Egyptian dialect, knowing that they are going to be performed & that was my decision also for TMIYH. I think also what compels me to handle the play in this way is its genre. I would categorize it as a comedy albeit its strong tragic ending. The lines are comical, & funny. The atmosphere is almost slapstical. The dialogue is fast as we pointed before. Both characters are funny in their own way. For this kind of genre classical Arabic is not suitable as it is not perceived very comical.

Another problem that I handled during translation was the reversal of gender of the characters.I did so by changing the line of Ex.'sof the young female(48) into an extended family line that is more likely in Egypt and add to that it exploits certain elements of the political situation after the January Revolution(49). This will add spices to the play. I also watered a lot of the sexual innuendos of the young female because of cultural reasons as it is not appropriate in Arabic culture to have a sexually open young male addressing and older female. Also in reversing the sexes I thought it is more suitable to see the young protagonist as more attracted to the wisdom of his mentor rather than to her bodily charms. For the poetry written by the young apprentice I made it as silly as possible not only to enhance the juxtaposition but also to remind the audience of the silly son writers of today in Egypt thus enhancing the comedy. The rudeness of the old man was trimmed but not his sarcasm, I know that here I am accepting certain gender related stereotypes (50) but this enabled me to redefine the character as a cultural figure in the modern Arabic culture. I think this justifies my choice to a certain extent.

The handling of the play and arabicizing it was a big challenge but handing the product to the publisher, theatre and above all to Evald was even bigger.

2- The Handing over... Occident vs. Orient

Trust is the key word in this process of finalizing the script, handing it over to the actors and the board of the theatre as well as to the author.

Trust here has lots of meaning and many levels. On the personal level, trust is the base of the relationship that allowed the handover of the play first to me then back to Evald.I see this level also as the base of the relationship between the characters in TMIYH whither in the Slovene or the Arabic version. In TMIYH we can interpret the relationship as trust building. Through acceptance, rejection, denial and then acceptance again the trust is established. The pulling and tugging happened all the way and ended by mutual acceptance and trust. This is the same process that happened between me and Evald. Through work and mutual projects we reached this kind of trust that enables the person to hand over whatever he/she thinks precious to the other without fears or doubts. That is because one knows that the other is worthy of trust. This feeling of trust combined with the feeling of knowing someone who is worthy of trust has its Sufi dimension in the relationship Master / apprentice as well as in a relationship between 2 Sufis. This can be illustrated by lots of tales of almost all the faiths (51). They all elucidate how some one can see the capabilities of another person, even if this other is not aware of that.

Trust in the capabilities is another level of trust. It is trust in yourself as well as trusting the other. This level of trust merits some detailing in the story of the handing over. Music as an art form represents the pure form of artistic expression (52). Perception of music relies totally upon the feelings. In trying to translate the Arabic play into a performance I was advised by Magda Mounir (53) the actress who will play the shop owner in the Egyptian production of TMIYH to use life music played by a lute player. This idea transcended the whole concept of the performance and gave it a universal dimension. Not only because lute is a common instrument in both the oriental as well as the occidental music(54) but also because through music and songs we can observe the growth and development of the relationship between the characters. Needless to say it will add to the entertainment of the audience. The concept of the music as a narrative tool gives the idea of trust in the capabilities a broader perspective. Here intuition replaces logic and trust becomes as pure as music itself.

This transfers the idea of trust to trust in humanity itself. Trust that sees no borders and rejects the notion of conflicts of civilizations. I think we utterly need this kind of trust in this time of hatred and war and decline of all kind of values. I think also that this trust can be found in the making of TMIYH into an Arabic play to be performed in a theatre festival in La Paz capital of Bolivia.

For isn't it beautiful to have an Arabic theatre company performing in a Latin American countrya play written by a European author?

Isn't that the essence of the good side of the concept of globalization? A side that we must see and encourage.

* The latest play by Evald Flisar. Translated into Arabic by Ossama Elkaffash

Ossama Elkaffash

Zagreb 4th /8/2011

Footnotes:

1- Ravinjak , ViliDeconstructing the myth of romantic love, Tristan & Iseult, Goldhawk Press, London, 1994 page 91

2- ibid page 91

3- The late Dr Saleh Saad the Egyptian director & scholar described theatre of Evald Flisar as "a theatre that revives the role of the actor on stage" - Theatre Magazine, Cairo May 2005.

Interview about his direction of Nora Nora.

مجلة المسرح- الهيئة العامة لقصورالثقافة -القاهرة - مايو 2005 في حوار حول اخراج مسرحية نورا نورا .

4- The concept of the theatrical has been always an illusive concept. It is defined linguistically as: Of, relating to, or suitable for dramatic performance or the theater. (the free dictionary by farlaxhttp://www.thefreedictionary.com/theatricality) . American professors of drama and performing arts Thomas Postlewait & Tracy Davis defined it as "a sign empty of meanings and a meaning of all signs" (in the book edited by them :Theatricallity. Cambridge University press 2003) I defined it as the performance of the actors on a stage in my essay The 3 Ps Paradigm in Alarab weekly newspaper 21/11/2009 page 27

الشيناتالثلاث دور الممثل في الحالة المسرحية و ممارسة تقنيات الهجانة القفاش ، اسامة - جريدة العرب العدد الاسبوعي لندن 23-11-2009 ص 27

5- In my dramaturgical treatment of Flisar s play Antigone Now , I changed the scenry into a Nubian village on the shores of Lake Nasser and the play would have been produced as Musical.

6- Ravnjak, Vani op. cit. Page 92.

7- I tackled the problems of translation from Slovene to Arabic in my article

http://kaffasharticles.blogspot.com/2006/03/translation-from-slovene-to-arabic.html

8- The greek legendsaw a complete creature or the Hermaphrodite with male and female and was the product of theintercourse of Herms and Aphrodite

http://www.lilithgallery.com/library/hermaphroditus/

9- The mirror image concept is a concept used in lots of sciences and various fields of knowledge. It was introduced and elucidated in psychoanalysis by the French Psychoanalyst Jacques Lacan in his famous article the mirror stage. http://en.wikipedia.org/wiki/Mirror_stage

10- The utilization of the mirror image scenry in what is termed the pharaonic theatre is suggested in lots of articles and essays. See for example Nermeen Khafagy The Pharaonic Theatre.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=167315

خفاجي ، نرمين - المسرح الفرعوني في موقع الحوار المتمدن31-3-2009

Also Shafiq , Sobhy "the history of the pharaonic theatre"

http://egyptartsacademy.kenanaonline.com/topics/58246/posts/218803

شفيق، صبحي - تاريخ المسرح الفرعوني. في موقع اكاديمية الفنون بجمهورية مصر العربية.

11- The main theory of cultural anthropology of C.L.Strauss is based upon the idea of duality of Culture / Nature . This is well expressed in his major work " mythologique".

12- see Joseph Campell , The Masks ofGod vol.1 primitive mythology page 139 and after.

LONDON : SECKER & WARBURG : 1960

13- The myth of Isis the mother goddess in Pharaonic Mythologyis a good example here. See http://en.wikipedia.org/wiki/Isis

14- see Joseph Campell , The Masks ofGod vol.4 creativemythology page 42 and after Penguin compass.

15- I translatedinto Arabic the following works of Evald Flisar

1- Tales of wandering 2004

2- Nora Nora 2005

3- The eleventh planet 2005

4- Tomorrow 2006

5- Anthology of slovene short stories ( 2 stories) 2007

6- My Father s dreams 2007

7- Antigone Now 2010

8-Take me into your hand 2011

16- Page 6 in the soft copy of Take me into your hand. The dialogue goes as follows:

IZTOK: I have three grown-up sons. They send me Christmas cards. I may have grandchildren, but I have not been informed.

MAJA: Does that hurt?

IZTOK: Not as much as my back. Which hurts all the time?

MAJA: What do you appreciate in a woman?

IZTOK: Cleverness. Tolerance. Imagination.

MAJA: Are you happy?

17- See S.S. Nash, introduction in collected plays of Evald Flisar, page 13. Texture press. New York

18- "حكايات التجوال"تأليف ايفالد فليسار ترجمة اسامة القفاش مكتبة دار الكلمةللطبع و النشر القاهرة 2004

19-الكوكب الحادي عشر في "من المسرح السلوفيني المعاصر"تأليف ايفالد فليسار ترجمة اسامة القفاش دار الدار للطبع والنشر القاهرة 2005

20- Jorge Luis Borges has usedthe theme of the journey almost in all his writtings whither prose or poetry. The Theme of the teaching and learnin or Master/ apprentice is also utilised by him as for example in his short story repentenance (el repentimiento in spanish) from his short story collection ElAlif.

21- In his introduction to hisfamous short story collection The gardin of forking paths ("El Jardín de senderos que se bifurcan" Spanish title 1941 ) Borges expressed utter dispise to books. See ficciones prologo pagina 6.

22- This is a prayer of the prophet Mohamed. Seehttp://tabalkhater.barzan.ws/pages/p004.html

23- Gabriel Zaid wrote "The human race publishes a book every thirty seconds" and he further argued that most poeple are intersted in writing books not readin them. See So Many Books: Reading and Publishing in an Age of Abundance.

24- http://geeska.mountada.biz/t103-topic

25- Socrates guiding rule " Know Thyself" is probably one of the most used quotations and also can be seen as the mantra of all kinds of psychological therapies.

http://en.wikipedia.org/wiki/Know_thyself#By_Plato

26- Mahmoud Hassan Ismail1910-1977 a very important Arab poet from Egypt. Has 14 collections of poetry. He is considered to be one of the pillars of the romantic movements.

http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=ssd&shid=520

http://www.marefa.org/index.php/%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF_%D8%AD%D8%B3%D9%86_%D8%A5%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D9%84

http://medhatfoda.jeeran.com/m3th/adb%203th/3tha4.htm

http://www.arabicnadwah.com/articles/ismael-shusha.htm

27- The point of articulation is a medical concept where 2 bones are joined together with a joint.

http://books.google.hr/books?id=YyOCem-151sC&pg=PA367&lpg=PA367&dq=point+of+articulation++in+medicine&source=bl&ots=CcP8x2Gq4i&sig=Qpa3EEC_Qt-G3NE_XXBtpGVQOOQ&hl=hr&ei=10M8TuXkNo7BswbdlfEp&sa=X&oi=book_result&ct=result&resnum=1&sqi=2&ved=0CBgQ6AEwAA#v=onepage&q=point%20of%20articulation%20%20in%20medicine&f=false

Itis also used in phonetics the location at which two speech organs approach or come together in producing a speech sound, as in the contact of the tongue and the teeth to form a dental sound. Also called place of articulation.

http://dictionary.reference.com/browse/point+of+articulation

I use the concept to denote the point in a text where another text is used or refered to.

28- The poem is in the complete works of MHI volume 1 page 294

General authority for book- Cairo 2004

القصيدة بعنوان شعر في المجلد الاول من الاعمال الكاملة طبعة الهيئة العامة للكتاب القاهرة 2004 ص 294

The first 2 verses can be translated as follows

Poetry if heard by the Jinn , they will pray with their souls

If the its whisper enters in a pub the drunk will pray and the cups will say halliloja

29- The other level of consciousness is well documented whither in near death cases and their testimonies or in other experiences using drugs or even rituals. Carlos castaneda in his book The teachings of Don Juan and Carl Rogers in his book a way of being has spoken extensively about it.

30- The poem "prayer" is written 1938 from his collection of poetry " the king"

http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=77471&r=&rc=0

قصيدة صلاة او انت دير الهوى و شعري صلاة من ديوان الملك

أقبلي كالصلاة

أقبلي كالصلاة رقرقها النسك

بمحراب عابد متبتل

أقبلي أية من الله علينا

زفها للوجود وحيُ مُنزَل

أقبلي كالجراح طمأي

وكأس الحب ثكلي

والشعر ناي معطل

أنت لحنُ علي فمي عبقري

وأنا في حدائق الله

بلبل

It can be translated as follows

Come as a prayer ..

Come as a prayer soften by Asceticismofamonk in his cell

Come as god s providence for us given to the being throuh revelations

Come thirsty like wounds while the cup of love is mourning and poetry is a broken flute

You are an ingenious tune in my mouth and I am in god s gardens a nightingale!

31- MHI has used the image of a moving spirit and he is adressing another one

In his poem JLB has used the image ofsome that has already left and is now in the center of the labyrinth while he is also adressing another one

The writings left behind by those whom
Your fears implore won’t save you;
You are not the others and you see yourself
Now at the center of the labyrinth woven…
32- in the Theogony of Hesiod , lines 147- 206

http://www.sacred-texts.com/cla/hesiod/theogony.htm

33- One definition ofbook is the total available knowledge and experience that can be brought to bear on a task or problem. Here it is clearly the vector of knowledge in time.

http://www.merriam-webster.com/dictionary/book

34- Les Fleurs du Mal was first translated into Arabic by a friend of MHI and a great romantic poet Dr. Ibrahim Nagui. IN & MHI were member in the same poetry society . Apollo group.

http://medhatfoda.jeeran.com/m3th/adb%203th/3tha4.htm

35- Miller, James E., Jr. Walt Whitman. New York: Twayne Publishers, Inc. 1962.

36- There is lots of legends about the wisdom of the old, like for example the legend of the golden cup on the mountain.

See http://www.pitt.edu/~dash/type0981.html

37-Ravinjak , Vili op.cit. page92

38- The famous myth of Isis , Osiris and their son Horus

http://www.egyptianmyths.net/mythisis.htm

فجر الضمير - جيمس هنري برستيد - ترجمة سليم حسن

http://www.philae.nu/philae/IsisOsiris.html

39- For more about the history of performing art and theatre in Pharaonic Egypt see

http://kenanaonline.com/users/Arabmedia/topics/64383/posts/109617

also

موسوعة مصر القديمة للدكتور سليم حسن - مكتبة الاسرة- القاهرة الجزء 17 و 18 عام 2000

40- see Elkaffash , Ossama The art of translation and concept building in

Concept building an epistomological study & practical examples

اسامة القفاش - فن الترجمة وبناء المفاهيم ص127 في الجزء الاول من كتاب

بناء المفاهيم دراسة معرفية ونماذج تطبيقية

المعهد العالمي للفكر الاسلامي- القاهرة 1998

41- see Elkaffash , Ossamalingustic arts in Concepts of beauty ' an Islamic episteme

اسامة القفاش - الفنون اللغوية - ص57 من كتاب مفاهيم الجمال رؤية اسلامية

المعهد العالمي للفكر الاسلامي - القاهرة1996

42- see http://kaffasharticles.blogspot.com/2006/03/translation-from-slovene-to-arabic.html

Op. Cit.

43- see اسامة القفاش -مقدمة المجموعة القصصية اسكيمو تأليف ضامير قراقاش - ترجمة اسامة القفاش و اينس بابيتش - دار الكلمة القاهرة 2009

http://el-kalema.com/AR/index.php?page=shop.product_details&flypage=shop.flypage&product_id=299&category_id=38&manufacturer_id=0&option=com_virtuemart&Itemid=48&vmcchk=1&Itemid=48

Also

http://kaffasharticles.blogspot.com/2009/03/blog-post.html

44- The 3rd language is an idea proposed by the Egyptian writer Tawfiq Alhakim (1898-1987) as a solution for the duality of the Arabic lanuage. See also

احمد محمد المعتوق- نظرية اللغة الثالثة- دراسة في قضية اللغة العربية الوسطى

المركز الثقافي العربي 2005

45--ترجمةاسامة القفاشانتيجون الانفي عصر العولمة_تأليف ايفالد فليسار

دار الكلمة القاهرة 2010

46- نورا نورا مسرحية من تأليف ايفالد فليسار -ترجمة اسامة القفاش- دار الدار للطبع والنشر القاهرة 2005

في كتابمن المسرح السلوفيني المعاصر

47- Nora Norathe arabic version was first performed in Cairo at Alhanager theatre.14/2/2005

48- Take me into your hand the latest play by Evald Flisar to be performed in Cairo in November 2011- the Arabic translation to be published in 2012 by Dar Elkalema

49- The youthfrom the poor neighborhoods who defeated te security forces of Mubarak s regime were called by the regimes media the mobs or Baltagia in Egyptian slang. Friends of the youn assistant were from these area of the marginalized poor people.

50- Here we can see some relations to the stereotype of the weaker sex or the gentle sex.

51- see http://www.mkthabit.com/index.php?option=com_content&view=category&id=1014&Itemid=225

52- see اسامة القفاش - الفنون السمعية - ص21 من كتاب مفاهيم الجمال رؤية اسلامية

المعهد العالمي للفكر الاسلامي - القاهرة1996

53- Magda Mounir an Egyptian actress (1951-) studied drama and acting at high institute of theatre , Acted in Lots of Movies and tv series but is famous for her theatrical roles.

54- Lute can refer generally to any plucked string instrument with neck and a deep round back, or more specifically to an instrument from the family of European lutes.

The European lute and the modern Near-Eastern oudboth descend from a common ancestor via diverging evolutionary paths. The lute is used in a great variety of instrumental music from the medieval to the late baroque eras and was probably the most important instrument for secular music in the renaissance.

http://www.cs.dartmouth.edu/~wbc/lute/lute.html

Article 7

$
0
0

دور الحركة الإسلامية في المجتمع المدني

القاهرة - أسامة القفاش

يقصد بالحركة الإسلامية هنا مختلف اتجاهات التيار الإسلامي في مصر سواء ما تبلور في شكل تيار الإسلام السياسي بمختلف تضاريسه بدءا من الاخوان المسلمين وانتهاء بالتيارات التي تبنّت فكرة العنف مثل الجهاد والجماعة الإسلامية. كذلك يشمل المفهوم بالمعنى المستخدم هنا الاتجاهات الاسلامية التي لا تشارك في العمل السياسي مثل التبليغ والدعوة او السلفيين. ويتضمن المفهوم ايضا التجمعات ذات الطابع الإسلامي من دون أيديولوجية محددة سواء سياسية أو لا سياسية مثل لجان الزكاة والجمعيات الخيرية التابعة للمساجد.

ويجب أن نلاحظ في هذا الصدد أنه لا وجود لحدود دقيقة، خصوصا فيما بين البعدين الثاني والثالث وكذلك فيما يخص تداخل حركة الاخوان المسلمين، وربما كان الفرق الواضح هو تمايز التيار العنيف عن بقية اتجاهات الحركة الاسلامية.

مجال الرصد الزمني

اخترنا فترة الثلث الأخير من القرن العشرين فيما بين سنوات السبعينات وبالذات بعد 73 عاما فاصلا. وحتى العام 95 بوصفه عاما محددا آخر، يعتبر العام 73 عاما حاسما في الرصد لان التغيرات التي حدثت فيه كانت تغيرات كيفية فعبر حرب أكتوبر استطاعت حكومة الرئيس السادات ان تحل جزءا كبيرا من أزمتها الخارجية والتي كانت قد سببت الكثير من التوترات في الداخل وخصوصا في مجال الحركة الطلابية المصرية في الاعوام 71 و72 و73.

وكذلك شكل العام 73 نقطة انعطاف حاسمة في توجهات حكومة الرئيس السادات الخارجية والداخلية. إذ طرحت بوضوح بعده فكرة الحل الأميركي للقضية، وأيضا تغيرت التوجهات الاقتصادية الداخلية وطرحت سياسة الانفتاح الاقتصادي بديلا للحلول الدولية المغطاة بتوجهات أيديولوجية اشتراكية وترافق مع هذا الطرح الاقتصادي الذي يتيح الفرصة للقطاع الخاص والرأسمالية المحلية العالمية للاستثمار، طرح سياسي يدعو إلى الحرية السياسية وإطلاق حرية تكوين الاحزاب وشهد عقد السبعينات بعد 73 ظهور الاحزاب السياسية من جديد وعودة قوية إلى التيار الاسلامي السياسي بما يمكن تسميته بمرحلة القبول المتبادل بين الحكومة والتيار الاسلامي وعلى رغم اتجاه التيار منذ البداية إلى المعارضة، فإنه كان حليفا لاشك فيه للحكومة في معركتها مع التيار اليساري بمختلف اتجاهاته.

بينما على المستوى الآخر يعتبر العام 95 كذلك عاما فيصلا إذ دخلت الحكومة المصرية في مواجهة عنيفة مع الاخوان المسلمين وهي استمرار للمواجهة الدامية التي دخلتها ضد التيار العنيف من الجهاد والجماعة الاسلامية.

المجتمع المدني

مصطلح مراوغ مخادع وليس له تعريف واضح ومحدد. ونستخدمه هنا بحيث يشمل كل المؤسسات الاجتماعية خارج النطاق الحكومي بما في ذلك التجمعات النقابية العمالية والمهنية والطلابية والجمعيات الخيرية وحتى الشركات الخاصة والمراكز البحثية. فالمفهوم هنا هو مفهوم شمولي يجمع كل التنظيمات والمؤسسات خارج السيطرة الحكومية. وسبب هذا أن التحول من السيطرة التامة للدولة على مجالات الحياة كافة في مصر، جعل اي خروج عن هذه السيطرة نوعا من العودة إلى الحياة المدنية. كما ان إنشاء الشركات وتكوين الاتحادات كان احد وسائل الافراد للتنظيم والتجمع خارج نطاق الدولة. وربما كانت أبرز تجربة في هذا الصدد تجربة توظيف الأموال في الثمانينات.

عودة الحركة الإسلامية

شهدت السبعينات السابقة عودة التيار الاسلامي إلى الحياة العامة في مصر بشكل كبير بعد الضربات المتلاحقة التي وجهها نظام يوليو 52 إلى حركة الاخوان المسلمين في الخمسينات والستينات، وبعد سنوات الستينات التي شهدت معدلات متزايدة من إبعاد الدين عن المجال العام وقصر ذلك على الممارسات الفردانية ونحب ان نشير في هذا الصدد إلى ان الدولة لم تعلن قط عزمها فصل الدين عن الدولة تماما وما حاولت أبدا ان تعادي الدين في ذاته، وإنما كان العداء دائما موجها نحو التحرك السياسي لأية قوة.

وتجلت مظاهر هذه العودة - ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة أسبابها - في ازدياد الجمعيات الدينية الملحقة بالمساجد وظهور نوع من الشيوخ/ النجوم في مساجد بعينها على مستوى الجمهورية وتفوض «الجماعة الاسلامية» وهو الاسم الذي اختاره الطلاب المنتمون إلى التيار الاسلامي في انتخابات الاتحادات الطلابية على مستوى الجمهورية وازدياد نسبة الطالبات المحجبات، والطلبة الملتحون وظهور الكثير من المجالات ذات الطابع الإسلامي مستقلة عن الدولة (الدعوة والاعتصام الخ...).

ومثلت هذه المظاهر استجابة للكثير من متطلبات الأفراد في المجتمع المصري بشكل كبير.

فلم تكن الجمعيات الدينية في المساجد (التي ازداد عددها ونشطت حركة بنائها كثيرا بصرف النظر عن عملية انشاء المسجد تحت العمارات كنوع من الاستفادة من نوعية معينة من القوانين) مجرد جمعيات لتحفيظ القرآن أو الدروس الدينية وانما أصبحت جمعيات خدمة مجتمع محلي CBO من الدرجة الأولى وكنا نجد دروس تقوية (لمواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية بشكلها الفرداني مدرس - طالب) ومستوصفات (لمواجهة ظاهرة ارتفاع أسعار العلاج وضعف الخدمة الطيبة المجانية) ومشاغل (لمواجهة ظاهرة البطالة وعدم وجود أماكن عمل للخريجين على رغم التزام الدولة بذلك) ودور حضانة (لمواجهة ظاهرة عدم وجود رعاية عامة للأطفال وعدم قدرة المرأة العاملة على استجلاب مربية خاصة) وهكذا... بمعنى ان هذه الجمعيات مثلت استجابة لمتطلبات الأفراد في المجتمع بشكل كبير، وهذه المتطلبات ازدادت نتيجة لسياسة انسحاب الدولة من المجال الخدمي وترك هذا المجال للأفراد. ومن ثم فالدور الخدمي الذي لعبته الجمعيات الدينية في السبعينات كان دورا مطلوبا من الدولة ومن المجتمع على المستوى نفسه.

ولم يقتصر هذا الدور الخدمي المتميز على الجمعيات الدينية فقط (نذكر منها على سبيل المثال جمعية مسجد سيدي بشر بالاسكندرية) بل تعداه إلى المؤسسات الأخرى التي دخلها والتي دخلها التيار الاسلامي وخصوصا الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية فيما بعد.

كان المجال الخدمي هو المدخل الذي عاد منه التيار الاسلامي إلى الوجود بقوة داخل المجتمع في مصر في السبعينات وهو الذي أقصي عن الساحة طوال فترة الستينات.

يمكننا هنا ملاحظة أن هذه العودة استقبلت بترحاب من الدولة لأسباب كثيرة منها المساندة في المعركة السياسية ضد اليسار، ولكن السبب الأهم في نظرنا هو أن التيار الاسلامي لعب دورا مهما في تعويض الفرد عن انسحاب الدولة التدريجي من كثير من أنشطة الحياة الاجتماعية.

الأهم من احتياج الدولة لهذا الدور كان احتياج الفرد، وطبعا لا ننكر هنا أهمية الدين باعتباره مكونا اساسيا في ثقافة المواطن العربي/ المسلم بشكل عام، ولكن هذا الاحتياج شكّل أحد الروافد الأساسية لالتفاف الأفراد حول التيار الديني، وهذا المدخل أي رؤية استجابة الأفراد للتيار الديني بوصفها استجابة لتلبية احتياجاتهم على مستوى الخدمات الاجتماعية والتنظيم المجتمعي بعيدا عن الدولة والمجال السياسي، لا يعني اطلاقا التقليل من أهمية المجال السياسي وانما المراد هنا بالاساس لفت النظر إلى أن الفرد المصري تجاوز هذا المجال ربما لتشوه النمو السياسي وسيطرة الدولة، ولكن نلاحظ هنا أنه تجب المقارنة بين تجاوز المجال السياسي الحادث في مختلف دول العالم وظهور المواطن الاجتماعي المشارك في مختلف مجالات مجتمعة من دون المبالاة بالمجال السياسي كثيرا، وبين تجاوز المجال السياسي الذي حدث في مصر في السبعينات.

الدولة (المجتمع) التيار الاسلامي في الثمانينات

كان العام 1981 بمثابة نقطة تفصل في علاقة الدولة بالتيار الاسلامي وايضا في تحديد اتجاهين متمايزين داخل هذا التيار سياسيا.

لقد وصل الصدام السياسي الذي بدأ في نهاية السبعينات إلى أوجه - ولسنا هنا بصدد استعراض الصدام أو اسبابه - مع اغتيال الرئيس السادات، وأدّى هذا إلى الظهور الواضح لتيار رفض العنف داخل الحركة الاسلامية سياسيا (الاخوان) في مواجهة التيار العنيف (الجهاد - الجماعة الاسلامية الخ...).

وأدى هذا ايضا إلى قبول الدولة لدور سياسي (ليس فقط خدمي واجتماعي) للتيار الاسلامي الرافض للعنف لمساعدتها على مواجهة تيار العنف.

ومن ثم ازداد دخول التيار الاسلامي الرافض للعنف في المجتمع المدني وازدادت بالتالي طموحاته السياسية. وهنا تكمن - في نظرنا - المشكلة الرئيسية.

فبينما كان الأداء الاجتماعي للتيار الاسلامي محط تقدير واعزاز الفرد في المجتمع كان الطموح السياسي للجماعة محل صدامها المستمر مع الدولة. وكان الأفراد بشكل عام ومتزايد يبتعدون عن هذا الصدام ولا يتدخلون فيه.

ونضرب هنا مثالا حدث في الاسكندرية في مطلع التسعينات حين اعتصمت جماهير الورديان (إحدى المناطق العمالية والشعبية) مدافعة عن جمعية مسجد خيرية هناك، وتمت تسوية سياسية للوضع نظرا إلى قرب موعد الانتخابات البرلمانية. المشكلة أن الجماهير في مصر لا تبالي بالانتخابات البرلمانية (ونرجو مراجعة نسب تردد الأفراد على الانتخابات) ولا تبالي بتزويرها (ولا حاجة في نظرنا إلى دليل على هذا) بل وكل ما تطلبه من النائب البرلماني أداء خدمي مجتمعي. ونعتقد ان هذا لا يدل على قلة وعي الجماهير (وهي عبارة تستخدم دائما لتبرير فشل التيار السياسي) ولا على القهر السياسي (ونعتقد أن الحريات الديمقراطية المتاحة لم يتم استغلالها بشكل كامل حتى الآن) وانما يدل في نظرنا على أن الجماهير المصرية تجاوزت هذه المرحلة (السياسي المؤدي إلى الخدمي) وأن الحركة الجماهيرية الموازية (المراكز الصحية الناشئة، لجان الزكاة، الجمعيات الخيرية الخ...) تكرس دورا أكبر للمجال الاجتماعي وصولا إلى مفهوم المواطنة الاجتماعية بديلا عن المواطنة السياسية.

وأن الطموح السياسي (المشروع) للحركة الاسلامية الرافضة للعنف جعلها تنشغل عن أهمية الدور الاجتماعي الذي لعبته، وتغفل هذا التطور في موقف الفرد من السياسة ومن ثم تكرار الصدام مع الدولة وتكرار انفضاض الجمهور عن الحركة


نشر المقال بجريدة الوسط البحرينية

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 161 - الجمعة 14 فبراير 2003م الموافق 12 ذي الحجة 1423هـ


هذا المقال مكتوب منذ 16 عام. اعتقد ان به الكثير من الاراء التي ماتزال ذات اهمية وخاصة فيما يتعلق بالدور الخدمي و تطوير المجتمعات المحلية و ما يمكن تسميته بالديمقراطية المجتمعية او بتعبير انتونيو نجري الاستقلالية او الاوتونومي. هل يمكن ان نطور هذه الافكار ؟؟؟

اسامة



Article 6

$
0
0

الانسان و الفرد و المواطن

مفاهيم ثلاثة مختلفة و لايصح ان تستخدم وكأنها متشابهة

________

مدخل:

عن الاختلاط المفاهيمي و اهمية الدقة

هناك خلط مفاهيمي مستمر يحدث كثيرا عند الكلام على موضوعات شتى سواء في حياتنا اليومية او حتى في المقالات العلمية...مثلا هناك خلط بين مفهوم التجريم و مفهوم التحريم و مفاهيم الحلال و المستحب و المكروه و الحرام و مفاهيم العرف و التقاليد و غير ذلك كثير

هذا الخلط المفاهيمي يؤدي الى الاضطراب و انعدام التواصل و عدم القدرة على الضبط و ايضا يؤدي الى سيادة الكليشيهات و الاقوال العامة الخالية من المعنى او ما اعتاد الناس على تسميته بالانشاء يعني الكلام الفارغ بالبلدي

تحديد المفاهيم و ضبطها و ضبط الفروق بينها يؤدي الى الوضوح و بالتالي الالتزام و الدقة و الاتقان و يجنب المرء الكثير من الظن والمشاكل

الفرد

Individual

المواطن

Citizen

الانسان

Human

مفهوم الفرد

في اللغة

جاء فيمختار الصحاح مادة ف ر د

الفَرْدُ الوتر والجمع أفراد و فُرادَى بالضم على غير قياس

كأنه جمع فردان و الفَرِيدُ الدر إذا نظم

وفصل بغيره وقيل فَرائدُ الدر كبارها

ويقال جاءوا فُراداً و فُرادَى منونا وغير منون

أي واحدا واحدا و فَرَد بمعنى انْفَرد يَفْرُد بالضم فَرادةً بالفتح و تَفَرَّدَ بكذا و اسْتَفْرَدَهُ انفرد به

2 في العلوم الاجتماعية

ظهر مفهوم الفرد في العلوم الاجتماعية مع نهايات القرن الثامن عشر و اشتقت

المفردة الانجليزية من اصل لاتيني قروسطي

ارتبط المفهوم عند فلاسفة التنوير الفرنسيين بفكرة الفردانية و التفرد

وهو يرتبط كثيرا بمفهوم الهوية و من ثم بمفهوم المجتمع و في الرؤية الماركسية يرتبط بصعود البورجوازية وظهورها كطبقة ثورية تستهدف الاطاحة بالنبالة و الاقطاع و اقرار الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لك فرد في المجتمع بصرف النظر عن اصله و عرقه. و ظهور الكينونة الفردية مرتبط في اوروبا بظهور ونمو ثم سيطرة البورجوازية. بمعنى ان الكلام عن حقوق الفرد انما هو كلام عن حقوق اجتماعية واقتصادية بالاساس

و نلاحظ ان ما يسمى الحقوق الاقتصادية للانسان او الجيل الرابع من حقوق الانسان قد بدء في الظهور
في النصف الثاني من القرن العشرين وتبلور في

ميثاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

و هنا نحن نتكلم عن علوم غربية حداثية بالاساس اي وضعت في الغرب بالمعنى الفلسفي للكلمة لا بالمعنى السياسي او الجغرافي. ووضعت في عصر الحداثة بالمعني الفلسفي ايضا و استخدامنا العربي المعاصر له يرتبط بكل هذا و لا يرتبط بالضبط بالمعنى المعجمي الاصلي كما هو واضح.
الحاصل

هنا ان مفهوم الفرد كمفهوم اجتماعي يختص بحالة الفرد في الجماعة

الفرد هنا حالة اجتماعية تعبر عن مفهوم لشخص من بني البشر يعيش في مجتمع اي

في حالة اجتماع وتكوين جماعة

ومن ثم فان مجموعة الافراد هي الجماعة .

و عند

علماء الاجتماع وعلماء النفس سنجد كثير من الطروحات بصدد تكوين الجماعات ودورها في حياة البشر و اهدافها و هذا ما لسنا بصدده و المراد بالتحديد التأكيد على ان مفهوم الفرد مفهوم اجتماعي و انه مشتق من وجود الفرد في جماعة!!!

و من ثم فهناك حالة اسبق على وجوده وهي وجود الفرد في ذاته وهذا ما

نعبر عنه بمفهوم الانسان وهو بالتالي مفهوم فلسفي يعبر عن تواجد فيزيقي هو الجسد البشري.

مفهوم الانسان

في اللغة

جاء في

مختار الصحاح

أ ن س: الإنْسُ البشر والواحد إنْسِيٌ بالكسر وسكون النون و أَنَسِيٌ بفتحتين والجمع أنَاسِيُّ قال الله تعالى {وأناسي كثيرا} وكذا الأَنَاسِيَةُ مثل الصيارفة والصياقلة ويقال للمرأة أيضا إنْسانٌ ولا يقال أنسانة وإنسان العين المثال الذي يرى في السواد وجمعه أَنَاسِيُّ أيضا وتصغير إنسان أُنَيْسَانٌ قال بن عباس رضي الله عنه إنما سمي إنسانا لأنه عهد إليه فنسي و الأُنَاسَ بالضم لغة في االناسِ وهو الأصل و الأَنِيسُ المؤانس وكل ما يؤنس به وما بالدار أنيسٌ أي أحد و آنَسهُ بالمد أبصره و آنَسَ منه رشدا أيضا علمه وآنس الصوت أيضا سمعه و الإيناسُ خلاف الإيحاش وكذا التأْنيسُ وكانت العرب تسمي يوم الخميس مُؤْنِساً و يُونُسُ بضم النون وفتحها وكسرها اسم رجل وحكي فيه الهمز أيضا و الأَنَسُ بفتحتين لغة في الإنس والأنَسُ أيضا ضد الوحشة وهو مصدر أنِسَ به من باب طرب و اَنَسةً أيضا بفتحتين وفيه لغة أخرى أنَسَ به يأنس بالكسر أُنْساً بالضم

في العلوم الانسانية والقرآن

جاء ذكر الانسان في القرآن الكريم 65مرة اقترن فيها ذكره بصفات كثيرة

المقصود هنا رؤية ان الاستخدام القرآني للكلمة كان عموميا وليس في محل اقتصادي او اجتماعيو الانسان كمارأينا في اللغة اسم جنس اي لا يؤنث ولا يذكر وهذا امر مهملان هذا يجعل من المفهوم مفهوما اصوليا انطولوجيا بالمعنى الفلسفي للانطولوجية اي اصل الاشياء و هو هنا يعبر عن التواجد الفيزيقي للانسان او الشخص من بنيالبشر و هذا التواجد الفيزيقي هو ما يعرف بالجسد و بالطبع النفس و الروح.. نخلص مما سبق الى ان مفهوم الانسان مفهوم فلسفي بالاساس و عندالكلام عنه نتكلم ايضا عن حرمة النفس البشرية و حرمة الجسد الذي هو التعبير الفيزيقي عن الانسان.


مفهوم المواطن


في اللغة

جاء في مختار الصحاح

و ط ن: الوَطَنُ مَحَل الإنسان و أَوْطَانُ الغنم مرابضها و أَوْطَنَ الأرض و وَطَّنَها و اسْتَوْطَنَها و اتَّطَنَها أي اتخذها وطنا و تَوْطِينُ النفس على الشيء كالتمهيد و المَوْطِنُ المشهد من مشاهد الحرب قال الله تعالى"لقد نصركم الله في مواطن كثيرة".

في العلوم الانسانية

من هذا التعريف سنجد ان مفهوم المواطن اي مستوطن الوطن مفهوم حديث جدا في الفكر العربي فلا وجود ه في المعجم. هنا نجد ان الاستدلال بالغياب مهم فمن الواضح ان المفهوم مترجم وعندما نرى انه مفهوم مترجم عن
citizen

اي قاطن المدينة و تفكيك الاشكالية تماما يعيدنا لاصل المفهوم

فاصل المفهوم اغريقي يعود لساكن المدينة/الدولة

. بمعنى ان مفهوم المواطن هومفهوم سياسي يتكلم بالاساس عن حقوق ممارسة العمل السياسي في دولة معينة و التمتع بما يضفيه عليه هذا الحق من حقوق واداء ما عليه من مسؤوليات وواجبات تجاه هذه الدولة.ارتباط المفهوم اساسا بمفهوم المواطنة اي حق الانسان/الفرد في الانتماء لدولة ما و بالمفهوم الحداثيلدولة قومية

Nation-state

والترجمة العربية الحديثة رأت فكرة الدولة لانه ارتبط كمفهوم بحقوق الانسان السياسية فيالدولة.


ما نريد ان نخلص اليه في هذا العرض السريع هو ان المفاهيم الثلاثة لا

تترادف و ان كل منها يستخدم في مجال معين ومن ثم له مستدعيات فالانسان كمفهوم اصولي انطولوجي يستخدم في حقل الفلسفة والنظريات العامة اوالسرديات الكبرى و عند الكلام عن حقوق الانسان يجب ان نعي اساسا اننانتكلم عن احترام الجسد و حرمانيته

اما الفرد فهو مفهوم اجتماعي/ اقتصادي يتعلق بحقوق الشخص في الجماعة البشرية التي قد تكون اكبر او اصغر. من الوطن او الدولة او لا ترتبط بهما اساسا ومعظم الكلام عن الحقوق هنا هو كلام عن حقوق اجتماعية و اقتصادية مثل حق العمل و حق السكن وحق التعليم وحق الصحة الخ
اما المواطن فهو مفهوم سياسي /قانوني بالاساس و لذا الكلام عن حقوق سياسية قانونية مثل حق الانتخاب وحق الترشيح و حق التظاهر الخ

اتمنى ان نتوخى الدقة عند استخدام هذه المفاهيم و هذا لان التدقيق جزء من الاتقان والله اعلم

Article 5

$
0
0

عودة للخطاب الانتحاري

محاولة تفكيك نصوص الخطابونماذج منتجيه/مستخدميه

منذ ان بدأت الكتابة

عن مفهوم الخطاب الانتحاري في عام 2004

وانا اواجه تساؤلات كثيرة عن مكوناته و ماهيته و النصوص المكونة له . و سأحاول هنا ان احدد بداية مجموعة مفاهيم اساسية لفهم الموضوع بصفة عامة ثم احاول ان اقدم رؤيتي لمكونات الخطاب الانتحاري في شكل نصوص محددة في مجالات مختلفة و اخيرا اطرح نماذج تصورية لمستخدمي الخطاب لتيسير عملية الفهم و بالتالي استيعاب اسباب سيادة الخطاب الانتحاري و قبولنا له . و ايضا تفهم كيفية التعامل معه و مع النصوصالمكونة له لتجاوزه و التخلص من اساره.

مفاهيم اساسية:

الخطاب:

يعرف فوكو الخطاب

بوصفه الاقوال و الافعال و التصرفات و العادات السائدة في مجتمع ما في لحظة زمنية ما. (في كتابه اركيولوجية المعرفة ) او علم حفريات المعرفة. هذا التعريف يجعل الخطاب مفهوما شاملا نحيا فيه و نحيا به و تساؤلات فوكو كانت بالاساس عن كيف يتم التحكمفي الخطاب في اي مجتمع في اي لحظة وما هي وسائل الضبط التي تجعلنانتقبله او كما قلت من قبل نبتلعه؟؟

يمكننا في هذا الصدد استعارة مفهوم انطونيو جرامشي عن الحس العام او

Common sense

الذي يجعل من حالة تقبل و ابتلاع الخطاب حالة السواء و حالة رفض الخطاب السائد هي حالة الثورة و من ثم يربط جرامشي اساسا الخطاب بمضمونه الطبقي و يوضح ان الطبقات المسيطرة تعمل بكل ما تملك من وسائل على استمرار سيطرة الخطاب على الطبقات المسيطر عليها عبر قنوات ووسائل عديدة من قمع و غسيل مخ و فرض افكار و رقابة الخ... فوكو يربط في العمومبين الخطاب و السلطة و يقدم آليات سيطرة الخطاب بوصفها آليات السلطة و من هنا تأتي مقولة المعرفة كسلطة تلك المقولة التي سادت منذ اقدم العصور.

دراسات الخطاب في تصوري من اهم انواع الدراسات الانسانية و هي دراسات تتجاوز حدود الحقل المعرفي الواحد و تتداخل فيها الحقول المعرفية و تتصارع وتتشابك. هي دراسات بينية نرى فيها نتف من علوم اللغة و علم الاجتماع و علم النفس بمدارسه المتعددة و انثروبولوجية المعرفة و مباحث الفلسفة المتعددة وحتى العلوم البيولوجية وخاصة في عملية بناء النماذج و طرح الاستعارات الرمزية.

وقد يعتقد البعض ان علوم الخطاب هي علوم وحقول معرفية حديثة او مستحدثة بينما في تقديري هي علوم قديمة قدم الوجود البشري.

و يمكننا النظر الى نصوص الاهرام مثلا بوصفها دراسات في الخطاب الفرعوني في زمانها.

و يمكننا ايضا ان نرى دراسة متعمقة لخطاب عصر بكاملهبمنهج انثروبولوجي متعمق مقارن في كتاب البيروني

تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل ام مرذولة

ينقلنا المفهوم بهذه الصورة الى ما اسماه فوكو مفردات الخطاب

و من ثمالى منهجية تحليل الخطاب .

اتصور ان مقولة بشار بن برد الشهيرة "لكل مقام مقال"تصلح كقاعدة اساس في تحليل الخطاب و هو ما اسمته ليندا جراهام

Different horses for different courses…

او لكل مضمار جواده!!!

من القواعد الاخرى التي تلي هذه القاعدة في الاهمية عدم تجميع اشياء متشابهة في نفس المنظومة فربما كان التشابه شكليا او وظيفيا وليسعضويا او تصنيفيا . ايلا يجوز مثلا ان نجمع بين جناح الطائر وجناح الفراشة لان الجناح في الحشرة ليس ذراع متحور مثل جناح الطائر و التشابه هو تشابه وظيفي فقط

ايضا من القواعد المهمة في تحليل الخطاب اكتشافالبنية الرمزية الكامنة في نصوص الخطاب حيث ان بناء النماذج و الاستعارة من اسس الخطاب و اكتشاف هذه النماذج يؤدي الى فهم طبيعة الخطاب و تحليله ومعرفة كيفية استمراره وسيطرته و طبيعة سلطته.

النص: اهم مفردات الخطاب و هو المنتج الفرداني في لحظة معينة . ثمة نص مرئي و نص مقروء ونص مسموع فالناس تتكلم وتتحرك و تكتب في كل وقت و لا تكف عن انتاج النصوص التي عند تجميعها و تحليلها و تصنيفها نحصل على بنية الخطاب

النموذج: الخطاب في اساس بنيته رمزي و يعمل على المتخيل و من ثم يتكون من نماذج ويمكن ان نراه في شكل نماذج بنائية كما عبر عن ذلك استاذنا المرحوم العلامة الموسوعيالدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله ونفع بعلمه ك من يريد ان ينتفع. و النماذج البنائية صور او سكتشات تحول الواقع الى تمثيله في ذهنية الانسان ومن ثم يستطيع كل فرد ان يصيغ نماذجه التي تيسر له تقبل الخطاب و استيعابه و ايضا عبر النماذج النمطية العمومية او الكليشيهات يتم ابتلاع الخطاب

لحظة الوعي: هي تلك اللحظة الفارقة التي يتحول فيها ابتلاع الخطاب السائد الى رفض له او باستخدام نفس النموذج لفظ له و طرد له خارج منظومة الفرد الادراكية.

هذه المفاهيم الاساسية تعيننا كثيرا على فهم و ادراك واستيعاب مفهوم الخطاب و من ثم على تحليله و تحليل النصوص المكونة له اي مفرداته و تصنيفها وبناء نماذج خاصة بنا لتيسير هذهالعمليات و من ثم تجاوزه و اخروج من إساره ان اردنا!.

في تصنيفنصوص الخطاب الانتحاري :

بداية محاولة التصنيف هذه لا تعني ان كل صنف او نوع من هذه الاصناف موجود بشكل متبلر واضح بل سنجد ان هناك تداخل بين انواع النصوص و ان النص الواحد في الواقع قد ينتقل من صنف الى صنف و يجمع عدة اصناف في طياته لان الرسالة النهائية واحدة و هي اساسا تكريس سيطرة الخطاب المهيمن او السائد وهو في حالتنا هنا الخطاب الانتحاري.

و اتصور انه يمكننا من خلال التصنيف بناء نماذج رمزية تمثل صور منتجي هذه النصوص ومرة اخرى النماذج متخيلة وليست قطعية و هي للتمثيللا للتحديد.

و اخيرا يمكننا رصد سمات عامة تجمع هذه النصوص بحيث تساعدنا على ادراك الخطاب الانتحاري كما سبق وان قدمنا.

في تصوري يمكننا تمييز 4 اصناف من النصوص من داخل الخطاب الانتحاري هذه اصناف هي مايلي:

أ- النص العلموي:

هنا سنجد النص مزدحما بالمصطلحات الكبيرة و التي تبدو علمية و معظمها غير دقيق و لا صحيح و لا يتورع منتج النص العلموي عن اختراع المصطلح اعتمادا على ان جمهور الخطابلا يمحص و ان سطوة العلم و سلطة المعرفة ستعمل على تيسير ابتلاع النص.

ايضا يفيض النص العموي بالمعلومات و بدون تحليل ولا سياق بل ان بعضها قد يكون مفبركا او مختلق من الاساس. منتج النص يستخدم سلطة العلم في مقابل خضوع عدم المعرفة لتكريس سلطان نصه على جمهور الخطاب.

يمكن مراجعة هذه الامثلة للنص العلموي فيما يلي:

http://kaffasharticles.blogspot.com/2006/01/blog-post.html

نلاحظ هنا ان المستشار/ المستشارة يخالف ابسط قواعد العلم فيصدر حكما او يعطي تشخيصا لحالة بدون الاستماع للحالة ولا دراستها امبريقيا و بدون اخضاعها للكشف السريري الاكلينيكي. بل يصل الى اعطاء نصائح علاجية للحالة بدون حتى استشارة الحالة . ايضا سنلاحظ ان ثمة مرض جديد اخترع للتو هو ادمان العادة السرية لتبرير التشخيص و العلاج.

من الامثلة الاخرى سنجد:

http://kaffasharticles.blogspot.com/2008/06/blog-post.html

هنا سنجد الخبير كما وصفه المقال يشخص مرضا فرديا و يطلقه كحكم عام على الوف من البشر في خرق صارخ لكل قواعد العلم والبحث و العلاج!!! الادهى والامر ان سيادته يستخدم مصطلح الشخصية السيكوباتية استخداما مغلوطا سواء عن عمد او عن جهل فالامر سيان.

ب- النص الفارغ:

يزدهر هذا الصنف في اعمال النقد الادبي و الفني و السنيمائي و المسرحي باختصار في اعمال النقد الفني بصفة عامة .حيث هنا المعايير شخصية و الحكم انطباعي ومن ثم سنجد ان من اهم مميزات هذا النوع من النصوص انه يحقق قول الشاعر القديمالشيخ جمال الدين بن نباتة:

كلامكَ يا هذا كفارغ بندقٍ خليٌ من المعنى ولكن يقرقع

من مميزات النص الفارغ سنجد ازدحامه بالكلمات الكبيرة و التراكيب اللغوية و التعبيراتالمعقدةالخالية من المعنى و لكنها تعطي احساس بالاهمية و التعمق في التحليل . مثلا في النقد السنيمائي نرى"المخرج المتمكن من ادواته"او "المونتاج السلس"او "حركة الكاميرا المعبرة"او "المتعة البصرية الخالصة"

و في النقد الادبي سنجد ازدهار "تفجير اللغة"و "تجاوز الحدود"و "تخطي التابوهات و المحرمات"وفي الفنون التعبيرية سنجد "الخطوط المؤثرة"و "الالوان الحميمية"

في السياسة سنجد تعبيرات مثل "حب مصر"و "سرقة الثورة وخيانتها"و "لا يجب ان نقترض للحفاظ على الكرامة الوطنية "و "آليات الانتخابات التي تؤدي الى اختيار رئيس توافقي ..."الخ...

وهكذا و اعتقد انه مرت علينا الكثير من هذه النصوص و لا داعي لضرب الامثلة عليها .

ج- النص التحذيري/الاستغاثي :

تكمنا مرارا و تكرارا عن النص التحذيري استغاثي وضربنا عليه المثال تلو المثال و هنا نجد دائما النص مزدحم بمؤامرات لا نهائية تستهدف جمهور الخطاب الذي هو عادة غير متمايز لا طبقيا ولا اجتماعيا و لا زمنيا ولكن تجمعه مظلة عمومية يراها منتج النص و هي المستهدفة من قبل الآخر المتآمر ..مظلات مثل الامة والاسلام و الوطن و بدون ادنى تحديد لما تحمله هذه المظلات من معان و ايضا بدون تبرير حقيقي و اسباب منطقية واقعية واضحة تستوجب معاداة هذه المظلات العامة من قبل الآخر الشرير هذا !!!

ياضا يزدحم النص بالمعلومات غير المترابطة و التي تستخدم خارج السياق بهدف اثبات المؤامرة التي هي مثبتة دون حاجة للاثبات في ذهنية منتج النص

و الامثلة التالية توضح النص التحذيري / الاستغاثي :

http://kaffasharticles.blogspot.com/2010/07/blog-post.html

http://kaffasharticles.blogspot.com/2006/02/blog-post_15.html

د- النص القطعي/ المطلق :

هنا يزدحم النص باستعارات دينية و اقتباسات قرآنيةو يستخدم منتج النص هذه اقتباسات والاستعارات في سياق مغاير لسياقها و يريد دائما ان يلوي عنقها ليعطي لنصه صفة الاطلاق و الثبوتيةو القطعية التي يتمتع بها النص الديني المقدس . يستعير منتج النص هذه الاقتباسات ليس للتدليل على نصه بل لتقوية سلطة نصه وكأن ما يستعيره هو قدسية النص و سلطته!!!

هناك صفة مميزة للنص القطعي الا وهي انه عادة ما يكون قصير و حاسم . منتج النص القطعي لا يتوقع رد ولا نقاش في الواقع هو لا يريد منطقا و لا نقاشا و لا تدليل و استنباط الخهو يريد الاجهاز على الآخر بسرعة والى الابد و من هنا استخدامه للنص المقدس او بالاحرى استعماله سلاح سلطة النص المقدس لان النموذج هناحربي و المباراة صفرية.

اتصور اننا واجهنا النص المقدس القطعي هذا كثيرا .

و من ابرز الامثلة التيحدثت معي تعليق لشخص لا اعرفه على بوست او نوت على الفيس بوك مؤخرا يتعلق بالضباط الذين يريدون ترك لحاهم و اتاني نصا قطعيا من احدهم وهو شخص لا اعرفه معلقا "ارأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى"ونرى هنا بوضوح سماتالنص القطعي من اقتطاع الآية الكريمة من السياق و اسقاط تفسيرها الخاص في ذهنية منتج النص و عدم التعليق حتى وكأنه انهىالحوار تماما و اجهز على الآخر المحاور فليس بعد النص المقدس قول.

يقودني هذا الى طريقة الرد على النص القطعي في اي حوار ، في تقديري ان المحاور يجب ان يتخى عن موضوعيته و منطقيته هنا و يلجأ لنص قطعي مماثل بحيث يفقد منتج النص القطعي سلاحه و يحيدهو بالتالي يمكن للحوار ان يستمر ويبتعد اساسا عن منطقة المقدس المطلق.

يمكننا بعد هذا التصنيف ان نرى سمات عامة تجمع اصناف و ذكرناها اكثر من مرة في تحليلنا للخطاب الانتحاري في مقالات عديدة .

سمات عامة لاصناف النص الانتحاري المتنوعة:

1- النص احادي الاتجاه فهو موجه من منتج النص الى جمهورالخطاب بدون انتظار رد ولامحاولة فتح حوار لانه نص/ سلطة اساسا

2- مرجعية النص هي سلطته . وهي دائما خارجية ...اي خارج النص و موضوعه . العلم او السياسة او الفكر او الدين المهم سطة تعلو عن النص و تشرع لسلطة منتج النص.

3- المنطق والاتساق لا اهمية لهافالسلطة تغني عن المنطق و لا تحتاج للاتساق الداخي

4- غياب او انعدام الاتقان في صناعة النص وانتاجه و هذا مرده بالاساس لان السلطة / المرجعية متقنة في ذاتها من ثم لا تحتاج لانتاج نصوص متقنة

نماذج تصورية لمنتجي النص وفقا للتصنيف السابق

بعد طرحنا لاصناف النصوص المكونة للخطاب الانتحاريفي الكثير من الاحيان يمكننا بناء نماذج تصورية لمنتجي هذه النصوص مع الوضع في الاعتبار ان النموذج ليس خالصا و ان منتج النص الانتحاري باي صنف يتمثل انماذج الاخرى ويتقمصها عند انتاج نصه و ما نفعله هنا هو محاولة تجريد النص وتفكيكه للوصول الى فهم افضل و نموذج عمومي اكثر تفسيرية.

سنجد ايضا 4 نماذج في تقديري وهي مايلي:

1- نموذج الخبير الاستراتيجي

يكثر هذا النموذج بين ضيوف البرامج التلفزيونية و حوارات الصحف و هو نموذج يسعى الى الاعلام ويسعى الاعلام اليه و هو من منتجي صنف النص العلموي كثيرا و عادة ما يكون اكاديميا وهي صفة لا تعني شيئا في الواقع و خاصة مع الظروف التي عانت منها مختلف دول المنطقة العربية و طريقة انتاج الاكاديميين و تدخل السلطات الامنية في هذا وهو الامر الذي نعرفه و اشهر من ان ندلل عليه.

2- نموذج المفتي / الداعية

نصادف هذا النموذج كثيرا في اوساط الشبكة العنكبوتية و ايضا في وسائل الاعلام المرئية وخاصة مع انتشار الفضائيات الدينية و يكثر هذا النموذج من انتاج النص القطعي / المطلق و يدفع به عادة في شكل اجابات حاسمة ستقطع قول كل خطيبدائما.

3- نموذج المفكر

نرى هذا النموذج كثيرا في الندوات و السمنارات و المؤتمرات التي بلا طعم ولا لو ن ولا رائحة و المنتشرة في المنطقة العربية و يتخذ صاحبه دائما سمت التواضع الجم و الجدية الفائقة و يطلق الكلام الكبير الفارغويهز اذنابه و المستفيدين من وجوده في منصبه ارؤوس طربا و نفاقا. وهو عادة صاحب منصب و من المنصب يستمد سلطته و يدعمها بفكره الذيوجود له ومن ثم السلطة هنا غير معرفية و لكنها تستخدم لفرض صاحبها على المجال المعرفي . المفكر ينتج صنف النص الفارغ .

4- نموذج المناضل

يتواجد هذا النموذج بكثرة في المقاهي و المنتديات الفكرية و كذلك على الشبكة العنكبوتية و و هو ينتج النص اتحذيري و يطلق من بين الحين والآخر صرخات الحنق و القرف من جمهور الخطاب الذي لايريد ان يتعلم و الذي يستبدل الذي هو ادنى اي كل من يختاره جمهور الخطاب بالذي هو خير اي نموذج المناضل الذي يطلق نصوصه التحذيرية/ الاستغاثية و لا تبالي بها تلك الجماهير الجاهلة!!!

تشترك تلك النماذج جميعا في سمة احتقار الآخر و رؤية العالم على انه معركة صفرية لا سبيل الى الحوار فيها

و للاسف الواقع غير هذا تماما. والله اعلم

Article 4

$
0
0



 لماذا نتعلم؟؟؟
سؤال اعتقد انه كثيرا ما جال بخاطر العديد من البشر و اكاد اجزم ان هذا السؤال طرحه كل فرد من بني آدم على نفسه و لو لمرة واحدة في حياته منذ عقل.
هو من ضمن الاسئلة الكبرى التي نسألها لانفسنا ثم تطرحها ذواتنا علينا و على غيرنا من الذوات محاولة ان تصل الى نفوسهم وتتواصل معها.
نفرق هنا بين النفس التي هي كما قال الامام البوصيري رضيّ الله عنه
 و النفس 
 كالطفل ان تتركه شب على حب الرضاع و ان تفطمه ينفطم
و بين الذات التي هي في تصورنا تحور اجتماعي في النفس لتستطيع ان تتعامل مع انفس اخرى.  فكل نفس تطمح للقاء الانفس المماثلة  التي هي برزخ الروح و تطمح لان تلتقي بارواح مثلها في طريقها للقاء وجه ربها .
و كأن الاجابة عن السؤال هي نتعلم لنستطيع ان نلاقي وجهه سبحانه وتعالى !!!
و هذه الاجابة هي ما عبرت عنه الآيات  الكريمات
بسم الله الرحمن الرحيم
صدق الله العظيم "الفجر: 27-30"
فاطمئنان النفس هو حال من اطمأنت نفسه إلى الله
سبحانه وتعالى فسلم لأمره ، واتكل عليه
و قال مولانا احمد بن عطاء الله السكندري ان المطمئنة هي العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين.
هنا نجد ان العارف بالله قد ربط بين اطمئنان النفس و المعرفة اي انه ربطه  بالعلم
 وهذا الربط نجده ايضاعند الشهاب السهروردي صاحب ابدا تحن اليكم الارواح في كتابه الغربة الغربية حيث يتوق السائح الرحالة الى المعرفة و اللقاء . و يسعى دائما وابدا الى التزود بالنفحة الربانية .
العلم هنا هو غاية النفس لتعرف و تطمئن
و العلم نوعان  علم ينفع وعلم لاينفع كما نفهم من
دعاء الحبيب المصطفى
في حديث   زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِلا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:... اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا  
[
مسلم، الترمذي، النسائي ]
و كل علم نافع هو الذي يقرب النفس من غايتها اي المعرفة والاطمئنان
اما العلم الذي لا ينفع فهو ذلك العلم الذي يصرف النفس عن الاطمئنان و يمنعها من الوصول والقبول
كما قال بعض العارفين يعظ سيدي احمد الرفاعي
ملتفت لا يصل , ومتسلل لا يفلح , ومن لم يعرف من نفسه النقصان , فكل أوقاته نقصان
من كل ما سبق اتصور ان
العلم في المفهوم الاسلامي  هو زاد النفس الى الآخرة و لهذا نتعلم كي نتزود كما في قوله تعالى
"وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ" (البقرة 197)
فالامر الالهي بالتزود من التقوى موجه لاولي الالباب اي اصحاب العقول و الافهام من العلماء من عباده  الذين يخشون الله و يتفكرون في خلق السماوات و الارض فما خلق  الله هذا باطلا و انما خلقه لنا لنتفكر فيه و نعمر كونه بإذنه و نتقيه طمعا في رضوانه و رضاه و مغفرته و رحمته.
ويجب ان نعلم ان المعرفة هي فيض من نور الله و بعض من بركته ورحمته  يعطيه الرب للعبد فيتزود بها ويتقيه و يعرفه كما قال العارف بالله العالم الفاضل سيدنا احمد بن محمد ابو العباس ابن عطاء الله السكندري في لطائف المنن "الحمد لله الذي فتح لاوليائه باب محبته ..وامد عقولهم بنوره فعاينت عجائب قدرته"
و من هنا نرى ان العلم عندنا هو معرفة الخالق و التمعن في كونه لتنوير النفس و ربطها بالروح التي هي من امر الله و قبس من نوره و نحن نتعلم لنعرفه و نرتبط به. و هذا يقودنا للسؤال المهم عن كيفية التعلم فبعد ان سألنا عن علية التعلم وسببيته و تطرقنا لماهية العلم و كينونته نسأل عن كيفية طلب العلم و كيفية الحصول عليه.
جاء في الحديث الشريف عن انس بن مالك رضيّ الله تعالى عنه         
طلب العلم فريضة على كل مسلم
صححه الالباني و اخرجه البيهقي وابن عبد البر وابن ماجةو الطبراني
و معنى هذا ان التعلم  وجوبي
ولكن الوجوبية تستدعي الامكانية فالحرية هي فهم الضرورة و الضرورة هي مقتضى الحال و من ثم يقول الحبيب المصطفى
"اعملوا فكل ميسر لما خلق له"
رواه الطبراني
فمقتضى الحال هنا هو العمل ومن ثم طلب العلم وفقا لما يسرنا الله سبحانه وتعالى له . وهنا نفرق بين العلم البشري الذي هو محدود بالمكان و الزمان و الامكانية و الضرورة و العلم الالهي الذي هو كلي ابدي سرمدي مطلق اي بعبارة من عبارات العلوم الاجتماعية خارج التاريخ و هذا لان كل ما هو بشري مخلوق فهو تاريخي اي يخضع لقوانين و اسباب الزمان و المكان وكل ماهو الهي رباني فهو خارج التاريخ لان من خلق التاريخ خارج الزمان والمكان كما قال سيدنا امام عليّ كرم الله وجهه "من اين الاينية لا اين له"
و هنا نفهم ان العلم وطلبه مرتبط بالقدرة و الضرورة سواء البشرية ام الاجتماعية ام الوقتية . ونفهم كذلك انه اختيار المرء و حسابه عليه وقد كتب له وقدر عليه. والله اعلم
و حيث ان طلب العلم مقدر بالضرورة ومرتبط بالقدرة فان العلوم و طرق دراستها وتدريسها تأتي في لحظتها فهي بنت زمانها و ربيبة وقتها .
و قد قسم العرب  طرق التعلم الى ثلاث طرق
القراءة على فلان
والاخذ عن فلان
و الوجادة
و فيما يلي  تفصيل الطرق الثلاث و ربطها مع مقتضيات العصر:
1- اما  القراءة على فلان فهي المفضلة و  المستحبة وهي المسماة بشيخ العمود  و هي ان يتجمع المريدين و التلاميذ حول استاذ فيقرأ عليه كل منهم جزء من نص  و يتباحثون فيه و يتبادلون الرأي و التفكر فيه فيتحصلون على فائدة اكبر و هي رأي كل منهم وبحثه الخاص الممنهج في النص المطروح و  كل يسعى الى استدعاء نصوص اخرى و الاستاذ او الشيخ يستدعي كل خبرته ليعطيها للتلميذ و يكشف له عن مخابيء النص و يجلي مع التلاميذ رموزه وكنوزه المخفية. هذه الطريقة  تسمى حاليا النمط الثاني من تداول المعرفة كما فصلها كارل روجرز في كتابه ان تكون انسانأ على اعتبار ان النمط الاول هو التدريس التقليدي . حيث هناك طريق ذو اتجاه  واحد لنقل المعرفة من الاستاذ الى التلميذ  او قناة تصب المعلومات صبا في ذهنية المتلقي . في النمط الثاني هناك طريق مفتوح و المعرفة متبادلة و متطورة .
وقد اسمى السيوطي هذا النوع عرضا وذلك في كتابه تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي . الطريقة هذه ترى المعرفة والعلم زادا يتزود به الانسان ليفهم و يأتي من التفكر والتدبر والتداول بينما الطريقة الاخرى ترى العلم والمعرفة معلومة غفل بلا فكر ولا تدبر ولا رؤية . والله اعلم

2- الطريقة الثانية اخذ العلم عن فلان و  تسمى احيانا الاستماع لفلان و فيها  يلتف المريدين حول الشيخ فيقرأ عليهم و يدونون وراءه و يسألونه احيانا و فيها الدقة تقع على عاتق المريد و يفضلها بعض العلماء بينما اجتمع المشارقة على ان الطريقة الاولى افضل.
وكل طريقة لها مميزاتها و مريديها انما ملاحظتنا على الطريقة الثانية انها اكثر  اتساقا مع نظام النقل و الالتزام بينما الطريقة الاولى هي اكثر اتساقا مع البحث و التحرر، تنمي الطريقة الاولى الحرية و الرغبة في التساؤل و تنمي الطريقة الثانية الالتزام و الصبر .

3- الطريقة الثالثة هي الوجادة وهي ان تجد كتابا فتقرأه وكانت العرب لاتعتد بها و  تعدها من طرق التجهيل وليس التعليم. فالعلم في نموذجهم يعني استاذا و مريديا وشيخا و تلميذا وهو تواصلي و ليس تلقيني على غير الفهم الشائع والله اعلم.

كان من الضروري عرض الطرق الثلاث في اطار عملية نقل المعرفة البشرية و ذلك للوصول الى فكرة عن كيفية نقل العلم في اطاره البشري مع الـاكيد ان كل ميسر لما خلق له وان العلم منذ البداية هو من لدن رحمن رحيم و كل ما يفتح الله به لنا فهو بامره ومن عنده. و ما العلم الا من نفحاته وبإذنه فهو القائل في كتابه العزيز "و علم الانسان مالم يعلم" (العلق:5). والله اعلم  

نخلص مما سبق الى مايلي من نقاط
1- نتعلم لنتزود لمقابلة الرحمن  ولتطمئن نفوسنا
2- العلم هو سبيلنا لربط النفس بالروح والتقاء الذات بالذات لتتقارب الانفس و تتآلف ارواح البشر
3- العلم فرض وجوبي وكل ميسر لما خلق له وقدر عليه
4- طرق التعلم ثلاث غير ان كل العلم هو من عند الله
5- كل علم له وقته و مكانه و ذلك ما عبر عنه القائل بقوله لكل مقام مقال والله اعلم .

علم المقولة علم الوقت / علم دراسة الخطاب

ولكل هذا نحتاج اليوم الى علم جديد/قديم  يدرس ما حولنا من ظواهر ومظاهر و يستكشفها ويسبر غورها و يظهر مكنوناتها و هذا العلم هو ما اسميته في غير مقال علم الخطاب و كنت اتصور و كنت على خطأ في تصوري ان هذا علم جديد الى ان وقعت على كتاب تحقيق ماللهند من مقولة مقبولة في العقل ام مرذولة للعلامة المسلم ابو الريحان البيروني ورأيت ان العالم المسلم الكبير كان يدرس خطاب الهند كمكان وزمان و يخترق الدهر و يغوص في الزمن ويقارن بين رؤية الهنود للكون ورؤية غيرهم من البشر وكأنه كان يضع لبنات علم الخطاب و اسسه في كتابه ورأيت ايضا في كتب العديد من العلماء و العارفين العرب و المسلمين مثل هذا و نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر هز القحوف في شرح قصيدة ابي شادوف للعلامة الشيخ يوسف الشربيني و لطائف المنن للعلامة العارف بالله سيدي ابو العباس احمد ابن محمد المشهور باسم ابن عطاء الله السكندري و غيرها من كتب السلف الصالح التي تكشف عن الرموز والشفرات الوجودة حولنا و حولهم في عصرهم و تسبر غورها وتحل رموزها . و رغم محاولة ريتشارد بيرس ان يقدم علما مماثلا في محاولته انشاء علم الرموز او السميولوجية فان ما فعله الاقدمون يظل اكثر منهجية و دقة و ليس هذا تحيزا مرذولا دون تمحص وانما هو مجرد رد الفضل لاهله و تعريف بالامر كما نراه و لانبخس الرجل حقه ولكنه لم يدرس العلم في اطار عمومي كما فعل هؤلاء و انما درسه في اطار اللغة و الاشارات بعامة ولم يضعه في اطار اجتماعي اركيولوجي مقارن كما فعل البيروني مثلا. ولا وضع له بعدا روحيا نفسيا كما فعل ابن عطاء الله و لا رآه في اطار انثروبولوجي كما فعل الشربيني . والله اعلم .
و لقد اسميت هذا العلم الجديد القديم علم المقولة نسبة لرؤية البيروني و لان القول اعم من الخطاب و اشمل .

Article 3

$
0
0


إعادة اكتشاف فيلم مصري مختلف "صورة"مدكور ثابت
أن قراءة فيلم ما أمر غير معتاد في كتاباتنا النقدية، ولكننا نواجه فيلما غير عادي، حيث لا يمكن الكلام فيه عن "التصوير الرائع"أو "الإضاءة الموحية"أو "الإخراج المتمكن"، إلى آخر هذا الكلام "المفرغ". وبادئ ذي بدء: نقرر أنه لا توجد قراءة محايدة، وأن قراءتنا لفيلم مدكور ثابت لا تنفي إمكانية قراءته بطرق أخرى متعددة وكثيرة، بما يعني أ، قراءتنا هنا هي مجرد إحدى المعارف الكثيرة التي يتضمنها الفيلم.
عنوان الفيلم/ مدخل القراءة
أن أول ما نطالعه في فيلم مدكور ثابت هو عنوانه الطويل "حكاية الأصل والصورة"، في إخراج قصة نجيب محفوظ المسماة صورة"أن عنوان الفيلم لا يتوقف عند مجرد صياغة مكتوبة على الشاشة، بل إنه هو نفسه كل الجزء السينمائي الذي يتم به تقديم هذه العبارة، أي الجزء الذي يبدأ منذ اللحظة الأولي للفيلم، وينتهي بحركة "بان"panدائري لتواجه الكاميرا التمثال المقام في الميدان، حيث يمثل هذا الجزء المقابل السينمائي للعبارة السابقة، لقد حول مدكور ثابت العنوان إلى ملخص synopsis  يرمي إلى تقديم قراءة أولية للفيلم، مما يذكرنا بالمثل الشائع: "الكتاب يقرأ من عنوانه"، ومن المستحسن قبل الدخول في تحليل الفيلم أن نقدم تلخيصا لهذا الفيلم وأن كان يتحدى التلخيص لأن مشاهدته قد لا تكون متاحة.
امرأة ورجل يرقصان على أنغام موسيقي هادئة يظهر نصفهما السفلي في عناق شبقي ثم ننتقل إلى صورة سيدة غير واضحة المعالم على الصفحة الأولي من جريدة الأخبار وقد كتب تحتها "مقتل مليونيرة أجنبية في سفح الهرم"؛ يظهر صحفيان للتحقيق في الحادث أحدها راشد الصحفي الذي لا يري من الدنيا إلا القضايا الكبيرة ومعه زميلته ماجدة التي لا تري من الدنيا إلا الحوادث الصغيرة المثيرة ننتقل بعد ذلك إلى البداية التحقيق، يتقدم شابان: محي عبد العال ويوسف عبد العال وكلاهما يدعي أنه القاتل يترك المخرج هذين الشابين ليغوص في الشارع بحثا عن القاتل فيضبط رشاد أفندي الموظف في الأرشيف على الدرجة الثالثة والذي يحب محمد عبد الوهاب وله علاقة بالقتيلة فقد اشتغلت في بيته، ويعايش الفيلم رشاد أفندي في بعض المشاهد واللقطات حيث نجده دائم القرف لكن لا شيء يثبت إدانته، نجد الكاميرا بعد ذلك في مواجهة أحد المشتبه فيهم: الحاج محمود، صاحب مصنع نسيج وهو الآخر كانت له علاقة بالقتيلة ونعرف أنها كانت تحبه وأنها لم ترفض له طلب قد وقد حملت منه وأجهضها، لكننا لا نجد ما يثبت أدانته ننتقل بعد ذلك إلى حسونه المغربي رجل الأعمال المتحسر على أيام البورصة وأمجادها والغارق في المجون ونعايشه في بعض تفاصيل حياته لنري إلى أي مدد وصل الاستهتاز وبمن يحيطون به، ندخل بعد ذلك بيت دعارة يديره عبد الغني، نكتشف أن إحدى المشتغلات عنده بطلتنا لكن وقد تغير اسمها مثلما تغير كل مرة مع الشخصيات الأخرى والفيلم في النهاية لا يبرئ أحدا ولا يدين أحدا ننتقل بعد ذلك إلى القرية التي نزحت منها القتيلة لنري والديها يستقبلان الخبر، أما الوالدة فتستقبله بالنحيب وأما الوالد فبنوع من البرود والحياد ذلك أنه اعتبر ابنته في عداد الأموات منذ غادرت القرية.
منذ البداية وفي سكون الليل وصمته، يدخل شاب إلى الميدان العام، يتراقص في سعادة حالمة ويصفر بنغمة موسيقي شهر زاد لرمسكي كورساكوف، حتى يتحرك إلى مقدمة الكادر، حيث يسحب سريرا من خارج الكادر إلى داخله وسط الميدان العام، ثم يضع ساترا بيننا وبين السرير ليقبل فتاته في سعادة، ولكن فجأة تنقض يد بسكين كبير من الأمام ( بحجم الكادر) لتمزيق السرير والساتر بل وفي الحقيقة تمزق الكادر نفسه، وتنقطع موسيقي كورساكوف على صوت صرخة مكتومة، ومدوية.
وفي هذا المشهد الذي يجر يكله عبر ليل خراجي في ميدان عام أمام مبني كبير، نلاحظ أن هناك مجموعة من الازدواجيات التكوينية التي يتضمنها المشهد، إذا هناك العمق الداخلي/ العمق الخارجي: الفتي قادم من الخلفية/ من داخل الكادر، واليد تدخل من الأمام/ من خارج الكادر، وهناك أيضا ازدواج: اليمين/ واليسار: الفتي يسحب السرير من اليسار إلى اليمين، واليد تدخل من اليمين إلى اليسار.
أن الازدوجات التكوينية تضعنا في النهاية أمام تضاد معنوي: بين الفتي السعيد، واليد حاملة السكين، وهذا التضاد هو الذي يؤكد الحدث، فاليد تقطع كادر الفتي وتمزقة، وفعل اليد الضخمة يلغي فعل الفتي تماما، إضافة إلى أن استخدام الحجم الكبير جدا ليد، مقابل الجسم العادي للفتي إنما يؤكد سيطرتها عليه، كما يؤكد سلطانها وجبروتها، وبالتالي نصل إلى لعلاقة بين الفتي الذي يطمع في حياة سعيدة هادئة، وتلك اليد التي تقتحم عامله وتكسره، أو بين الفرد وهو المقابل العام للفتي، وبين سلطة غير محددة تقتحم حياته وتهدد أمنه.
هذا ويظهر عدم تحديد كنه أو هوية السلطة هذه من كونها مجرد يد تحمل سلاحا، أنه شيء مجرد "فظيع"، وهذا في حد ذاته غموض، ويقصد منه أساسا إثارة مجموعة من التساؤلات في ذهن المتفرج المتلقي، ألا يقول المشهد: أن خصوصية الإنسان تتعرض للانتهاك في هذا العالم؟
ولكن: أي عالم؟ أي زمان؟ ولماذا؟ .. لا يقدم لنا المشهد/ اللقطة إجابة، إنما الإجابة هي فيلم مدكور ثابت بأكمله.
فالعنوان هو تساؤل يقدم الفيلم إجابته، أما العلاقة بين اللقطات في العنوان فهي علاقة جدلية، حيث كل لقطة تثير تساؤلا ما مع المعلومة التي تقدمها، بينما يتم تقديم الإجابة على هذا التساؤل من خلال المونتاج الداخلي، وتغير التكوين داخل الكادر، أو من خلال اللقطة التي تليها.
أما البناء الكلي لمجموعة اللقطات أو المشهد scene  فيقدم حلا عاما لتساؤلات اللقطات التي يحويها، أو بعبارة أخرى فإنه يصيغ القانون الداخلي الذي يحكم أنساق هذا البناء، أي ما أشرنا إليه من تضاد معنوي يتم خلقه من خلال الازدواجات التكوينية الحركية، إضافة إلى نفس الدور الذي قامت به الموسيقي، فالمقطوعة سهلة من حيث إمكان عزفها ( شهرزاد كورساكوف)، وتحمل ضمنيا التراث الثقافي لألف ليلة في نفوس المتفرجين، وعندما يؤديها الفتي صفيرا، إنما تعني بالتالي اندماجا في الذات، ولذا يأتي توقفها المفاجئ معبرا عن نفس التضاد المعنوي، فتوقف الموسيقي هنا يعني تحطم حرية الفرد.
وفي اللقطة التالية نري مجموعة من الشباب ترقص على أنغام موسيقي حديثة في حديثة، ثم وبحركة انقضاض إلى الخلق zoom out  ينقسم الكادر إلى خلفية في اليمين يرقص فيها الشاب، ومقدمة إلى اليسار، أما في أعلى الكادر فيظهر مسيح يوضع على الصليب، ولا يظهر المسيح بكامله، ولكن يظهر الجزء الرمزي الأساسي فيه: اليد، حيث نري في تكوين غريب وعلاقة تغريبية مع حافة الكادر- يده وهي تدق في الصليب، ويتعالي صوت الدق مع اختفاء الموسيقي.
من الواضح أن الإدانة تتحول إلى شكل عام، إدانة لم تعد لليهود، بل للإنسانية كلها، الجنس البشري كله مسئول عن جريمة صلب المسيح ابن الإنسان، أي أنه مسئول عن قتل البراءة والطهارة التي يرمز لها المسيح، أن الإشكالية التي تمثلها هذه اللقطة هي التي تتضح من خلال الترابط بين الخلفية ( الشاب الراقص) والمقدمة ( المسيح المصلوب).
ضياع الشباب = ضياع البراءة
تلك هي المعادلة التي يقدمها المخرج، وتشكل هذه المعادلة إشكالية عصره، أي أواخر الستينيات عصر ثورات الشباب وحركة الهيبيز وموجات عدم الانتماء والتمرد والتمزق، وإحدى إجابات الإشكالية- وهي سبب هذا الضياع- تقدمها مدكور ثابت من خلال الصوت، فتتحول المسويقي وهي الفن الشعوري الخالص إلى دق وهو شكل مادي خالص يعني غزو المادية للعالم، وهو ما يطرحه المخرد، ويتبقي من العنوان لقطة بأن دائري 180 من اليمين إلى اليسار، حيث نواجه من خلال عين الكاميرا الباحثة تمثالا كبيرا لامرأة مجنحة. والحركة كما نري تطرح تساؤلا: من هي تلك المرأة؟ وأيضا: أين تلك المرأة؟ هل هي البراءة أم العدالة أم الحقيقية.
تلك هي إشكالية مدكور ثابت الأساسية، وإشكالية كل شاب في عصره وفي عالمه: مصر في نهاية الستينيات:
عن مقدمة الفيلم
عند قراءتنا لعنوان فيلم مدكور ثابت قلنا أنه يمثل ملخصا عاما للفيلم ككل متكامل، الأمر الذي يمكننا أن نسميه "برعاة الاستهلاك"، وهو المفهوم اللغوي الذي نستعيره من النقاد القدماء، ومثاله حائية جرير التي مطلعها: "أتصحوا أم فؤادك غير صاح؟"وهو يمدح بها عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، فما كان من عبد الملك الذواقة إلا أن قال له: بل فؤادك أنت يا ابن اللخناء.
وقد فسر ابن سلام هذا بقوله أن جريرا أساء الأدب ولم يحسن اختيار اللفظ الذي يخاطب به الخليفة، بينما نجد أن بائية أبي تمام وهو يمدح المعتصم بعد فتح عمورية- والتي مطلعها "السيف أصدق أنباء من الكتب"قد لاقت استحسان النقاد وقالوا أنها توجز لموضوعه وتقتحمه، وهو ما عمد إليه مدكور ثابت في عنوان فيلمه، فقد أوجز واختصر ومهد لموضوعه وطرح إشكاليته المركزية مباشرة.
ولقد عمد مدكور ثابت بعد ذلك إلى الدخول بنا ومعنا في فيلمه من خلال بطلية اللذين اختار لهما مهنة المتاعب ألا وهي الصحافة، وبطلا مخرجنا ( راشد وماجدة) صحفيان شابان يحققان للمتفرج عملية التعيين أو التماهي identification  أي دخول الوهم، فمن خلال نموذجين نمطيين جدا شابين ناجحين محترمين يتعرف المتفرج على نفسه، ويبدأ في التطلع لتحقيق ذاته المرجوة في الوهم، مدكور ثابت إذن يقدم لمتفرجه خيطا يدخل به عالم الوهم ويسهل له عملية التعيين.
ولكن هذا أحد وجهي العملة فقط، فالحقيقة أن مدكور ثابت حين يدخل المتفرج فيلمه من خلال بطليه، إنما يطرده منه أيضا من خلال هذين البطلين، وبالتحديد من خلال اختيار الممثلين الذي يلعبان دور البطولة، فأحد جوانب عملية التعيين التي هي أساس دخول الوهم هو النجم، أي الممثل الشهير، الذي يحقق من خلال مجموعة من أدوار متكررة ومتشابهة تراثا معينا يترسخ في الذاكرة البصرية للمتفرج، بحيث نجد أن لكل نوعية من المتفرجين نجمها المفضل، وحيث نجوم تختفي ونجوما تظهر فنظام النجم star systemيشبه عملية التغذية الراجعة feed back : المتفرج يطلب نمطا معينا ويحقق نجم ما هذا النمط، ثم يصبح النجم هو هدف المتفرج، وهكذا.. ومن ثم فاختيار وجهين جديدين لا يعطي الفرصة لاكتمال عملية التعيين، وبالتالي فإنه من خلال هذا يحقق المخرج هدفين:
1-    كسر نظام النجم وتحقيق استقلال الفيلم/ الموضوع.
2-إلغاء عملية التعيين المسبقة، وبالتالي تصبح العملية رهنا بما يقدمه الفيلم من مادة يمكن للمتفرج من خلالها التعرف على ذاته.
الهدفان في ضوء فهمنا السابق متلازمان، ومدكور ثابت يحو لعملية التعيين إلى سلاح يستخدمه لمخاطبة المتفرج أنه كما يخبرنا يحاول تحقيق عملية "كسر نسبي لحاجز الوهم"من أجل خلق حوار جدلي، وذلك بالدخول والخروج مع المتفرج، من وإلى الفيلم، وضمن ما يتحقق به ذلك، تتم عملية الكسر لحاجز الوهم، أي طرد المتفرج من الفيلم، من خلال الانتقال المفاجئ في لغة الحوار من العامية إلى الفصحي، ولكن هذا الانتقال مشروط بالصوت الآتي من خارج الكادر out of screen : صوت انفجار القنابل والطائرات، الذي يعمل بمثابة حافظ إنذاربي ينبه لخطر قادم، وهذا هو المستوي السياقي، حيث يستغل مدكور ثابت هنا إمكانيات السيناريو التوكيدي في رقم الشخصية ( من خلال اهتمامات الصحفي وطبيعته) ليؤكد أن راشد ينتبه للأحداث الكبيرة، وأما على المستوي التصوري فنفهم زمن الحدث من هذا الصوت، أو أنه يتأكد لنا هذا الزمن، أن أردنا تعبيرا أدق، فكأن الصوت هنا يستغل- وظيفيا- لقدم ثلاثة معاني:
1-    معني تنبيهي.
2-    معني درامي.
3-    معني زماني.
إلا أن عملية التنبيه لا تتم فقط من خلال الصوت، بل أن هناك مجموعة من الأدوات قد استخدمت لتكوين مستويات عدة، بحيث يفهم هذا من خلالها: فتغير مكان الحدث المتقاطع بين مكان الجريمة ( سفح الهرم) ومكان لقاء الأحبة، إنما يهدد لهذا الكسر الكامل، وأيضا يكسر الحاجز نسبيا إذا يحدث هذا الكسر من جراء محاول المتفرج تتبع الأحداث وتفهمها وعدم اتساق ما يحدث أمامه نسبيا، كذلك فإن حركة الممثل تؤدي دورا في هذا التنبيه: فاتجاه راشد ( محمود ياسين) إلى المتفرج ومخاطبته بهذا الشكل المسرحي المقصود، تفيد التذكير بأنه يري فيلما، وأن هناك أكثر من وجهتي نظر، كما أن هذه الحركة تؤدي نفس وظائف الصوت التنبيهي فهي تعطي معني دراميا ( اهتمامات راشد) وأيضا معني تنبيهيا.
نحن نري ويتضح هذا في اتجاه الأسم أن الحديثين (1) ، (3) هما الواقع السياقي المستمر والذي يخبرنا به الفيلم إذن فهو ما يقع تحت المستوي الأخباري: ويفهم هذا من خلال أنهما الحدثان اللذان يشكلان عملية التحقيق ( الفيلم) فكونهما قد حدثا هو أمر متروك لنا، وهما بالتالي قعان تحت قوانين المكان ( سفح الهرم) والزمان ( أواخر الستينات) ومن ثم فالتتابع بينهما مستمر ( الأسهم) بينما أن الحدث (2) هو احتمال مجرد، إذا يمكن تحققه من خلال الإمكانية المجردة وليس الإمكانية الفعلية للواقع أنه حدث إنشائي تصوري، فاتجاه السهم من الحدث (1) إليه هو مجرد ترتيب سينمائي، لا ترتيب سياقي cinematic syntax not syntactical syntaxوبذا فهذا الحدث يماثل اللقطة الإخبارية لإعطاء معلومة فعلية لا تحتمل الصدق أو الكذب، أو لتوجيه تساؤل ما وبالتالي إثارة الانتباه، وهو هنا يقوم بثلاث وظائف:
1-  على المستوي الدرامي: يقدم تأكيدا لاهتمامات كل من راشد وماجدة، من خلال حركة كل منهما وتأثره بالمنبه الخارجي.
2-  على المستوي السينمائي: يعمل على كسر حاجز الوهم، من خلا لكسر الترتيب السياقي وكذلك من خلال الجزئية السابق شرحها ( الصوت، الحوار، وحركة الممثل، الخ).
3-  على المستوي المعنوي semantic level: يخلق ازدواجا لفظيا لغويا (العربية/ العامية)، فيعبر عن ازدواج داخل شخصية ( راشد)، وتمزق مماثل الجدية/ الهزل، القضايا الكبيرة العامة/ المشاكل الصغيرة الخاصة وأيضا يعبر عن تناقض بين الشخصيتين ( راشد- ماجدة) خالقا قطبي قضية منهما، وهو الأمر الذي يستفيد منه دراميا كما نري.
لذا نؤكد على أن الحدث هو مجرد احتمال يقع تحت قوانين الإمكانية المجردة، فهو ليس رجوعا للماضي وليس طرحا مستقبليا، أن الحدث كما قلنا يقدم علاقة راشد وماجدة، وهو لا يشرح فقط العلاقة، ولكن يقدم راشد الشخصية/ المثال type  أن راشد بتكوينه إنما يمثل مثقف العالم الثالث بكل تناقضاته، حيث يكون التناقض بين الفكر والممارسة سمة رئيسية من سماته، فراشد الذي يهتم بالقضايا العالمية وتشغله مشاكله الإنسانية يحب ماجدة التي لا تهتم إلا بالمشاكل الصغيرة، وبما يراه هو تفاهات، وهنا تثور إشكالية الحب في ظروف مجتمع من المجتمعات النامية، وتزداد تخصصا فتصير: معني الحب في مصر.
ويعود مدكور ثابت لاستخدام التكوين للتأكيد على هذه الإشكالية، ولا نغالي أن قلنا أنها إشكالية الفيلم الرئيسية أو على الأقل أحد أهم إشكالياته، فمن خلال كادر غير متوازن، ويرتكز ثقله إلى اليمين، تظهر سيطرة ماجدة بالحركة وبالمكان، فهي تشير من أعلى إلى اليمين، إلى راشد الذي يقبع ساكنا أسفل إلى اليسار، فهذا الكادر يلخص العلاقة التناقضية بين الاثنين/ الواحد.
وفي هذه اللحظة بالذات يختار مدكور دخول فيلمه بشخصه وبشكل إنذاري، مستخدما الصوت ( ستوب) ليدخل بشخصه، وهنا نسأل: لماذا أختار مدكور ثابت دخول الكادر بشخصه؟ هل يحاول الاستفادة من هيتشكوك أو من يوسف شاهين؟ أو هل هو يحاول هنا أ، يتشبه بهذين الأستاذين؟ في أرينا أن التشابه ليس بينه وبينهما، ولكن بينه وبين اثنين آخرين، رغم أن أفلامهما جاءت في سنوات لاحقه على فيلم مدكور ثابت- أحدهما مصري هو خيري بشارة في فيلمه "ذكريات التخلف".
أن الدخول بالذات يحدث أكثر من معني في ذهن المتفرج. وأول هذه المعاني: إخباري إنشائي، ويقصد به كسر الحاجز الوهمي وإلغاء عملية التعيين وكأنه يقول: أيها الأصدقاء المتفرجون، أنتم  تشاهدون فيلما، ولا داعي للاندماج معه، فتذكروا هذا وذلك من خلال خلق السينما داخل السينما، إلا أن هناك مجموعة أخرى من المعاني تتداعي، إذا يستدعيها عملية التشابه الموقفي والارتباط المعنوي semantic relationship  أو التماثل في المبني والمعني، كما أ، الاستدعاء بصري visual  أولا، ومعنوي semantic  ثانيا، وهي خاصية سنحاول مناقشتها فيما بعد.
أن رؤية ومشاهدة جوتيرييز آليا المخرج بشخصه ( مخرجا يعمل في المعهد الدولي للدراسات السينمائية في كوبا I.C.A.I.C) تعني تطابق مشاكله مشاكل بطله، رغم أنه ليس بطله، أي أن البطل يمثل المخرج ولكنه ليس المخرج تماما، وتلك هي نقطة التشابه أيضا مع خيري بشارة ( فيما بعد) إذا في تصورنا أن اللقطة التي يخاطب فيها أحمد الشاذلي( أحمد زكي) خطيبته ( تيسير فهمي) قائلا: "ده خيري بشارة.. مخرج زميلنا في التسجيلية.ز سالف مني خمسة جنيه.. وكلنا بنستلف من بعض هذه اللقطة هي تأكيد من خيري بشارة أنه ليس أحمد الشاذلي، ولكن مشاكله هي مشاكل أحمد الشاذلي، أن مشاكل أحمد الشاذلي هي مشاكل كل جيلهما، كما أن المضير يعود على خيري بشارة وعلى أحمد الشاذلي، وفي الموضوع identification with object   وكأنه يقول أن مشاكل راشد هي مشاكلي ومشاكلك أيها المشاهد، بل، ومشاكل كل مثقف، وإلى حد كبير هي مشاكل كل فرد في دول العامل الثالث.
ومن هنا يتطابق دخول المخرج مع اعتذاره للمشاهد بعد ذلك "نأسف لعرض هذه المشهد.ز وهو غير موجود لا في القصة ولا في السيناريو"، أن هذا الاعتذار هو نوع من التنبيه، فهو حين يقول: "لا في القصة ولا في السيناريو"، يقصد أن ما نشاهده يختلف عن الشكل التقليدي القديم للسينما، مع التأكيد أن هذا القديم ما زال يحاصره، وذلك أيضا من خلال الحوار:"معلش . نلغيها في المونتاج".. مع أ،ه يعرض ما حدث.
أن المخرج هنا يطلب من المشاهد عملية تعيين مخالفة للعملية التي تحدث له عند دخوله السينما وابتلاعه جرعة المخدر، أنه يطلب منه التعيين مع موضوعه مشكلاته، واقعة، ومجتمعه، ومن ثم فهو يعمل بشكل يعاكس تماما ما أعتاد المتفرج، أنه يطرح إشكالية مثقف العالم الثالث بشكل آخر: ما الحل بالنسبة لي؟ هل أتخلي عن أفكاري واقعيا وأمارسها كلاميا؟ هل أطالب بالتجديد السينمائي كلاميا وأقع في حبائل سينما الشباك والجمهور عائز كده فعلا؟ وما السبيل لتقديم هذا الجديد الذي أطالب به؟ وكيف؟ وما المناخ الذي يتيح تقديم الجديد؟ أن هذه الأسئلة هي متناقضات راشد الداخلية، وتناقض راشد/ ماجدة الفيلمي، وبالتالي هي إشكالية الفيلم التي قدمناها من قبل ( الإجابة على هذه الأسئلة أو تفسير هذه الإشكالية أجبر مدكور ثابت على البقاء عشرين عاما دون تقديم فيلم جديد).
وينتقل بنا الفيلم بعد ذلك إلى موضوع التحقيق، وذلك من خلال دخول ضابط الشرطة للكادر، ثم حواره مع الصحيفة حول القاتل والقتيلة، حيث أن وجهة نظر ضابط الشرطة تمثل وجهة نظر عامة، أنه مثال واضح على تأثر مدكور ثابت بفكرة "تيباج"آيزنشتاين"ويتضح هذا من خلال حركة الضابط البطيئة الآمرة وشكل تعامله مع مرؤوسية وطريقته في الكلام مع الصحيفة، الخ أنه يمثل سلطة بأكملها حاملة بيروقراطية آمره.
ويتضح هذا في تعامله مع الشخصين اللذين يقدمان نفسيهما على أنهما القاتلان (يوسف ومحي)، ونلاحظ أن "ميزانسين"كل منهما قد تكرر بالحرف، والتكرار يفيد التوكيد وهذا المعني الشكلي يقودنا إلى أن التوكيد هو على حالة كل منهما، أي ما يعانيان منه، وبالتالي ما يعاني منه كل شباب هذا الجيل من تمزق وفقدان للهوية وافتقاد للحب، ومن ثم فهذا المشهد يستدعي الجزء الثاني من العنوان إلى ذهنية المتفرج، فهو يؤكد على ما تضمنه العنوان، وأيضا يجيب على تساؤلاته من حيث تحديده للمكان والزمان، فهو يضع الإشكالية في شكل أكثر خصوصية، حيث شباب مصر يعاني التمزق وفقدان الهوية بعد هزيمة يونيو 1967، ومن ثم تكون المقدمة ردا جدليا على العنوان، ومن هنا أيضا يحتفظ الفيلم بتسلسله السياقي وترابطه في ذهنية المتفرج.
أننا نفهم فقدان الهوية والبحث عن الذات من خلال موقف ( محيي إسماعيل) العبثي، حيث بحثه العدمي عن الشهرة/ الذات (أهو الواحد يعمل أي حاجة يمكن يبقي حاجة) فهو هنا يمثل ريفيا يضيع في المدينة، وبالتالي يخلق ازدواجية بين الريف/ الحضر، كما يعود الفيلم لاستخدام هذه الازدواجية فيما بعد لتعطي معني عاما، ولكن بازدواجية أخرى في المعادلة: الريف/ الحضر، البراءة/ الضياع.
وبينما يبحث محيي عن شهرة الذات، يبحث يوسف عن الحب/ الذات، أي هدفه الذي لا يجده في هذا المجتمع، ومن هنا يتعادل الأثنان في ضياعهما وفقدان هويتهما، فتتحول حالتاهما إلى عمومية فقدان الذات في مجتمع لا يرحم، ويؤكد مدكور ثابت على طبيعة هذا المجتمع، ولكن من خلال الشخص الثالث الذي سمح له بالدخول أنه الصحفي أو ترس الدعاية في المجتمع الرأسمالي، وبانتهاء هذا المشهد الذي يقدم لنا فهي مدكور ثابت آخر خيوط فيلمه، ويدخل مباشرة في الفيلم  بأسلوب "سينما داخل سينما"مرة ثانية.
وهكذا يبني مدكور ثابت فيلمه أساسا على الشكل الملحمي البريختي، في قالب بوليسي، فيتشابه هنا مع جان لوك جوادر في استخدام هذا القالب، حيث يلتقيان بغرض شد المتفرج وجذب انتباهه (يوضح الشكل رقم 4 كيف نري هذا من خلال شكل الشمس متعددة الأشعة) وهو ما سنحاول قراءته فيما بعد.
بنية الفيلم:
يبدأ مدكور ثابت أول فصوله بمجموعة لقطات تسجيلية لواقع يومي حياتي في القاهرة: الأتوبيس، ميدان التحرير، الزحام، الشوارع التجارية، إلخ، مع صوت المخرج يأتي من خارج الكادر: "إوعي الناس تشوف الكاميرا يا رجائي... معلش نبقي نتصرف في المونتاج.
ومع جملة "إوعي الناس تشوف الكاميرا"نري الناس تتطلع باهتمام للكاميرا: كل فرد يريد أن يظهر على الشاشة وأن يصير نجما، مثلما يحدث حين يوجه مصور في مباراة لكرة القدم كاميرته نحو الجمهور، ويتنبه البعض لذلك فيأخذون في الإشارة والتلويح، ليس لفرد معين ولكن للمجتمع، أن ما يحدث أمامنا على الشاشة في فيلم مدكور ثابت هو جزء من أسطورة السينما.
أنه التناقض المقصود إذن حيث التحول إلى المعني المضاد، خللي الناس تشوق الكاميرا هو ما يقصده مدكور ثابت إذا يتحول الأمر إلى شوفوا نفسكم على الشاشة هذه هي مشاكلنا، وتلك هي حياتنا مدكور ثابت يتوحد إذن مع المتفرج ويطلب منه الانتباه، أما الحوار فيتم من خلال الكاميرا والصوت، وهكذا يكون المتفرج على أقصي درجة من الانتباه حين يندفع بكاميرته داخل راس رشاد أفندي، الذي يبدأ معه مدكور أول الفيلم، حيث يظهر الشكل رقم (2) كيف أن بنية الفيلم العامة تتطابق مع شكل السلم، من خلال متابعة الشخصية الرئيسية، وهي الصورة: صورة القتيلة.
·       الشخصية الرئيسية تتدرج في السلم الاجتماعي حتى تصل إلى أن تصبح مليونيرة مع موتها.
·  لا يمثل الشكل ترتيب الفيلم، إذا كما نري فإن الفصل الأخير هو بداية درجاته، أما بدايته فهي نهاية درجات السلم.
·  تعتبر درجة القواد/ العاهرة في مستوي أعلى من المضارب/ اللعوب، لأن معيار الاختيار هو النقود والسلعية، ومن ثم فدرجة السلعية التي توافق درجة القواد/ العاهرة أعلى بكثير من تلك التي للمضارب/ اللعوب.
ونلاحظ أن البطل الذكري الضد، هو الصورة المقابلة لهذا التدرج، فهناك وجهان لعمالة الشخصية الرئيسية، أولهما: القتيلة، والأخر هو البطل الذكرى الضد، وكأن المرأة التي لا نراها ابدا إلا كصورة في جريدة، أو من ظهرها، هي المرأة التي تعكس خبايا هؤلاء الرجال الذين يمثلون شرائح اجتماعية مختلفة.
ولا يدل عدم رؤيتنا للقتيلة قط على أنها مرآة فقط، فالمؤكد هنا أن الجميع يعرفونها، ولكن هل يعرفون شخصية واحدة؟ هذا التساؤل يشكل أحد إشكاليات الفيلم، والتي يؤكدها مدكور ثابت في قوله:"صورتك المقتولة فيها صورة بلدنا كلها"وليس المقصود طبعا نوعا من الرمزية الفجة في العلاقة بين مصر والقتيلة، إذا أن تحول التيلة من مجرد حالة عامة إلى رمز عام، يعتبر محاولة لخلق نمط جديد، أن مدكور يضعنا أمام العنوان فهو يبحث في علاقة القتيلة مع الرجال من أصل / الجثة- الصور/ مصر، وهكذا يمكننا أن نمثل علاقة القتيلة مع الرجال في:
·  يمثل المحور الأفقي ترتيب الشخصيات التي تمثل الصورة – وسياقيا هي بداية من القتيلة باعتبارها نقطة الصفر.
·  يمثل المحور الرأسي ترتيب الشخصيات الذكرية الضدية- وسياقيا هي بداية من الصورة باعتبارها نقطة الصفر.
·  تمثل العلاقة بين الاثنين خطا بيانيا مستقيما لو مددناه على استقامته وأسقطنا منه عمودا في فكيهة يتضح لنا دورها، وذلك من خلال عملية استقراء.
أن الخط البياني الذي يمثل العلاقة بين المرأة المقتولة والرجال، هو الخط البياني لدور المرأة في المجتمع، فهي مجرد سلعة في مجتمع ذكري، حيث ينظر إليها الكل باعتبارها جسدا في سوق للنخاسة، ومن هنا نفهم لماذا وضعنا درية/ عبد الغني في درجة أعلى من حسونة/ فافي، ومحمود/ سميرة أعلى من رشاد/ شلبية في بناء السلم، ونفهم كذلك لماذا أتيا سياقيا متأخرين في الترتيب، فما حدث هو تطور في سلعية القتيلة: إنه إظهار لنظرة المجتمع للمرأة/ السلعة، فالدعارة هي الاستغلال الأقصي للمرأة بواسطة الرجل الذي يستطيع أن يدفع ( هي قمة سلعية المرأة).
وهكذا فحتي لو استقرت فكيهة في الريف، فأنها لن تفلت من هذا الخط البياني، ذلك الخط الذي يمثل نظرة اجتماعية عامة، كما يمثل الدور الذي يرسمه المجتمع البورجوازي الإقطاعي للفتاة، ففكيهة ستصبح سلعة شاءت أم أبت، وهي ستتزوج من يستطيع أن يدفع الثمن، وهي حين ترفض السقا ترفضه لأنه غير قادر على دفع ثمنها ( إشباع طموحاتها وأحلامها)، ففكيهة هي فرد من مجتمع فيه الدفع عدا  ونقدأ أو هي قيمته الوحيدة، لا مكان للحب ولا للعواطف، وهو ما نراه من خلال تطورها في كل مشهد.
البنية العامة للمشاهد
ذكرنا فيما سبق أن شكل الفيلم البنائي هو التمحور حول المركز أو الشمس ذات الاشعة المتعددة وكما يظهر يبدأ المشهد الملحمي episode  بلقطة كبيرة للشخصية الضد: في المشهد الملحمي الأول ( وجه رشاد في البروفيل)، وفي الفصل الثاني ظهر محمود، وفي الفصل الثالث: أقدام حسونة الهابط.
هذه البداية تمثل أول أشعة الشمس، وهي بداية غير مألوفة للحكاية، فتقليديا تكون اللقطات المتوسطة أو البعيدة أو العامة هي البدايات الملائمة، بينما تحفظ اللقطات الكبيرة لإبراز العواطف وتحليل الشخصيات، وبالتالي التعيين في الشخصية.
وهنا يختلف دور اللقطة الكبيرة عن هذا الدور التعييني، فهي هنا تؤدي غرضا آخر، أنها تعطينا الفرصة للتعرف على الشخصية، ومن ثم تؤكد فكرة المرأة التي نبحث فيها عن صورة القتيلة، أي عن تاريخها الذي هو تاريخ سلعيتها وتشيؤها، وبالتالي تصبح اللقطة الكبيرة وسيلة للتعرف على أسباب التشيؤ، أو الأشخاص التي أدت إلى هذا وهي بدورها تعاني من نفس فقدان الذات والاغتراب والتشيؤ، كل على مستواه.
ويمثل الشعاع الثاني الحدث وهو يتضمن علاقة البطلة المركزية ( صورة القتيلة) بالبطل الضد، وميزانسين الشخصيات في المكان، وهو الأمر الذي يشير إلى الطبقة أو الشريحة الاجتماعية التي ينتمي إليها أبطال المشهد الملحمي، وسنحاول تفصيل هذا .
ويمثل الشعاع الثالث الشخصيات، وهي تقدم على مستويين، يتضمن الأول منهما شخصيات الحدث المركزية المستقلة، بينما يتضمن الثاني الشخصيات الأساسية أو أبطال الفيلم الثالثة ( الصحفي والصحيفة والشرطي) وهذه الشخصيات تمثل الاندماج المتحكم فيه كما رأينا فيما سبق.
ويمثل الشعاع الرابع عملية كسر الوهم في كل مشهد، وهي تمثل شعاعا منفصلا لأنها توازي المعني الرمزي كمقابل للمعني المحدد، لأنها ليست جزءا من الحدث، ولكنها كسر للحدث، والملاحظ أن كل عملية في كل مشهد إنما تثير إشكالية، وتردد على إشكالية أخرى، فكسر الوهم في مشهد المصنع مثلا، من خلال كسر التواصل المكاني ( الراكور) الذي يجري فيه الحوار، لا يسكر فقط الستار الوهمي الذي يلف الجمهور، ولكنه أيضا  وعلى مستوي آخر يعمم الحدث، إذا أن تغير مكان الحوار مع استمرار العبارات، إنما يوحي بأن هذا الحوار يحدث دائما وفي كل مكان، فهو يرد على إشكالية "أين؟"، بينما يثار تساؤل تنفيذي بخصوص "من؟"، ونلاحظ أيضا أن هذا يحدث بعد فترة محددة تسمح بالانتقال من المشهد إلى المشهد الذي يليه، كما ترتب لكسر الوهم فيه.
وينتهي الفصل بالشعاع الخامس، وهي نهاية لبداية المشهد الذي يليه، فهي نهاية انتقالية، إذ عندما يقرر محمود أن يذهب إلى البوليس قائلا :"تعرف يا إسماعيل.. أنا عاوز أروح إلى البوليس وأقولهم على كل حاجة".. نجد أن المشهد الذي يليه يبدأ بحسونة وهو يكفر في الإبلاغ عن نفسه للبوليس.. بهذه النهاية التمهيدية/ الانتقالية أتت بنية الفيلم السلمية متفقة تماما مع فكرة الفيلم من حيث تصاعد (سلعية) القتيلة، وبالتالي من حيث تساوي إدانة الأفراد التي تؤدي إلى إدانه الطبقة التي ينتمي إليها هؤلاء، هذا كما نلاحظ أن الفيلم يستخدم صورة القتيلة المنشورة في الصحيفة اليومية باعتبارها الفاصلة السينمائية وعلامة الترقيم، حيث تفصل بين كل مشهد وآخر، مثلا تربط بين كل مشهد وآخر، وبذا تظل القتيلة هي البطلة غير المرئية في الفيلم، وهكذا تتفق البنية العامة الشمسية للمشاهد، مع البنية الكلية السلمية للفيلم، فكل منهما يعمل في نسق واحد يوضحه.
شكل (4)
البنية الداخلية لكل مشهد ملحمي
سنحاول فيما يلي تفصيل البنية العامة لكل مشهد ملحمي، محاولين رؤية كل مشهد في نسق خاص به، مع الاعتراف أن هناك نسقا بنائيا أكبر للفيلم يضم مجموعة البني الداخلية لكل مشهد.
المشهد الملحمي الأول: يناقش بنية العائلة البورجوازية الصغيرة التقليدية من خلال جزئيات ( رب البيت الموظف، الزوجة الغيورة، الخادمة الريفية، الارتباط بالقرية، إلى آخر هذه التفاصيل الحياتية).
ونري في هذا المشهد كيف تبدأ رحلة تشيؤ المرأة وتحولها إلى سلعة، فشلبية كانت تحب كل الناس، كما تخبرنا الطفلة، ولكن كانت تحب بابا أكثر، وحب بابا يلخص حلم شلبية الذي تعبر عنه هذه المعادلة:
الحلم – البقاء في المدينة = الزواج من موظف
وهذه المعادلة تعادل المثل الشعبي: أن فاتك الميري اتمرغ في ترابه، ومدكور يقدم أحد عنصري المعادلة ( الموظف) بوصفه أول أبطالة الذكريين الأضداد antagonist  أنه أولا يرصد موقعه الاجتماعي: موظف صغير في إحدى دواوين الحكومة ( مشهد الأختام) وموقعه العائلي: زوج طيع لامرأة غيورة، وكما نلاحظ أن هذا الرصديعادل القشرة الخارجية لنموذج سينمائي تقليدي cinematic stereotype ، ولكن مدكور لا يتوقف عند تقديم هذا النموذج التقليدي، بل يقوم بتقريبه والنفاذ داخل تكوينه، وذلك بتعرية العلاقات الأسرية وعلاقاتها الطبقية داخل إطار البناء الاجتماعي social structure ، ليظهر هشاشة هذا البناء وضعف هذه العلاقات الموهومة.
أن القهر الذي يعانيه رشاد أفندي على يد السلطة/"الدولة والزوجة"، يقوم بإخراجه على الخادمة شلبية، أما المعادل الرمزي لهذا فهو قهر المدينة للريف، ونوعية القهر الذي يقدر رشاد على ممارسته هو الاغتصاب الجنسي، وهنا يقوم مدكور ثابت باستخدام مفردات سينمائية تقليدية: ولكنه على المستوي التصوري يحيلنا إلى مفردات سينمائية قديمة مثل: فوران القهوة وتغير لون الورد وانفتاح زجاج النافذة، ويهزأ بها ويضحك منها، أن الضحكات الجنسية هنا تسخر من هذا التراث البالي ومن القيمة التي يمثلها "شرف البنت زي عود الكبريت"ويسخر منها بالصورة، فالطربوش الذي يوضع على البوتاجاز يحترق، بينما يعادل الطربوش الذي يوضع على البوتاجاز يحترق، بينما يعادل الطربوش عند المتفرج زمنا قديما"إحدى الدلالات المرئية لعصر مضي"واحتراقه يعني احتراق هذا الزمن، وبوضعه في نفس الكادر مع اللبن الذي يفور نحصل على المعادلة البصرية/ المعنوية visual semantic  التالية:
الطربوش/ الزمن البالي= اللبن/ مفردات السينما القديمة
والمعني اللازم denotation  هنا أن احتراق الزمن القديم وذهابه يعادل تخلصنا من مفردات السينما القديمة ومن إسارها ولكن المعني المصاحب connotation  يعادل الزمن البالي وتخلصنا منه بالقيم والعادات والثقافة وفي النهاية بالطبقة الاجتماعية التي تنتمي لهذا الزمن وتحمل هذه القيم، وكأن المقصود ليس التخلص فقط من آثار هذه السينما ولكن التخلص من هذه القيم ومن الطبقة والمجتمع اللذين يفرضانها، أي التخلص من سلعية البشر، ومن معادلة الشرف بالجنس إلى آخر القائمة.
وتظهر عملية النمذجة typageمرة ثانية مع تغير الخادمة، فتعدد الخادمات وتبدلهم يجعل مشكلة شلبية أمر عام ويحولها إلى نموذج مكرر، وهنا تحذير من استمرار هذا النموذج، وبالتالي تكرار المأساة مع استمرار الشكل الاجتماعي الذي أفرزها.
والشخصيات الأساسية في المشهد تمثل استمرار فكرة النمذجة أو التأطير أو التعميم، فكل منها يقدم وجهة نظر عامة: الصحفية ماجدة تمثل منهاج الصحافة المردخية الأمينية في البحث عن الأخبار المثيرة، ولكنها تعكس شخصيا مستوي آخر هو البساطة والبعد عن التقعيد، ومن ثم فهي أقرب الثلاثة للتعاطف مع القتيلة، أن الصحفية إنسانية وبسيطة لم تضع بعد في غياهب متاهات المثقفين وثروتهم الكلامية، وعلى طرق النقيض يقف الصحفي راشد الذي يعكس بوضوح أزمة هؤلاء المثقفين، فهو يقول: واضح أن الجسد لعب دور البضاعة"، ونري أنه يدين القتيلة وبشدة، متناسبا كلمة السيد المسيح: "من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر"، وهو هنا يدين نفسه فنحن نراه في المشهد الملحمي الثالث يلعب دور المسيح ضمن الحفل التنكري الفانتازي الذي يقيمه حسونة المغربي، أن مدكور ثابت حين يجعله يؤدي هذا الدور في الواقع/ الوهم أو المتخيل- بينما سمعناه ينكره لسانيا- يجعلنا نصنع عملية مونتاج ذهنية مستدعين القول السابق نتيجة للرؤية الحالية، أي الربط بين البصري والسمعي، وهنا تتكثف أمامنا بكل وضوح أزمة المثقف الواقعية، هذا المثقف الذي يبذل آخر نقطة من دمه كلاميا دفاعا عن الوطن والعروبة والقومية، الخ، بينما يبيع هذا الوطن وتلك القضايا لقاء ضما نبعض الفتات.. أنه يعيش إذن ازدواجية حياتية، فهو المسيح الواهم أو الدجال، أما الشرطي فهو يمثل الموقف السلطوي، وهو في حركته يتخذ دائما موقف مواجهة الجمهور وكأنه ينوي إلقاء القبض عليه، فهو سلطة القهر والتعسف في خدمة الشعب.
وفي إطار هذه العملية ( النمذجة) نري دور الطفلة الصغيرة أو ابنة رشاد افندي التي تقدم لنا مفهومها عن الحب والبراءة والبساطة، ويقدم مدكور ثابت من خلالها هذا المفهوم مستخدما نمطا سينمائيا مشهورا، فمعادلة الطفولة بالبراءة والخلو من الأخطاء الكبيرة التي تلوث عالم الكبار أمر مألوف وشائع ووجودها يستدعي هذه المعاني من خلال علاقتنا بالسينما العالمية كمرجع أساسي، ومن خلال محاولتنا استرجاع الطفل الذي نظن وجوده في كل منا، وهي تعادل سينمائيا عند المخرج القتيلة أيضا من حيث كونها تتمثل بها وتحبها، فتعطينا معادلة الطفلة- القتيلة، إذن البراءة هي التي قتلت في نفوسنا.
وهنا يستخدم مدكور ثابت ممثلة معروفة في دور الزوجة: فتحية شاهين، ولأنها بصريا تمثل للمتفرج تراثا ثقافيا ماثلا لدورها، أي الزوجة القوية الغيورة التقليدية، لذا فتقبلها السياقي سلسل وطبيعي، هذا بينما يؤدي دور الزوج "عم عبد الشافي"، وهو يمثل لأول مرة لأن الدور ليس تقليديا، ليس نموذجا، بحيث يمكن أن يؤديه ممثل تقليدي مثل "عدلي كاسب"أو "عبد المنعم مدبولي"، مما قد يحدث عملية تعيين من خلال النجم لبعض المتفرجين، وهو ما يرفضه الفيلم كما أوضحنا.
وينتهي المشهد الملحمي الأول برشاد أفندي يسير في الشارع وتتابعه الكاميرا، ثم تلتقي معه فجأة ودون إنذار إعلانات أربعة محمولة وفرقة موسيقية تدق آلاتها وتقرع طبولها، افيشات أفلام في بروجرام واحد: دراكولا- من القاتل؟ أنا القاتل- الحب القاتل. يلتقي الوهم مع الواقع، ولكن أيهما الواقع؟ هذا هو السؤال الذي يفرض نفسه.
وهذه العناوين تثير العديد من التساؤلات: من هو داركولا؟ هل هو رشاد أفندي الذي اغتصب شلبية؟ أم هو هذه الطبقة التي تمتص دماء الشعب  الكادح؟ أهم هو دودة البلهارسيا التي تمتص دماء الفلاح المصري ودماء مصر كلها وتهدد 80% من أبنائها؟ أم هو الجميع؟
ثم، من القاتل؟ عودة التساؤل الأساسي للفيلم – عفوا، الذي يبدو أساسيا – ولكنه استفهام من قبيل استفهام جرير:"ألستم خير من ركب المطايا وأندي العاملين بطون راح "أنه استفهام يقصد به الإدانة: أنتم القتلة، هذا هو المقصود: والمضير يعود على الجميع.
ويرد العنوان التالي مؤكدا: أنا القاتل. أن ضمير المتكلم هنا يعود على الجميع، إنه الأنا الجمعية لهذا المجتمع الذي تسبب في قتل البراءة في نفوسنا.
ويأتي العنوان الأخير ليكون همزة الوصل التي أشرنا إليها بين المشهد الملحمي الأول  والمشهد الملحمي الثاني: الحب القاتل، فسنري أن المشهد الثاني ينكر كيف عثرت أو ظنت أنها كثرت على الحب بينما هي في الحقيقة تسير في طريقها المرسوم نحو نهايتها المحتومة.
أن هذه العناوين تستخدم لغرض آخر، فهي تستخدم استخداما بريختيا لكسر الجو الوهمي المحيط، فهي تأتي فجأة، وعلى موسيقي غربية، فتحدث عملية اغتراب فسيولوجية من خلال اختلاف الصوت والصورة عن السياق المفترض، وهذا الاستخدام يوضح العلاقة الجدلية بين السياقي والتصوري، يحث يمثل السياقي الترتيب البنائي، ويمثل التصوري التداعي المعنوي على حسب ثقافة المتفرج.
ونود في النهاية أن نشير إلى أن وجود علاقات بين المشاهد لا تنفي بنية الفيلم السلمية، وأن نمط Pattern  هذه العلاقة يشابه نمط النخاع الدماغي cerebral cortex  وتتضح هذه العلاقة في فكرة التداعي البصري اللفظي بين تمثيل صورة المسيح بصريا، وإدانه صورة القتيلة لفظيا، وايضا في فكرة الريف ودراكولا، كما يظهر بعد الفصل الأخير.
المشهد الملحمي الثاني يناقش علاقة الإنسانية بالآلة، وكما نري فتلك الإشكالية جزء من إشكالية علاقة الإنسان بمجتمعه، وبالتالي جزء من إشكاليات الفيلم، وهذه الإشكالية تتضمن ازدواج صاحب العمل/ العامل، وكذلك ازدواج العامل/ الآلة.
ويمكن صياغة قانون هذه الإشكالية كالتالي: صاحب العمل/ العامل/ الآلة = اغتراب الإنسان في المجتمع الرأسمالي، فالعلاقة بين العامل والآلة  تشبه علاقة تروس الآلة بعضها البعض وهذا العامل لا يحس بقيمة ما ينتجه، وبالتالي لا يحس بذاته، وتتم ترجمة هذه العلاقة سينمائيا من خلال المصنع الذي تسيطر عليه الآلة والإنسان، هذه الآلة التي ننظر إليها من أعلى ثم من أسفل ثم من اليسار، وأن مدكور ثابت بتأمله للآلة يعبر عن اغترابنا نحن، والمقصود بالضمير، هنا: نحن كل المجتمع، أي المتجمع الصناعي، كما أنه في مستوي آخر يعبر عن اغتراب هؤلاء المثقفين عن الطبقة التي تشكل جزءا من هذه الآلة، أي الطبقة العاملة، وهنا يعبر مدكور ثابت بطريقة أخرى عن أزمة المثقف، ومن ثم يقل تواجد دور الصحفي في هذا الشهد الملحمي ككل، فلا حاجة لنا به إذا الكاميرا هنا تؤدي نفس مهمته ( الصحفي يمثل ذاتية حرة غير مباشرة free indirect subjective )  وأزمة المثقف هي إشكالية متكررة تعاود طرح نفسها المرة تلو الأخرى، ولا نغالي أن قلنا أنها تستحوذ على مدكور ثابت.
ويناقش مدكور ثابت هنا سلعية المرأة من خلال ممارستها لحقها في الحب، وقد أعددنا لهذا بعنوان "الحب القاتل"، ويتضح هذا من خلال اعتراف صاحب المصنع بأنه أحبها وأحبته، أو كما كانت تقول له "أنا من إيدك دي لغيدك دي"، أما استسلامها له بعد عقده عليها عرفيا فليس سقوطا، ولكنه ممارسة لحقها في الحب وحريتها في أن تهب جسدها وتأخذ حب من تحبه، أن السقوط هو سقوط صاحب المصنع حين رفض استمرار العلاقة بمجرد أن بدت نتائجها بعد أن حملت وأثمرت أن رفضة لتطور العلاقة يعني رفضه لخروج حبها للنور، وبالتالي رفضه لتطور حبهما، وهو ما يدفعها دفا للتشيؤ والسلعية، أنه حين يجهضها إنما يجهض البراءة الموجودة فيها، وهو لا يطردها أو يرميها، بل أن علاقتهما بعد ذاك هي التي تصبح مستحيلة.
أن العلاقة تعبر عن تمزق الاثنين: تمزق صاحب المصنع محمود "محمود المليجي"بين احتياجه للحب، وبين قيود المجتمع التقليدي ( الزوجة، الأولاد، الأصدقاء، العلاقات المفوضة.. إلى آخر كل مفردات الشق الاجتماعي الواجب احترامه) وكذلك تمزق البطلة العاملة سميرة بين حقها في الحب وبين استحالة وجود هذا الحب في إطار الشق الاجتماعي القائم، ويتجلي هذا التمزق أيضا في شخصية إسماعيل الذي يوافقه تارة، ويخالفه أخرى مشكلا في نفسه مرآة لأحد مكونات ذاتية محمود.
ولنا أ، نتساءل لماذا تغير الاسم من شلبية إلى سميرة؟ أن الأمر يعدو فقط كونه تأكيدا على المستوي السياقي لبنية الفيلم السلمية، فلو نظرنا للأمور من جهة أخرى لا نبثق أمامنا هذا التساؤل: أليس يمكن أن تكون شخصية أخرى؟ أليس هذا شكل من أشكال لتعميم التنمذج؟ وفي هذا الإطار نفهم عبارة: "صاحب مصنع القاهرة الكبرى.. للنسيج"، حيث يتوقف الممثل الكبير محمود المليجي، حيث ينطق هذه الكلمات بعد كلمة "الكبرى"لوان قليلة تكفي لكي نستوعب المعني المصاحب Connotation ، حيث تتبدي لنا كناية dissimulation  مقصودة.
هناك تساؤل آخر بخصوص اختيار الممثلين وهو اختيار محمود المليجي لهذا الدور، لماذا؟ يكمن مفتاح هذا التساؤل في اسم "محمود "الذي يستخدمه محمود المليجي في الفيلم، فالتطابق في الاسم= تطابق في الشخصية، أي تطابق بين الشخصية السينمائية"محمود صاحب المصنع"وبين النجم السينمائي "محمود المليجي"بما يحمله من تراث ثقافي في ذاكرة المتفرج البصرية أي ما يترواح بين الشرير بلا قلب كما بدا في فيلم "غزل البنات"والفالح ذو القلب الكبير كما في فيلم "الأرض"وبالتالي فإننا نفهم التمزق الذي تعاني منه الشخصية محمود من خلال فهمنا لتراوح أدوار "محمود"النجم.
ولا يفوتنا أن نلاحظ أن هذا المشهد الملحمي يستعير بشكل كبير من فيلم مدكور ثابت التسجيلي الأول "ثورة المكن"، ولكن مبدأ الاستعارة في مفردات التكوين والفكرة العامة فقط، أي الآلات والعلاقة بين الإنسان والآلة، إلا أن هناك طبقا كاملا بين الاثنين، ففي "ثورة الممكن"نري الآلات ترقص على الموسيقي الموضوعية، وهنا الآلات صامته والإنسان يتكلم في انفصام عنها، في "ثورة الممكن"الآلات تتحرك في سرعة ولا تتأملها الكاميرا، هنا الآلات بطيئة تتأملها الكاميرا متعجبة، أن "ثورة المكن"تعبير عن تلاحم الإنسان مع الآلة في مجتمع مثالي، أما هنا فتعبير عن اغتراب الإنسان وتمزقة في المجتمع الرأسمالي.
ولا يفوتنا أن ننوه بديكور حجرة المعيشة والنوم والساعة التي تزين الجدار والتي يتم التركيز عليها في لقطة كبيرة، إذا يذكرنا جو هذا الديكور بالأفالم الألمانية التعبيرية الصامت لمورنا وفينة ولانج: من أمثال "فاوست"، و"عيادة الدكتور كاليجاري"و "متروبوليس"، حيث الجو الكابوسي والكآبة التي تنبثق من ديكور الفيلم، وهو ما يوحي به إلينا الديكور هنا، وكأنه يتنبأ بمصير قاطنته أو الموت والفشل المتربصين بها، أنه نذير قدرها المحتوم، ويتلاءم هذا الجو النفسي المقبض مع الجو الكابوسي للمشهد القادم، أما الساعة فتقوم بمهمة الشاهد على الجريمة التي ترتكب في حق الإنسان في هذا العصر، إنها الشاهد وهي"يمقلتي"الحكم في مباراة الكرة هذه المأساة.
ولقد تكلمنا عن أهمية وجود الفتاة غير الواضحة out of focus  في خلفية الكادر وهي ترسل القبلات إلى محمود في مقدمة الكادر، ونري أنها بمثابة بدل للصورة وهذا البديل موجود في كل المشاهد الملحمية زينب الخادمة، شغل كايرو سالومي في المشهد الملحمي الثالث، العاهرات الثلاث في المشهد الملحمي الرابع، فهذه اللقطة إذن تقيم جسرا بين المشاهد المحمية بعضها البعض، أي نفس فكرة ألياف الإسقاط السابق ذكرها، وهي طريقة أخرى لربط الإيقاع الداخلي للمشاهد.
ويتم كسر الوهم هنا من خلال القفزة المكانية للسياق مع استمرار سياق الحوار بين م حمود وصديقه إسماعيل، وهو ما يحث عملية تنبيه فسيولوجية من خلال عدم اتساق المرئي مع المسموع، وهي أيضا مجموع حسابي لعملية الكسر السمعية  في المقدمة والكسر البصرية في المشهد الملحمي الأول.
وهمزة الوصل بين المشهد الملحمي الثاني والمشهد الملحمي الثالث تتم عن طريق المونتاج الصوتي من خلال اتساق شكلي بين كلمات محمود:"تعرف يا إسماعيل أن أنا بأفكر أبلغ البوليس"وكلمات حسونة: "لازم أبلغ"الأولي تنتهي فصلا ومشهدا ملحميا، والأخيرة تبدأ مشهدا ملحميا آخر.
المشهد الملحمي الثالث يبدأ بنفس فكرة الانتقال البصري المكاني، مع الاستمرار في السباق الحواري، فبعد وصول حسونة المغربي إلى قراره بعدم الإبلاغ وهو يهبط السلالم، نراه في اللقطة التالية يحرق الجريدة ويلقيها في الحديثة، ثم يتحرك متجها إلى حفلة تنكرية وهو يقول "الوداع يا فافي"تمنياتي لك بالجنة، وهو هنا لا يكرر عملية الوهم، إذا تفقد هذه الحيلة قوتها بتكرارها وبالتالي الاعتياد عليها، أنه يكتفي هنا بربط المشهد سياقيا بالمشهد السابق، ليتفرغ لإعداد المتفرج للجو الفانتازي الذي سيدخله معها، بينما يذكرنا هذا الجو بمفرداته التكوينية سواء الحفل أو الأشخاص أو الأقنعة أو الملابس الغربية بفلمي فيلليني "جوليتا والأشباح"و"ساتيركون"، ليشكل ذلك ما يسمي لغويًا بالإحالة، حيث لنا أن نبحث عن معني حفل مدكور ثابت الفنتازي في حفلي فيلليني في جولتيا والأشباح وساتيريكون. إن حفل ساتيركون يعبر عن انهيار المجتمع الروماني، كما يقصد فيلليني إلى أن يشيء إلى تفسخ المجتمع الغربي على مثال نظيره الروماني فهل يقصد مدكور إلى أن يشير على الانهيار الذي أصاب المجتمع المصري وتفسخه بعد هزيمة 1967 الدامية؟ هذا بالإضافة إلى أن جولينا فيلليني تنفصل تمامًا عن هذا الحفل الذي أقامته في دراسها؛ وبما يعني أن فيلليني يشير هنا إلى اغتراب إنسان هذا العصر داخل مجتمعه، أي ذات ما يقصده مدكور ثابت كما لا حظنا منذ البداية.
       من ناحية أخرى فإن الإنسان يميل عند فيلليني إلى الحياة مع الأشباح والكوابيس، أي الحياة في الوهم، بينما يتم التوصل لهذا المعني من خلال مفردات متعددة:
1-    التقمص (الشخصيات الذكرية مثل نيرون والمسيح وسالومي وهيرود).
2-       القناع (الخرتيت ووحوش غابة الآدميين).
3-    النكوص (العودة إلى الطفولة والنظر إلى أن كل شيء مجرد لعبة9.
4-    الشر والمال والحياة المتفسخة.
ونجد الطفل عند فيلليني طفلاً مريضًا يستنفد غرضه من اللعبة ويرميها. إنه طفل نرجسي مدمر يعميه حب الذات وشهوة التملك عن أي شيء إنساني، أي ما يتناقص بشكل صارخ من طفلة المشهد الملحمي الأول عند مدكور ثابت التي تمثل البراءة والحب، الأمر الذي يعيدنا إلى علاقة طباق أي تصادم، فالصحفي يتناقض هذا (فعلاً) مع موقفه السابق (كلاميا)، وتتناقض طفولة المضارب مع طفولة الطفلة البريئة، بينما لا ينفي هذا مرة أخرى وجود بنية سلمية أساسية للفيلم التي تتضح من خلال تغير اسم القتيلة، والذي أوضحنا كيف يمكن فهمه على مستوى التعميم.
   ويعود مدكور ثابت في هذا المشهد الملحمي إلى إشكالية "حب المثقف"، ولنفهم تكوين راشد وماجدة من خلال تكوين ثلاثي المستويات يظهر فيه راشد وماجدة يضحكان ويشربان، وتقول له في سعادة: "أنت لما بتشرب بتبقى راشد اللي يحبه"، وهما في المقدمة.
   أما خلفهما مباشرة، فيميل الخرتيت على حسونة المغربي ويضحكان في سعادة، بينما تشكل إن السادة هنا تتعادل عند الجميع وتتخلق من خلال الشراب والرحلة إلى عالم الأشباح والوهم والخيال، وهذا التكوين العميق الذي يحتل راشد مقدمته، إنما يكشف لنا بوضوح عن شخصية هذا المثقف العاجز الذي يجب ذاته الأنانية ويستخدم كلماته الكبيرة بمثابة ستار يخفي وراءه عجزه الفعلي- هذا العجز الذي ينكشف عند أو محك وبمجرد الشرب.
   إن مدكور ثابت بهذا المشهد الملحمي، إنما يسبق يوسف شاهين في تقديم الفيلم التبوئي، وهو يشابه فيلم جودار الصينية"، الذي تنبأ بأحداث مايو 1968، فمثله مدكور ثابت يتنبأ 1969 بوصول فئة المضاربين والسماسرة من أمثال حسونة المغربي إلى قمة السلطة وأعلى المرتب الاجتماعية. ولقد تحول هذا التنبؤ إلى حقيقة بعد أعوام قليلة.
   وكان كلام حسونة للخرتيت عن "الشلوت الاسترليني"، على سبيل المثال، سابقًا لأوانه. فلم تكن السوق السوداء/ الموازية كما هي عليه الآن، ولم يكن سعر الدولار قد بلغ ما بلغه. وكان الكلام في المشهد عن انتهاء شغل كايرو وأن لعبة السنة دي هي شغل روما "|(المقصود روما القديمة) هو من قبيل رجم الغيب، الذي لم يتحقق إلا عام 1981، وكان المشهد كله كان إهداء إلى العشب المصري. وبالتأكيد فإن السينما عندما تصل إلى أعلى مراحل نضجها لا تكون فقط أداة لقراءة الواقع وفهمه، ولكن أيضًا أداة لاستقراء هذا الواقع وتغييره. لقد تحققت تلك النبوؤات التحذيرية أو التحذيرات التنبوئية، وربما كان هذا أحد جوانب الإجابة على التساؤل: لماذا لم يقدم مدكور ثابت فيلما روائيًا آخر في الفترة من 1969 وحتى الآن، ومازالت صورة الإجابة لم تكتمل.
   إن المشهد كله بما فيه من مفردات تغريبية وإبهامية إنما يشكل كسرًا للحاجز الوهمي على المستوى الدرامي. وأبرز مظاهر كبير الحاجز الوهمي في إطار الحدث هو ظهور الشخصيات الرئيسية الثلاث في الحفل فجأة وون مقدمات، وكأنها متسقه مع جو المشهد كله: أتت من اللازمان واللامكان، وترى هنا كيف تطورت التجربة، فبعد أن بدأت سمعية في المقدمة أصبحت بصرية في المشهد الملحمي الألو، ثم سمعية بصرية في المشهد الملحي الثاني. وها هي نقلة كيفية في التجربة، فكسر الوهم يتم دراميًا من خلال مفاجئتنا بالشخصيات في جو وهمي خالص، ومن هنا تزداد جدلية الحوار بين الفيلم والمتفرج.
المشهد الملحمي الرابع يقدم احتراف الفتيلة/ الصورة للدعارة، ويتغير أسمها ثانية إلى دربة، وتقوم عتلاقة بينها وبين يوسف (أحد الشابين اللذين أدعيًا قتلها) ويوسف يسأل مدكور ثابت في هذا المشهد الملحمي "لكن المفروض أن أنا القاتل؟.
   إن هذه العلاقة تكشف عن استحالة حصول هذه الفتاة على الحب، أي استحالة وجودها كإنسانة، فرفضها المتكرر للكلام عن الحب يعبر عن وعيها بعد رحلتها الطويلة بعدم وجود مثل هذه الكلمة في قاموسها اللغوي، أي أنه يوضح مدى سليتها وتشيؤها، وبالتالي فإنه يعبر عن ضياع حلمها الواهم الذي نراه في الفصل الأخير، أي الذهاب إلى المدينة، وهي بالتالي تحصر نفسها في إطار العلاقة المهنية. إنها على حد تعبير زميلاتها العاهرات تعرف إزاي تأشط الزبون"وهي قد كونت لنفسها من واقع الحلي التي ترتيدها ثروة معقولة، ومن ثم فقد وصلت هنا قمة السلعية، أما الخطوة التالية لها في السلم فهي الموت. وحينما يطلب أو يسأل يوسف مدكور ثابت: "المفروض أن أنا القاتل"لا يكون الاستفهام بقصد التساؤل بل يقصد الإثبات: "أنا القاتل"أي "أنا قاتل أناي الأخرى". فهو سؤال بغرض إثبات وجود الذات، ومقاومة التمزق والضياع. ولقد أشرنا كيف يتم استخدام اسم موحي للقواد "عبد الغني"باعتباره عبدًا لمن يدفع، ويؤكد هذا المعني سخرية إحدى الفتيات منه: "جبت الغني يا عبد الغني؟.
   ويعود مكور ثابت ثانية لاستخدام مفردات السينما القديمة من خلال استخدامه ديكور الحانة، والأغنية التي تذاع من مذياعه قديم، وميزانسين على البار. وكل هذه المفردات تعيد للأذهان المواقف المتشابهة والتي تكررت ألوف المرات حين يفقد المحب حبيبته في السينما المصرية.
وبالتالي فهمي إعادة لموقف السخرية السابق تفصيله في المشهد الملحمي الأول، وأيضًا تأكيد على خطورة هذه السينما القديمة بكل مفرداتها، وإمكانية تسللها لاحتواء الجديد، وهي إلحاح على أهمية دراسة القديم واستيعابه لتجاوزه من خلال نظرية هادية وإيديولوجية ثورية.
   ويؤكد على هذه المعاني ظهور مدكور بشخصه مرة ثانية، فدخوله ضمن نجوم فيلمه يعمل بشكل مباشر على كسر حاجز الوهم بينه وبين المنفرج. إنه يبدو وكأنه يخاطب الناس قائلاً: "ها أنا ذا أحاول وأريد مساعدتكم". إن الكسر هنا خطابي ومباشر، فهو ثمرة الحوار المستمر.
   مع المتفرج. والمباشرة أو الخطابية هنا ليست عيبًا بل هي إضافة قوية لمعني ومبني الفيلم. لكل مقام مقال هذا هو الدرس الذي استوعبه مدكور.
   واستخدام الخطابية يعتبر نقله كيفية أخرى في عملية كسر حاجز الوهم، وبالتالي فهو يرفعنا درجة في عملية الحوار مع المتفرج. فكما قلنا يعتبر "كسر حاجز الوهم النسبي والمتكرر"هو الأسلوب الذي أرتآه مدكور ثابت لخلق حوار مع متفرجة، وهو أسلوب يستقيه من بريخت ومن "سينما الحقيقة"لجان روش.
   ومن ثم لنا أن نفترض أن هناك بنية سلمية تدريجية مشابهة لبنية الفيلم تحكم العمليات المتكررة لكسر حاجز الوهم. ويوضح الشكل (5) هذه البنية. ويمكن مقارنته مع شكل (2)، وتطابق بنية الفيلم مع بنية طريقة الحوار هو إحدى طرق التعرف على الفيلم وفهمه.


شكل (5)
المشهد الملحمي الخامس يأتي ممثلاً العودة للريف، ويعني هذا عند مدكور ثابت العودة إلى لأصل، وكما ذكرنا لا يعني وجود فكيهة في آخر المشاهد الملحمية إفقادًا لبنية الفيلم السلمية، بل العكس، فسعلية فكيهة أمر لابد منه- وهو ما أوضحناه في شكل (3)- فالبنية لا تعني الترتيب السياقي.
   والعودة للأصل عند مدكور ثابت أو العودة للريف تساوي العودة للبراءة والطهارة فهي تعبر عن حنين ذاتي وإشكالية شخصية للغاية: الحنين الدائم للريف والطبيعة، في مواجهة قوة جذب طاغية من المدينة والثقافة.
   فازدواج الطبيعة/ الثقافة، وهو ازدواج أولى في الأنثروبولوجية البنائية، يتحول عند مدكور ثابت إلى ازدواج المدينة/ الريف، ويقدم من خلال هذا الازدواج مجموعة ازدواجات مترادفة: البراءة/ فقدان البراءة، التماسك/ التمزق، الخ.
   وهي إشكالية شخصية وذاتية تعود بنا إلى إشكالية أزمة المثقف مرة أخرى حين يقدم مدكور ثابت في شخص الأب الريفي مقابلاً موضوعيًا للمثقف: الأب الذي عنده الشرف يعني كل شيء، والأرض هي الشرف، ومغادرة الأرض وتركها تعني فقدان الشرف، والموت هو التعويض الوحيد عن ضياع الأرض/ الشرف؛ أنه نقيض لمحارب الكلمات، فكيهة عند الأب هي مصر عند مدكور ثابت، ومدكور يعود لاستخدام الذاتية الحرة غير المباشرة معبرًا عن تمزق داخلي يعانيه، من خلال كلمات الأب "صورتك المقتولة يا بنيتي فيها صورة بلدنا كلها". والذاتية الحربة غير المباشرة تتأكد من خلال المواجهة (الأب يواجه الجمهور)، والصوت الآتي من الخارج غير المتزامن مع اللقطة الكبيرة. ونلاحظ هنا لماذا قام ممثل غير معروف "عم رزق"بهذا الدور، فعم رزق لم يمثل أبدًا، وبالتالي فليس له تراث ثقافي عند المتلقي. أننا نقبله، كما هو عليه فلاح بسيط قوى ولا ينفع أن يقوم بهذا الدور ممثل تقليدي مثل شفيق نور الدين أو محمود المليجي لأن مدكور ثابت لا يقدم نموذج الأب المتفاني الذي يسرق مثلاً من أجل أولاده، بل الأب الواقعي، تمامًا كما أوضحنا. بلدنا عند الأب لا تعني قريتنا، بل أرضنا مصر. أنه لا شابه محي الشاب الضائع الذي يبحث عن بلدياته. فالأمور عند الأب واضحة تمامًا: الأرض تعني العرض ولا تفريط في أيهما.
   ويقدم مدكور ثابت في هذا المشهد شخصية أخرى هي "السقا"الذي كان يريد الاقتران بفكيهة، ويخلق من خلال التشابه الشكلي ( الجناس)  علاقة بينه وبين مسيح المقدمة المصلوب، ولكننا لا نري رابطة معنوية بين الاثنين، فهي  جناس فقط، وسنتحدث بالتفصيل عن ذلك عند الحديث عن الشكل الشعري في الفيلم.
إننا نلاحظ أن الشخصيات الرئيسية لا تظهر هنا ولا يحدث أي ذكر للبوليس والإبلاغ، أي لا يوجد شعور بالذنب أو إدانه هنا، وهذا ما يؤكد على المعني الذي ذكرناه: الريف هو الأصل وهو البراءة عند مدكور ثابت، والاب الفلاح الواقعي هو النقيض الأساسي لشخصية راشد المثقف، وهي إشكالية ذاتية عند مدكور ثابت.
نلاحظ أيضا أن الجريدة التي بها الصورة يتم إلقاؤها في النيل وتجري مع التيار، كما لا تظهر بديلة لفكيهة هنا مثلما ذكرنا في كل مشهد، بل تظهر فكيهة بشخصها تطحن الحبوب في الرحاية وتفكر في القاهرة والبندر وترفض الزواج من السقا، ذلك أنه لا داعي للتعميم باستخدام البديل هنا، فالجريدة التي تسبح تؤكد على فكرة التعميم، فحلم كل فتاة ريفية بالذهاب إلى البندر، وهو حلم فكيهة، تعميم معنوي سيؤدي نفس معني التعميم الشكلي.
أن هذا المشهد الملحمي يمثل ذروة الفيلم ونهايته، وفي ضوء هذا التحليل نفهم لقطة الرقص الأخيرة التي تجمع كل أفراد الفيلم ومجموعة العمل فيه، مع ظهور مدكور ثابت يحرك إصبعه ويرقص، وإنطلاق ضحكات محمود المليجي الساخرة مع اللوحة الأخيرة التي تعتبر بديلا عن النهاية، فلا وجود لنهاية الحوار الذي بدأة الفيلم، وإنما عليان أن نعتبر مع مدكور ثابت نفسه، أن الفيلم كله يضعنا في مواجهة "نكتة سخيفة"كان علينا تحملها لمواجهة واقع سخيف، بالاختيار بين الفعل أو النسيان. ولكن ليس التطهير.
الشكل الشعري
سنفترض سؤالا محددا: هل يعتبر فيلم "صورة"قصيدا سينمائيا؟ وهو سؤال لا يمكن أن نجيب عليه قبل أن نحدد إشكالية الشعر في السينما، ومن ثم فسنتخد من رأي بيير باولو بازوليني في سينما الشعر أساس لفهم الشعر في السينما، حيث الذاتية الحرة غير المباشرة هي أحد أهم مقومات الشعر في السينما، ولكننا نضيف إليها عنصرين: البناء الشكلي، والمفردات الشعرية، ونقصد بالبناء الشكلي الشعري البناء المخالف للبناء السينمائي التقليدي، ولنفهم هذا نعود إلى الأدب، أن قراءة قصة موت معلن لجابرييل جارسيل ماركيز توضح لنا فكرة البناء الشكلي غير التقليدي، فهي أقرب إلى الدائرة مع التنويع على نفس النغم، فالرواية تبدأ بموت بطلها "سانتياجو نصار"في شكل خبر بعد عشرين سنة، ثم تبدأ بعد ذلك في تجميع الخيوط مع السنة معاصري المأساة: الأم، الأصدقاء القتيلة، الفتاة، الخطيبة، الخ، ومع تصاعد الأحداث نصل في نهايتها إلى موت البطل، سانتياجو نصار"ولكن في شك لحدث آني.
أن دورة الزمن هنا مقلوبة تبدأ بالمستقبل بوصفه حاضرا، وتنتهي بالماضي بوصفه حاضرا، وهذا البناء المخالف للشكل التقليدي يمنح الرواية قوة شعرية رائعة، ولكنه لا يكفي لكي نعتبرها شعرا، وبالمثل يكون الأمر في السينما، ففيلم "ظلال على الجانب الآخر"لغالب شعث مثلا، يمثل خروجها على الشكل المألوف، وكذلك فيلم "الأقمر"لهشام أبو النصر مثال آخر، "فالظلال"رؤية مشابهة لرؤية بيرانديللو المسرحية، من حيث وجهات النظر المتعددة لحادثة واحدة، وكذلك "الأقمر"الذي هو تنويع على ننفس النغم، ألا وهو الارتباط بالمسجد، ويأتي "الظلال"أقرب ما يكون إلى الدوائر المتداخلة في شكله، أما "الأقمر"فهو أقرب إلى التمحور حول المركز، ولكن خلو الفيلمين من المفردات الشعرية لا يتيح لنا اعتبارهما شعرا سينمائيا.
والمفدرات الشعرية السينمائية تستمد أساس من النسق اللغوي القومي أولا (في العربية: التشبيه الاستعارة، الجناس، الطباق، إلى آخر أنواع البديع والبلاغة)، ومن النسق اللغوي الشعري العالمي ثانيا ( الإيقاع، الرمز، الخيال، الجو الموحي)، إلا أن استخدام هذه المفردات لا يكفي لكي نعتبر العمل شعرا هنا، ونعود للأدب لنوضح ما نقصده.
تذخر قصة الصورة الأخيرة في الألبوم لسميح القاسم بالمفردات الشاعرية من استعارة إلى تشبيه إلى الجو رمزي، الخ، إلا أنها تتخذ الشكل السردي التقليدي ذي البداية والحبكة والنهاية مبني لها، وبالتالي فإننا لا نستطيع أن ننظر إليها بوصفها شعرا، ولكن بوصفها قصة تقليدية كتبها شاعر قدير.
ويتضح المقصود في السينما عندما نستدعي اللقطة الشهيرة لظهور القرنين لحمدي أحمد بعد زواجه منت سعاد حسني في "القاهرة 30"لصلاح أبو سيف: فصلاح أبو سيف يترجم ترجمة حرفية الكناية الشعبية"طالع له قرنين"ولكن صلاح أبو سيف نفسه يظهر لنا أستاذية وتمكنا في استخدام التشبيه من خلال لقطة عميقة، يقارن فيها بين شكري سرحان الأزهري وبين الحمار المربوط في الساقية في فيلمه "شباب امرأة"مثلما يظهر الشتبيه في فيلم"العصور الحديثة"لشارلي شابلن، حيث لقطتي الخروج من المصنع وتدافع الأغنام؛ إلا أن استخدام كل هذه المفردات لا يكفي لجعل الفيلم شعرا، فهي مجرد أسلوبية شعرية في إطار حكاية وشكل روائي تقليدي.
ويتضح لنا مما سبق ضرورة وجود العناصر الثلاثة في الفيلم: الذاتية الحرة غير المباشرة، والشكل اللاتقليدي، والمفردات الشعرية، كما هو الحال في فيلم أنطونيوني "الصحراء الحمراء"أو في فيلم زيفريللي "أخي القمر أختي الشمس"حيث تنضم خاصية التواصل الشعوري الوجداني إلى العناصر الثلاثة.
ولو نظرنا إلى فيلم مدكور ثابت لوجدنا أن العناصر الثلاثة موجودة فيه، فاستخدام الذاتية الحرة غير المباشرة موجودة كما أوضحنا، كما أن البناء الشكلي يختلف تماما عن البناء التقليدي، سواء من حيث السلم أو الشمس متعددة الاشعة، أو من حيث التداخل بين المشاهد الملحمية، مما يعطي شيئا أشبه بالتنويع على نفس النغم والدوائر المتدخلة، وكذلك نجد استخدام المفردات الشعرية بكثرة، مثل الطباق بين القول والشكل ( في المشهدين الملحمين الأول والثالث وقد فصلناه) ومثل الجناس الشكلي بين المسيح المصلوب في العنوان والسقا حامل صفائح الماء في المشهد الملحمي الأخير، بالإضافة إلى الاستعارة من أفلام "ثورة المكن"لمدكور ثابت  و"جوليتا والأشباح"و"كوفاديس"(شخصية نيرون)، من التمكن من الجو الموحي ( فصل الفانتازيا، ديكور الحانة، المقابر، الخ) وكذلك قوة الرمز( الصورة، الشخصيات، الخ).
ومن ثم فقد توفرت لسينما مدكور ثابت كل عناصر سينما الشعر التي فصلناها، وبالرغم من أن خاصية التواصل الوجداني في الفيلم متكسرة، ولكن عن عمد، فالفيلم يعمل على خلق حوار عقلي كما بينا، ويطلب الانتباه الدائم ويشير إلى أمور بعينها، وبينما أن هذه الخاصية ( التواصل الوجداني) هي التي تيمز الشعر أساسا، ولذا فنحن لا ننظر إلى الفيلم باعتباره من سينما الشعر، لأننا نفترض أنه لا يمكن بناء سينما الشعر هذه على "أسلوب الكسر النسبي للوهم"الذي يعلنه ويسميه مدكور ثابت بنفسه، سواء من خلال أحاديثة المنشور، أو تنظيراته المكتوبة، بل ونزيد أنه لا يمكن وجود سينما الشعر في مصر في الآونة الحالية على الأقل، وهو ما نرجعه أساسا لاختلاف التكوين الطبقي والطبيعية الاجتماعية التي أدت إلى ظهور سينما الشعر في أوربا الغربية، ولكننا قد نكون إزاء شعر آخر، عبر سينما أخرى.
خاتمة:
حتما بعد أن نشاهد الفيلم لابد أن نسأل أنفسنا: لماذا لم يقدم لنا مدكور ثابت فيلما بعد "صورة"؟ لماذا تحولت"الصورة الممنوعة"إلى "منع لصورة مدكور"ثابت"؟ ولكننا نؤجل الإجابة على هذا الأسئلة وأمثالها، لنضع أمامنا سؤالا آخر: هل ينجح فيلم مدكور ثابت لو عرض الآن بعد ما يقرب الربع قرن من الانتهاء منه؟ وبعبارة أخرى: هل يمكن أن يتقبل الجمهور فيلم مدكور ثابت بوصفه فيلما يعبر عن حاجة أساسية لديه؟
سيسارع البعض الإجابة أ، الفيلم للمثقفين فقط، فهو فيلم تجريبي كما يؤكد المخرج وكما اتضح لنا، والدليل هو هذا التحليل المليئ بالإحالة والاستعارة والإشارة للكتب والمراجع والأفلام، الخ، وهي إجابة صحيحة لو نظرنا إليها إجابة تعكس نظرة قدمها مدكور ثابت، نظرة المثقف وقضاياه الكبيرة، وهي تعكس بوضوح عجز هذا المثقف مع قضاياه الكبيرة عن حل أزمته ومشكلته.
وتكمن إجابة التساؤل الصحيحة في فهم سبب اختيار "القالب البوليسيي"أي ذات ما فعله جودار أيضا في فيلمه"على آخر نفس"، ذلك أن شد الجمهور للأفلام التي تتكلم عن قضايا مصيرية ومشكلات حقيقية لن يأتي عن طريق ترداد أبله لأسطوانة مشروخة عن الجوعي والبؤساء والمرضي والأغنياء البكوات، إذا هيس مفردات ميلودراما متكررة، تماما مثلما يقول جارسيا ماركيز:"أن القارئ لا يحتاج إلى من يقص عليه مآسية واضطهاده وغياب العدالة الاجتماعية، أنه يعرف كل هذا ويعاني منه يوميا، وإنما هو بحاجة إلى أدب جديد، ففي الأدب الجديد تحريض وتوعية".
والحقيقية الرائعة في السينما التي نحن بصدد تحليلها هنا، أن المتفرج لا يمل فيلم مدكور ثابت بل وكما قلنا في ختام كلامنا عن المشهد الملحمي الخامس، يكون موقفه النهائي إما الفعل وإما النسيان بتقبل الأمر على أنه واقع نكتة سخيفة.
أن مدكور ثابت في هذا الفيلم يقدم سينما جديدة بحق، بل وعن وعل كامل وتمكن تام من مفردات وقواعد السينما السائدة، ومن هنا تكثر الاستشهادات والإحالة والاستعارة، وفي فيلم مدكور ثابت يجد كل إنسان ذاته ولكنه لا يفقد للحظة كيانه المستقبل، وتلك هي قمة الورعة في لحظات السينما الجديدة المتفردة أن المتفرج يظل مرتبطا بالفيلم ويظل في عملية جدل داخلي مطردة من خلال دخوله وخروجه المتتابعين، يندمج في لحظات وينفصل في لحظات أخرى، تثير عنده اللقطات تساؤلات وتردد عليها لقطات أخرى بتساؤلات جديدة وإجبات تخلق تساؤلات، وكل هذه يضع المتفرج أمام إشكاليات متعددة، لتيحاور مع الفيلم ومع شخصياته ومع المخرج، وفي النهاية مع ذاته كمتفرج.
أن فيلم مدكور ثابت ليس فيلما اقعيا فقط، ولكنه أيضا بمثابة هضم لكل تجارب السينما المصرية في الواقعية، بداء من "العزيمة"لكمال سليم وانتهاء بـ "الأرض"ليوسف شاهين، مرورا بـ"السوق السوداء"و "شباب امرأة"و "الفتوة"وصراع في الوادي"  "وباب الحديد"و الخ، فالفيلم عبارة عن تمثيل لكل تراث السينما المصرية وثمرة لهذا التراث، أن الفيلم لم يكن قد أتي سابقا لأوانه، وكلنه أيضا يأتي اليوم في أوانه، وهنا تكمن قوته وسر بقائه، أن الجزء التنبؤي لا يمكن عزله عن السياق بل لا يمكن فهمه دون الرجوع للسياق.
لقد عبرت السينما المصرية دائما عن إيديولوجية البروجوازية المصرية ولا يجب هنا أ، نقع في اليسارية الصبيانية التي تري في البورجوازية رجسا من عمل الشيطان، بل يجب أولا تفهم طبيعية هذه الطبقة المترددة بين الثورة والحافظة، وبالتحديد ووفق طبيعة المرحلة التي تعيشها بلادنا مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية فإنها تردد بين مواجهة الاستعمارة وبين كبح الطبقات الشعبية ومهادنة الاستعمار والسينما مثلها تتردد بين الواقع وتقديم أفلام تعبر عن النبض الجماهيري.
وتعلو بالوعي الطبقي الشعبي، وبين الوهم وتقديم أفلام مخدرة وتطهرية.
وفيلم مدكور ثابت يأتي في هذا الإطار بعد هزيمة 67 المرة، ليكمل فيلمه التسجيلي الأول "ثورة المكن"ففي "ثورة المكمن"يرصد مدكور حركة الجماهير المصرية في 9-10 يونيو التي هي تعبير واضح عن هزيمة الطبقة الحاكمة ورفض الشعب لهذه الهزيمة، فآلات مدكور في "ثورة المكن"هي هذا الشعب الذي خرج إلى الشارع مطالبا بعودة جمال عبد الناصر، رافضا الرضوخ للهزيمة، وهي ردة فعل عفوية لا تجد بديلا طبقيا محددا فتختار أهون الضررين، ولكن مدكور في فيلمه"صورة"يطور هذا الرصد إلى تحليل ونقد لدور هذه الطبقة التي أدت إلى الهزيمة وإدانتها بكل شرائحها، بما في ذلك مثقفيها اليساريين، أنه هنا يتخلي عن الشكل الرصيد إلى الشكل النقدي، مطالبا بإيجاد بدليل، متسائلا عن كيفية إيجاده ضمنيا، أنه يكشف عجز هذه الطبقة وعيوبها وتفسخها ويتنبأ بما يمكن أن تصل إلهي طالما لم تحدث عملية تغيير جذرية في ميكانيكيات النسق الاجتماعي تؤدي إلى تغيير شامل في البنية الاجتماعية.
وهذه هي إجابة السؤال أيضا: مدكور ثابت لا يتنبا فقط بظهور فئة الطفيليين والسماسرة، ولكنه يتنبأ أيضا بعجزة عن تقديم فيلم جديد في إطار هذه الطبقة دون حل اشكاليته الذاتية أنه هنا يقدم مثالا حيا لارتباط الفنان بالواقع، ففيلم مدكور ثابت إدانة لسينما السبعينيات بأكملها باستثناء أفلام يوسف شاهين، وفيلم "السقا مات"لصلاح أبو سيف، فلا يمكن ومدكور ثابت يسخر المرة تلو المرة من السينما القديمة أن يعود ليكون أحد أساطينها، وبالتالي يأتي فيلميه الكوميدي "الولد الغبي" (1975) سقطة مباشرة تحسب عليه، ولكنها سقطة تنسق مع الواقع المحيط في السبعينيات. وإذا كانت الثمانينيات ومن بعدها تبدأ التسعينيات بسينمائيين جدد وأفلام جديدة، تعكس التغيرات التي حدثت وستحدث في البيئة الاجتماعية، تسبقها أحيانًا وتلحقها أحيانًا، ولكنها أبدًا لا تتطابق معها، فالواقع متغير والفن متغير والنظرية رمادية لكن شجرة الحياة خضراء دائمة الاخضرار، لنكرر القول فلي الختام عن سينما مدكور ثابت، إن فيلمه لم يكن قد أتي سابقً لأوانه عندما قام بإخراجه عام 1969، ولكنه يأتي اليوم أيضًا في أوانه، وفي هذه الجدلية سوف تكمن قوته والسر في بقائه مختلفًا كل الاختلاف.

Article 0

$
0
0
هناك مفهوم فلسفي مرتحل قادم من علم النفس هو مفهوم روح العصر
Zeitgeist
بالالمانية حيث كان الفلاسفة الالمان في القرن الثامن عشر هم من صاغوه و دشنوه و طوره هيجل ثم هيدجر من بعده
ثم اعيد انتاجه في منتصف القرن العشرين في فرنسا فصار
l esprit de l époque
ويعني الروح الثقافية المهيمنة بالمعنى الجرامشي للهيمنة على عصر ما في مجتمع مأ.
وكأنما بالامكان اختصار كل التضاريس الثقافية و الاجتماعية في كلمة واحدة او مفهوم مانع جامع.
فإذا قبلنا هذه الفكرة هل يمكن ان نتساءل ما هي روح العصر في هذا الزمان؟؟؟؟
في تصوري انها البلادة او التبلد حيث نفتقر للابداع و الخيال و الاختراع في كل شيء و يهيمن الخوف و الفزع على كل تصرفات الانسان وفي كل مكان ربما اكون مخطئا او متحاملا لكن لكل مقام مقال ومقال مقامنا الآني هو في مدح التبلد كما مدح ارازموس الحماقة
والله اعلم

Article 0

$
0
0

كلام في الاقتصاد 
عن البورصة و الاغراق المالي و الدعم و التصدير و الاستيراد

حصل استاذ الاقتصاد البريطاني انجوس ديتون على جائزة نوبل في الاقتصاد هذا العام
اهمية هذا ان الرجل مثله مثل الاقتصادي الامريكي مايكل هدسون و كذلك الكاتب الراديكالي الامريكي مايك ويتني يتكلم عن الاقتصاد الحقيقي
http://www.counterpunch.org/…/quantitative-easing-was-a-bu…/
ولايغرقنا في ترهات وكلمات كبيرة وارقام وهمية 
ببساطة يتكلم عن المستهلك و الاقتصاد المنزلي و زيادة الانفاق وخلق فرص العمل
باختصار شديد الاقتصاد ليس البورصة و ليس الزهو السياسي و ليس الاغراق المالي
Quantitative Easing
ولاهو دعم الصادرات التي هي من شأن الاقتصاد الريعي و لكنه في كلمة واحدة

الانتاج ...و الله اعلم
هل سيدخل العالم في ركود اقتصادي جديد؟
http://www.counterpunch.org/…/here-comes-the-next-global-r…/
ماذا يعني هذا بالنسبة لمنطقة الشرق الاوسط؟؟؟
سؤال مهم جدا .. يحتاج اجابات واقعية و نظرة متفحصة
المنطقة باستثناء تركيا منطقة ريعية بالاساس 
المنطقة بما في ذلك تركيا تعاني من مشاكل هيكلية مجتمعية مزمنة 
فسيفساء عرقية عدم استقرار سياسي تمزق اجتماعي عنف حروب اهلية الخ...
اهم شيء ان المنطقة تعاني اساسا مما يسمى بعدم الوضوح و غياب الرؤية

& uncertainty 
lack of vision .
ما العمل؟؟
الله اعلم.
 دعونا نستكمل الكلام في الاقتصاد بالرغم من سخافته ومرارته.
ما معنى فقاعة؟
الفقاعة هي كلمة عربية لها معان متعددة معناها اللازم
نُفَّاخاتٌ ترتفع على سطح الماءِ والشَّرَاب كالقوارير ، تَنْفَقِئُ سريعًا والجمع فَفاقيعُ 
ومعناها الاستعاري شيء جميل ولكنَّه زائل أو خادع أو موهم
http://www.almaany.com/…/ar…/%D9%81%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%A9/

وهذا بالضبط معنى الفقاعة الاقتصادية وهم يباع للناس ويتم تمويله بالاقتراض و الديون
وعندما تروح السكرة وتأتي الفكرة اي تقع الفاس في الراس كما يقولون
يذهب الوهم و تظهر الحقيقة المرة 
ضياع المدخرات وضياع الاموال 
مصداقا للمثل الشهير طمعنجي بناله بيت فلسنجي سكن له فيه
طمعنجي عايز الاجرة فلسنجي منين يديه؟؟
ومرة اخرى 
الله اعلم



Article 0

$
0
0
في تحليل النص و موافقته للخطاب
بحث في جملة للشوكاني
الفقيه اليمني الكبير واحد المجددين الكبار محمد بن علي الشوكاني الامام المجتهد رحمه الله
له العديد من المؤلفات والكثيرمن المصنفات من بينها
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=63047
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار
التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي والدجال والمسيح
الدرر البهية
السيل الجرار المتدفق على حدائق الازهار
تحيةالذاكرين
ارشاد الفحول الى تحقيق الحق من علم الاصول
و ايضا مؤلف فريد في مجاله عنوانه
ابطال دعوى الاجماع على تحريم مطلق السماع.
وهو موضع هذا البحث
في بداية المخطوط جملة تسترعي الانتباه تقول :
"الموجب لتحرير هذا البحث ما وقع لبعض المقصرين من الافتراء البحت من ان السماع محرم بالاجماع. و لا يخفى ان تلك المقالة مع كونها من الكذب الظاهر تستدعي القدح في جماعة من الصحابة والتابعين وسائر علماء الدين.
فهذا هو الحامل لتحرير هذه الرسالة . كما سيقع التصريح بذلك في المتن . فلا يظن جاهل ان جمع هذا البحث قصد الترخيص والترويح فيأبى الله ذلك."
يمكننا تقسيم هذه الجملة الى عدة اقسام
فبدايتها تعليل لسبب البحث "الموجب لتحرير هذا البحث ما وقع لبعض المقصرين من الافتراء البحت من ان السماع محرم بالاجماع."
وهو انه للرد على بعض من الباحثين الذين رأوا ان السماع محرم بالاجماع . و البحث ينعتهم بالمقصرين و يزيد فينعت رأيهم بانه افتراء بحت!!!
الباحث لا يبحث لغرض بحثي خالص ولكن لدحض اراء اعتبرها مغرضة وكاذبة.
فهو بحث لنفع الناس و منع انتشار الاراء المغرضة.
في القسم الثاني يؤكد الباحث الرأي الخاص بكذب هذه الاراء و تهافتها ولكنه يضيف سببأ ثانيا للبحث
الا وهو الدفاع عن السلف الصالح من الصحابة و التابعين و علماء الدين.
"و لا يخفى ان تلك المقالة مع كونها من الكذب الظاهر تستدعي القدح في جماعة من الصحابة والتابعين وسائر علماء الدين."
الباحث ينبري للدفاع عن العلماء لان اراء العلماء بشكل عام تمثل البناء المعرفي الاساس للدين. ومن ثم فالرأي الشطط الذي ينفي الآخر برمته مغرض ومثله في هذا الرأي المفرط في التأويل الذي يلغي اي ثوابت او حدود بزعم التيسير والتسهيل.
و لا يخفى كما يقول الباحث ان القول بالاجماع في مسألة يستتبع نفي وجود كل من قال بغير ذلك.
الباحث يرى انه من الضروري التأكيد على ان الامور المشبهات موجودة لان هذا هو مصداق للحديث الشريف و تأكيد للاخبار.
و ايضا يؤكد الباحث على فكرة الاختلاف التي تؤدي للتدافع وهي رحمة للناس لاختلاف طبائعهم.
اي يؤكد على ضرورة النظر في السياق المعرفي الجغرافي التاريخي لاي مسألة قبل الجزم برأي فيها.
في القسم الثالث يؤكدالباحث على قضية الدفاع عن التعدديةعبر الدفاع عن الرأي المخالف ويؤكد دور العلماء من السلف في تشكيل البنيةالمعرفية للدين بالتأكيد على ان هذا هو الغرض من البحث و ان هذا سيأتي في المتن.
"هذا هو الحامل لتحرير هذه الرسالة . كما سيقع التصريح بذلك في المتن ."
اهميةهذا القسم تكمن في ان الباحث لا يكتفي بتحديد الغرض ولكنه ايضا ينص على ان المتن التالي لايهدف لغير هذا. فهذا القسم بمثابة توطئة للقسمالاخير . وهو الخاتم للعبارة و في تقديري اساس اتزان النص.
في هذا القسم يقول الباحث"فلا يظن جاهل ان جمع هذا البحث قصد الترخيص والترويح فيأبى الله ذلك."
القسم تحذير كما نرى وهوالكفة الاخرى للميزان فالشطط و الغلو له كفتان
التفريط والافراط.
العبارة كنص دال اتصور ان لها اهمية قصوى فهي تظهر ان الباحث لا يدافع عن محتوى الموضوع اي السماع اوالغناء و انما يدافع عن بنية معرفيةاساسية هي حق الاختلاف والتعددية من خلال الغاء فكرة الاجماع التي تؤدي في حالة المسائل الخلافية الى ابطال اراء جماعة من الصحابة و بالتالي تعرض النظرية المعرفية للدين الا وهي الاخبار الى الباطل.
اي تعرض قطعية النص الى النظر.
بمعنى ان الحاصل هنا ان الدفاع عن التعددية في الاراء اي نسبية النص يؤدي الى تثبيت قطعية النص و ليس العكس!!!
هذا في تقديري اهم معنى تقدمه العبارة
و الله اعلم.

Article 0

$
0
0



عن السينما الايرانية والعالمية و الاسلامية فكرة الافراط في النعوت

نشرت هذه المقالة على موقع اسلام اون لاين و جريدة القاهرة منذ اكثر من 15 عاما ولا تزال الاطروحات المطروحة بها مفيدة لمن يريد الاستفادة وخاصة فيما يتعلق  بنعت الشيء دون تبصر و دون تحديد.
 والله اعلم




فازت المخرجة الإيرانية الشابة "سميرة مخلمباف"بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في أعرق وأهم مهرجانات السينما في العالم، مهرجان "كان"الفرنسي، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تفوز فيها سميرة في كان، ولم تكن تلك المرة الأولى أيضا في تاريخ السينما الإيرانية  فقد تكرر فوز هذه السينما بـ"سعفات ذهبية" (جائزة مهرجان كان) و"دببة من أصناف مختلفة" (جائزة مهرجان برلين) و"أسود متنوعة" (جائزة مهرجان فينيسيا).. ناهيك عن الفوز في القاهرة وموسكو وغيرها من المهرجانات السينمائية، هذا المشهد الذي تكرر كثيرا منذ بداية التسعينيات في القرن الماضي استدعى مشاهد أخرى، وأثار تساؤلات كثيرة كلها تؤكد أن ثمة أغاليط بل وخرافات حول السينما الإيرانية تحتاج للتفنيد أو المناقشة على الأقل.

بين الإسلامية والعالمية!

أول مشهد أتى إلى ذهني كان منذ بضع سنين في مهرجان القاهرة الدولي لسينما الطفل، وكنا مجموعة من الأصدقاء نحضر ندوة إعلان نتائج المهرجان ولم يفز الفيلم الإيراني المشارك بالجائزة، وهنا قفز أحد الأشخاص صارخا: "هذا تحيز ضد السينما الإيرانية لأنها إسلامية"!

المشهد الثاني من ساحة الحوار على موقع "إسلام أون لاين.نت"، ففي إحدى المداخلات علق أحد المشاركين على مقال "الفرجة بين الرقابة والتقويم"، فأشار إلى السينما الإيرانية الإسلامية وقدمها بوصفها مثالا يحتذى.

سميرة تتخلى عن الشادور خارج إيران

تكرار استخدام صفة إسلامية هو ما أثار دهشتي: لماذا يعتبر المثقفون السينما الإيرانية إسلامية؟ ولماذا يجب النظر إليها باعتبارها النموذج الذي ينبغي اتباعه؟

محاولة الإجابة على هذا السؤال تؤدي بالضرورة لسؤال آخر حول خصائص السينما الإيرانية التي تجعلنا نراها إسلامية، ثم إلى أسئلة أخرى حول العلاقة بين السينما والدولة الإسلامية في إيران، وموقف السينما الإيرانية من السياسة. لماذا تفوز السينما الإيرانية في المهرجانات الدولية؟ وهل لهذا علاقة بالسياسة العالمية؟ والإجابة على كل هذه الأسئلة ستقود -بالضرورة- إلى رؤية مختلفة عن الرؤية السائدة لهذه السينما.

التزام أم خضوع للرقابة؟

يقول الأخ المشارك في ساحة الحوار:

"السينما الإيرانية وصلت للعالمية من دون أن تكشف المرأة حتى غطاء رأسها". هذا القول يبدو صحيحا، لكنه يتجاهل أن الشادور الذي تستخدمه كل الممثلات الإيرانيات ليس من خصائص السينما الإيرانية، بل هو -ببساطة- فرض رقابي يمثل بعضا من المحاظير التي تفرضها الرقابة الإيرانية التي هي جزء من وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، ومنها عدم ظهور المرأة دون تغطية شعر رأسها حتى لو كانت نائمة، وعدم تواجد رجل وامرأة في لقطة حميمة، وعدم تلامسهما طالما لم يكونا متزوجين في الواقع.

وكل ذلك ممنوعات رقابية يخضع لها السينمائيون الإيرانيون جميعا وبمختلف اتجاهاتهم وكلهم يرفضونها بالمناسبة.

مخملباف

وفي مقابلة مع المخرج أحمد رضا درويش وهو من المنتمين للتيار الإسلامي الإصلاحي، أي أنه لا يمثل المدرسة العلمانية مثل: داريوش مهرجوي أو بهرام بيضائي، قال: طلب مني مدير الرقابة حذف لقطة من فيلم أرض الشمس، حيث ترضع المرأة طفلها، وكانت من أهم لقطات الفيلم، فقلت له: هل رأيت أي خلاعة؟ قال: لا، ولكن وضعها الطفل في صدرها أمر مثير! فقلت له إذن إظهار امرأة حامل هو أمر مثير أيضا!

أحمد رضا درويش وهو إسلامي، وليس علمانيا يعتبر الرقباء مجموعة من المنتفعين وعديمي الموهبة، وهذا رأيه، وكذلك رأى محسن مخلمباف والد سميرة وصاحب مؤسسة مخلمباف للسينما وهو من السينمائيين الإسلاميين الكبار.

أما ابنته المخرجة الشابة سميرة فتعبر عن رفضها للحجاب الذي تفرضه عليها الرقابة بشكل عملي حين تتخلى عن الشادور خارج إيران، مثلما الحال في حفل تسليم جائزة مهرجان كان الأخير!

كيف يتحايلون على الرقابة؟

كيروستامي

إذن نستطيع أن نقول: إن معظم السينمائيين الإيرانيين يرفضون تماما القواعد الرقابية. تلك التي ربما يعجب بها المثقفون الإسلاميون، ويرون فيها دليلا على إسلامية السينما الإيرانية ويعتقدون أنها التزام. فالسينمائيون الإيرانيون لا يلتزمون بها وكثيرا ما يتحايلون عليها؛ أحيانًا بصنع الأفلام خارج البلاد (تركيا مثلا، كما في حالة محسن مخلمباف)، أو بالاتجاه لصنع أفلام الأطفال كما في حالة جعفر بناهي (البالون الأبيض)، أو كياروستامي (أين صديقي؟).. التي كثيرا ما تكون الحل السحري للالتفاف على الرقابة، حيث تتحول الواقعية المفرطة عند كياروستامي وتلميذه ومساعده بناهي إلى رمزية عميقة، وتصبح الصور واللقطات جملا محملة بالمعاني والأفكار التي ترفضها الرقابة، هذا الأسلوب الرمزي الواقعي يعود إلى ما يسمى بالموجة الجديدة في السينما الإيرانية التي بدأت مع فيلم "قيصر"إخراج مسعود كيميائي، و"البقرة"إخراج داريوش مهرجواي في نهاية الستينيات والمخرجان كيميائي وبيضائي من أهم رموز السينما الإيرانية حاليًا أيضًا، وكلاهما من التيار العلماني.

في "البقرة"وبإمكانيات قليلة جدًّا يحكي مهرجوي قصة جنون فلاح فقير نتيجة موت بقرته أو مورد رزقه الوحيد، ويستخدم أسلوب السرد المباشر واللقطات الكبيرة للتعبير عن مأساة هذا الفلاح البسيط الذي يتحول إلى رمز عام للشعب الإيراني الفقير المقهور تحت حكم الشاه.

خصوصية إيران

هذه الرمزية لها جذورها في التراث الفارسي للحكي سواء في قصص الحيوانات (وكلنا يتذكر عبد الله بن المقفع مترجم كليلة ودمنة) أو في شاه نامة الفردوسي، أيضًا تستمد الرمزية دعماً من فكرة "التقية"عند الشيعة والتي كان المأثور الشعبي الفارسي الديني يستدعيها في روايات "التعزية"أو قصص مصارع شهداء آل البيت وكان يؤديها رجال حتى في الأدوار النسائية.

السينمائي الإيراني يلجأ إلى الرمز البصري مثل البالون الأبيض المنطلق للتعبير عن الرغبة في الحرية كما في (البالون الأبيض) لجعفر بناهي، أو الرمز الدرامي مثل فيلم كياروستامي الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان ( طعم الكرز) الذي يتحدث عن مثقف يريد الانتحار ويثنيه عن رغبته تلك سائق بسيط يعرف المثقف من خلال حواراتهما البسيطة أن الحياة جميلة وتستحق أن تعاش، الفيلم إدانة لمجتمع - هو يعني هنا المجتمع الإيراني! - يدفع الفرد إلى الجنون والرغبة في الانتحار ولكنه أيضًا تمجيد للحياة وانتصار للإنسان.

بعض هذه الرموز لا يمكن فهمها بسهولة من قبل المتفرج الغريب عن الثقافة الإيرانية، ففي فيلم "العشاء الأخير"الذي مثل إيران في مهرجان القاهرة السينمائي 2002 وحصل على إحدى الجوائز يقدم المخرج الزوج - الشخصية السلبية الرئيسية - في دور موظف كبير بوزارة العدل، أي كشخصية محافظة دينيا ومتزمتة سياسيًا؛ حيث من المعروف أن هذه الوزارة معقل المحافظين سياسياً، وبينما كانت كل الشخصيات الإيجابية، سواء الأم أو الشاب زميل ابنتها وزوجها فيما بعد أو أبوه أو أخته، تحمل أسماء ماني وغيرها من أسماء فارسية قديمة كان اسم الزوج "محسن"الذي يحمل دلالات دينية في إيران!

كيف نفهم السينما الإيرانية؟

وربما لا ندرك نحن غير الإيرانيين هذه الإسقاطات والرموز لكونها خارجة عن نطاق معرفتنا وثقافتنا أو لكوننا -أحيانا- لا نريد أن نرى السينما الإيرانية إلا في إطار رومانسي أيديولوجي لا يرى فيها إلا نموذج لما يظنه سينما إسلامية تنجح وتصل للعالمية! لكن هذه الرموز بمثابة ألف باء عند الجمهور الإيراني.

أذكر أنني قابلت مخرجا إيرانيا اسمه فروج كريم في مهرجان مانهايم السينمائي بألمانيا عام 1991 وكان يعرض فيلمه الأول "الفصل الأخير"وتناقشنا حول السينما الإيرانية وأبديت إعجابي بفيلم "الغريب والضباب"لبهرام بيضائي بوصفه فيلما يتنبأ بالثورة وبقدوم الإمام الخميني، وهنا ضحك قائلا إن هذا الفيلم بهائي ومليء بالرموز البهائية، و"الغريب"رمز للبهاء وليس للخميني وكل الإيرانيين قد فهموا هذا بسهولة!

مثال آخر على هذا، فيلم "ذات الحجاب الأزرق"للمخرجة راخشان بني اعتماد، فالفيلم ينتهج أسلوب الواقعية الشديدة ويقدم علاقة رجل أعمال غني، بفتاة عاملة متمردة، بعد موت زوجته وعلاقة بناته به بعد زواجه من الفتاة، وكان الرمز الأساسي في الفيلم هو "الحجاب الأزرق"أو بالأحرى اللون الأزرق الذي هو في الثقافة الإيرانية لون العثمانيين السنة وهم الأعداء التقليديين للشيعة بلونهم الأسود المعروف! والتمرد عند الفتاة يتحول إلى تمرد عام ورفض سياسي من خلال هذه الجزئية الصغيرة.

هذه الجزئيات والرموز والتحايل لا تمر على الرقيب الإيراني أو المسئولين، لذلك أحيانا ترفض الأفلام وأحيانا أخرى يتم تهميشها وتوضع في دور عرض صغيرة وهكذا. ولكن حاليا هناك انفتاح كبير خاصة بعد انتخاب الرئيس خاتمي والذي أيده كل السينمائيين، وتعرف هذه السينما باسم سينما الثاني من خرداد (مايو) أي سينما ما بعد انتخاب "خاتمي".

ماذا تعني الجوائز العالمية؟

ما يوطد موقع السينمائيين الإيرانيين في مواجهة الرقابة هو الجوائز والمهرجانات الدولية، الدولة ترى المهرجانات وسيلة للانفتاح على العالم والتفاعل معه، وأوروبا والعالم الغربي يرى في الجوائز دعمًا لاتجاه ثقافي وسياسي معارض للنظام الإسلامي في إيران، وهي نفس المعادلة التي كانت سارية إبان الحكم الشيوعي حيث كانت الأفلام القادمة من دول الستار الحديدي تحظى بتأييد شديد وتحصد الجائزة تلو الأخرى فقط لأنها معارضة رافضة للنظام الشيوعي.

هذا لا يعني بالضرورة أن تلك الأفلام رديئة بل يعني ببساطة أن ثمة توازنا في معادلات الحصول على جوائز في مهرجانات السينما وأن التقويم النهائي غير موضوعي، بل هناك ضغوط سياسية واجتماعية وحتى نفسية على أعضاء اللجنة التحكيم في أي مهرجان.

السينما الإيرانية بلا أدني شك سينما قومية مهمة وهناك العديد من المخرجين الكبار المتميزين في إيران. لكن دعونا لا نفرط في الكلام عن "الإسلامية"أو "العالمية

في الارادة و المعرفة

$
0
0
في مسألة الارادة و المعرفة

ثمة مشكلة تطرح نفسها على السائر في الطريق دائما الا وهي مشكلة الارادة و الفعل و تتلخص المشكلة في سؤال من يقبع خلف حجاب العقل فيقول لماذا نعاقَب و كل الافعال من الخالق و الارادة ارادته ؟
او قد يطرح السؤال من اضلته الحقيقة فيقول كل شئ بامره و ارادته حتى الفعل الشرير فلم التكليف ؟
الامر و ما فيه رآه السلف من الاساتذة الاكابر و الشيوخ الراسخة فردوا على اسئلة الحيرة هذه على مستويين
المستوى الاول هو مستوى الافراد فقالوا بتصنيف الافراد الى ٣ مستويات عند البعض و ٤ عند الشيخ الاكبر سيدي محمد بن علي محيي الدين  ابن عربي
و التصنيفان لا يختلفان لكن ابن عربي قدس الله سره تخصص فتدقق. اي زاد في التخصيص فزادت الدقة . يقول ابن عربي ما ملخصه ان الناس على اربع صفات عامة و خاصة و خاصة الخاصة و خصوص خاصة الخاصة .
فاما العامة فتظن ان لها الارادة و تعتقد بخصوصية الفعل و حسابها على الافعال و اما الخاصة فتعرف ان الفعل من امره و لكنها تظن ان النية لها فتحاسب على النوايا اما خاصة الخاصة فتعرف ان النوايا من عنده و تظن ان الفكر من عندها فالعقل اصل الفكرة عندها وهو حجاب المعرفة لديها و تحاسب هذه الفرقة على افكارها ام خصوص خاصة الخاصة اصحاب النفوس المطمئنة فتعرف ان العقل حجاب و تدرك ان الفعل اغتراب و تدري ان الفكر سراب فتسلم امرها لخالقها و هنا يأتيها البلاء و يصيبها الابتلاء فتحاسب على الخواطر التي هي بلاء من الله او وسوسة شيطانية او ابتلاء من النفس فلا موت للنفس الا مع الله فبذكره سبحانه وتعالى تطمئن القلوب كما اخبرنا في كتابه الكريم.
النقطة الهامة في هذا التقسيم هي اقتران المعرفة بالارادة كما اوضح سيدي ابراهيم بن موسى رضي الله عنه الشهير بابن العريف في كتابه محاسن المجالس او مقامات السادة الصوفية فالمعرفة الالهية كلية جامعة و العلم الالهي قديم سرمدي لا يضيع شيئا لكن المعرفة البشرية قاصرة حادثة فعلى قدرها يرى العبد نفسه و من ثم فاعتقاد المعرفة لدى العارفين اثم . و مظنة العلم عند العلماء كبر . فما عند الناس الا من عند الله . و هكذا يعتقد المرء في الارادة الحرة فيحاسب عليها و يظن انه يختار و لا اختيار بل لا فرار كما قال سيدي احمد بن عطاء الله السكندري رضي الله عنه . و الله اعلم
نعاود عن المعرفة و الارادة
المستوى الثاني الذي بحثه السادة الاكابر هو مستوى الحدث اي احداثيات الزمان والمكان التي نتعلق بها و نحيا فيها
فالحدث الانساني مخلوق محدث اما العلم الالهي فكما اسلفنا قديم ابدي و من هنا قال ابن عطاء الله انما ساعدهم على قبول الاحكام حدوث الافهام و كما نرى قدم الافهام اي المعرفة الآتية من لدن عليم خبير على القبول اي ادراك الارادة الالهية و التسليم
علينا اذن فهم الجنيد حين سأله المريدون عن المريد فقال المراد فهذا الفهم يتأتى من قبول وهمية الزمان و المكان و صيرورة الانسان في طريق الحق .. فحين يقبل المرء ان كل ما عليها باطل و قبض الريح يعرف انه مأمور مفعول كما اوضح القشيري في نحو القلوب و انه لا فاعل غيره فيصير مرادا من الحق و يتبدل حاله و يتغير مقامه . هنا تتحول المعرفة الى فعل سلبي او تصير توقفا وصبرا و انتظارا كما اوضح الخرتوني  استاذ سيدي احمد الرفاعي  بقوله ملتفت لا يصل . فالامر كما قال سيدي ابو الحسن لا طلب و لا رجاء
نعاود المعرفة و الارادة
في التوقف و الانتباه و التخلي تصل المعرفة الى اعلى الدرجات فتكون طريق الحق جل وعلى  فالعارف بالله و المعرفة محجة الحق اي طريقه و مع المعرفة تنعدم الارادة و يتوقف الطلب و تنقطع الصلات بكل كتائب التفرقة و تتوقف العلائق فتظهر الحقائق فيدخل المريد مقام الصبر حيث لا مدخل للشيطان و لا مكان للوسوسة فيظهر الجوهر القديم و تطمئن النفس و ترضى فيرضى الحق عنها و تدخل في مقام العبدية في جنة الخالق. فملخص ما نقول هو ان لا معرفة مع الارادة و مع ازدياد المعرفة تنمحي الارادة  . و الله اعلم

في الخطاب الانتحاري.... تداعيات الخطاب الانتحاري المجتمعية

$
0
0
              هل نقول عدنا و العود احمد ؟ ام نقول عيد باية حال عدت يا عيد ؟ ام نكتفي بعدنا على طريقة قناة سبيس  توون ؟ بعد سنوات من التوقف عن البحث في الخطاب الانتحاري  اعتقد
انه قد آن الاوان للعودة لهذا الموضوع  و الخروج من عالم الكليشيهات الخانق المحيط و الذي يخلق التبلد و التكرار
الممل
كيف يمكن كسر هذه الدائرة الخانقة؟
بداية في تصوري ضروري  جدا ان نفهم مجموعة اشياء
اولها ما هي العوامل التي ادت

لتزايد الخطاب الانتحاري و استشرائه كالسرطان؟
ربما كان نموذج السرطان المرتحل من العلوم الطبية هو ادق النماذج التي تعبر عن الواقع  المعاش حاليا
مرض يغزو الجسد المجتمعي ويرى خلاياه غذاء يلتهمه و هو ما اتصور ان الامور قد آلت لهذا الحال. و التشابه  مهم جدا لوجود البعد الاقتصادي و كذلك المرضي المميت الناس تقبل  كل ما يلقمونه لهم نتيجة الاحساس باللا جدوى و بالتالي الافضل لها التمسك بما تعتقد انه الامان و هو الحال الآني
Status quo
و هذا ما اسماه جرامشي كما قلنا مرارا الحس العام
Common sense
هنا هو مزيج من قهر مزدوج مادي و امني و اي ارتياح ضمني وخاصة من قبل الطبقة المتوسطة التي تعتقد ان القهر الاقتصادي لن يطالها . هذا الموضوع يجعلها تبحث دائما عن موضوع لالقاء تبعته على آخرين من الضعفاء . و هذا ما يؤدي الى اصطناع واقع  بديل يمسي فيه الشخص بطلا و يمارس النضال او الحراك الطبقي في المتخيل
هذه النماذج هي اساس تساؤلنا الثاني
الذي سنطرحه فيما بعد

تداعيات الخطاب الانتحاري المجتمعية ...٢. شخصية المماضر!!!

$
0
0

ينتج الخطاب الانتحاري كما اسلفنا حالة من التبلد تمثل روح العصر و تصير ملح الشخصية و بهاراتها لانها تمثل الحس العام و تنتشر عبرها حالة كاذبة من الاستقرار والهدوء
هناك اكثر من نوعنمطي لهذه الشخصيات التي تقوم بهذا الدور المهم اي نشر التبلد
من هذه الانماط نمط اتصور ان من افضل تسمياته
المواطن / المماضر و المماضر كلمة مركبة من مناضل و
 ممرض
اتخيل المماضر يستيقظمبكرا ليهرع لادوات وسائط التواصل الاجتماعي  و يبدء في تصفحها الى ان تقع عينه الخبيرة!! على بغيته
بوست او فيديو او منشور يقوم بعمل شير له و عادة يكون هذا الشئ ايا كانت هويته
استغاثيا بامتياز
و لا يكتفي  المماضر بتشيير هذا الشئ الاستغاثي و انما يبدء في ارسال تاجات لمن يظن انهم متابعوه  على الوسيط فوظيفته كما يتخيلها هي التنبيه و العلاج
علاج الوطن/الامة /الشعب حسب الهوية الايديولوجية للماصر من سباته/سباتها
بالنسبة للمماضر في عالمه التخيلي 
دوره علاجي تنويري
ومن هنا اتت صفة الممرض فادوات التواصل الاجتماعي هي حقنته التي يحملها ليغرسها بقوة في مقعدة الذين يريد ان يعالجهم و بالاسم
تأخذ الحقنة المؤلمة اشكال عديدة فالدواء مؤلم كما نعلم
لنقل ان اهمها في تقديري ما ذكرناه سابقا لكنها قد تكون سؤالا خبيثا يراد به اظهار القدرة و احراج الآخر الذي ربما لايعرفه المماضر
او قد تكون رفضا لتعليق لا يفهمه المماضر و لكن لا يهم فهم المماضر للتعليق المهم غرس الحقنة
و هكذا
المماضر يخرج بعد جولته الصباحية مرتاح البال و سعيد ادى دوره و عالج البشر و من ثم يبدء في ممارسة دوره الاجتماعي المعتاد في اي عمل بعد ان يكون قد اصاب من اصاب بخبثه ..و تبدء دورة التبلد و الانسغال بالتخيلي و كل ماهو تافه و ثانوي 
اللهم قنا شر المماضرين

النمط الثاني : المناضل العلامة او المعلامة

$
0
0
شخصية المناضل العلامة تنتشر  ايضا على وسائط التواصل تلاجتماعي التي غرضها الاساس بالمناسبة هو التواصل  اجتماعيا يعني محبة .. دردشة ... شقط حتى
المشكلة انه في حالة الخطاب الانتحاري نجد ان الاحباط  العام
يجعل المرء يبحث عن وسيلة تفريغ احباطه المجتمعي و احيانا كثيرة جدا الشخصي في اشخاص اخرى فينزل عليهم نزول القضاء منقضا كصقر صياد على فريسة تمشي الهوينا على الارص ليفتك بها مستخدما نصا يجمع ما بين لغة المسلسلات المكسيكية
العربية الركيكة  و  بين  التباكي  على المصير المأزوم و بين
العلموية الفارغة التي تفضح جهله و تفاصحه  و يتسربل المعلامة برداء الجدية و يتدخل في ما لا يعنيه  ليس بالنصح  بل بالازدراء و التهديد  و خلق المعارك الوهمية
المعلامة يحمل حساما  امتشقه من غمد متخيل مثلما يحمل  المماضر السرنجةليغرسها في مقعدة الآخر و
وقانا الله شر امثالهم
Viewing all 80 articles
Browse latest View live