Quantcast
Channel: ossama-elkaffash-articles
Viewing all articles
Browse latest Browse all 80

٣- عن الازمة و علم الازمات

$
0
0

 الازمة الفرنسية متعددة الطبقات  فهي جزء من ازمة رأسمالية اوروبية عامة و هي ايضا  ازمة خاصة بفرنسا على مستويات متعددة ازمة نهاية الاستعمار- الازمة العرقية - الازمة الطبقية - الازمة الاقتصادية و اخيرا ازمة سياسة الفرنسية بشكل خاص

و الاخيرة تجلت في انتخاب ماكرون و ادى انتخاب ماكرون بشخصيته و خصوصيته الى تعميقها  بشدة في دائرة مفرغة. سنناقش كل جزئية على حدة وفي اطار التعامل مع العالم ككل و ذلك لتوضيح فكرة الحاجة لعلم الازمات متعدد الانساق المعرفية وعابرها و ايضا لتوضيح طروحة ان الازمات في العالم مختلفة عن بعضها البعض و ان بعضها ماهو الا مظهر من مظاهر ازمة اعمق مثلما الحال مع الكورونا و مع الكلام المكرر عن الاسلاموفوبيا

ا- ازمة نهاية الاستعمار 

معناها و مظاهرها 

بالرغم من ان الكلام عن نهاية الاستعمار قد يكون قديما و مكررا الا ان الامر في اعتقادي و مع سيادة الكلام الجديد بتعبير تشومسكي و هيرمان و مع انتشار الهراء الخرائي بتعبير جريبر لابد من التذكير بالواضح و مناقشة البديهي

نهاية الاستعمار بدءت منذ بدايات القرن ٢٠ الماضي و استفحال الصراعات بين القوى الرأسمالية الاوروبية و الاستعمار مصطلح محدد يتعلق بمفاهيم اقتصادية عن الاسواق و المواد الخام و الموارد و الاحتكار.

 و مفاهيم تاريخية عن التطور المجتمعي و مفاهيم جغرافية تتعلق بمكان مركز الثقل و انتقاله الدائم غربا و تتعلق بالشمال و الجنوب والمركز و المحيط و ايضا مفاهيم جيوبوليتيكية تتعلق بقلب العالم و مركز الثقل و هكذا سنجد ان فكرة او طروحة نهاية الاستعمار قد ظهرت مع بدايات القرن العشرين و خاصة مع كتاب لينين الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية و تطورت على يد مفكرين كثيرين ماركسيين و من مدارس ماركسية مختلفة و غير ماركسيين ايضا و من مدارس فكرية متنوعة و ارتبطت الفكرة بالسياسة و ظهرت من حولها افكار مثل التبعية و الاستعمار الجديد و الاستعمار الاحتكاري الخ

الحاصل ان الاستعمار ينتهي بكل اشكاله في كل انحاء العالم بما في ذلك شكله الاستيطاني المتمثل في دولة العصابات الصهيونية. و هو موضوع مهم جدا و ازمة اسرائيل و ارتباطها بازمة الولايات المتحدة الامريكية امر سنناقشه في جزء خاص

نهاية الاستعمار ترتبط بنهاية الحقبة الرأسمالية في تاريخ العالم و تجليات هذه النهاية تختلف لتظهر في شكل ازمات مختلفة و كل من هذه الازمات مرتبط بمرحلة تطور مجتمعي محددة 

و هكذا انتهاء الاستعمار تجلى في فرنسا مع انفراط عقد الفرانكوفونية و انسلال الدول التابعة لفرنسا من هذه الرابطة وخاصة مع تدهور الحال بفرنسا ذاتها داخليا 

و هو الامر الذي تجلى في

 الازمة العرقية.  ب - الازمة العرقية 

التي ظهرت  كاوضح ما يكون في ثورة البونليو او الضواحي

و التي شهدتها فرنسا في آخر عهد ساركوزي و مازالت اثارها مستمرة ثورة المهاجرين الذين يجلبون للعمل كعبيد و الذين يدعمون الاقتصاد باجورهم المنخفضة وغياب كل اشكال الضمان الاجتماعي و حتى الانساني و الذين يأتون لفرنسا بحلم التحقق و الحياة الكريمة بعيدا عن اوطانهم المستلبة

لابد ان نعي هنا جدلية الوجود المهاجر في كل اوروبا ونقصد بالجدلية هنا وحدة المتناقضات

 الاستعمار الاوروبي يعني كما اسلفنا نهب موارد المستعمرات بما في ذلك الموارد البشرية . الحلم بارض العسل و التقدم الذي يباع في المستعمرات يجعل المركز الاوروبي دائما مطمحا و قبلة للمحيط المستعمر و بالتالي يحقق غرضين هامين للرأسمال في بلد المركز الغرض الاول هو تفريغ المستعمرة  من افضل مواردها البشرية وبالتالي الابقاء عليها في دائرة النفوذ الاستعماري و الغرض الثاني هو تهديد البروليتاريا المحلية و اعطاء سوق العمل السوداء دفعة حيوية لتخفيض الاجور

بمعنى ان الكلام عن تقليل الهجرة وما الى ذلك هو من قبيل الاستهلاك المحلي و كما قال وزير الاقتصاد الالماني في لحظة صدق حقيقية ان من يعترض على فتح الباب للمهاجرين عليه ان يقوم باعمالهم و يحصل على نفس اجورهم

طبعا الامر اكثر تعقيدا و هناك ايضا ابعاد مجتمعية وقانونية و سنية متعددة 

لكن لابد من رؤية هذا البعد الهام جدا و الاساس الذي يتم اغفاله عادة

حدوث الازمة الاقتصادية نتيجة فوضى الرأسمال و تزايد المنافسة على الاسواق يؤدي لازمات ذات طبيعة طبقية تظهر في بدايتها بشكل عرقي اي بشكل ضد الاعراق الاخرى غير الفرنسيين البيض

و هذا ما تجلى في ثورة البنليو 

لكن لابد ان نتذكر ان الازمة العرقية قد تلت

 ازمة طبقية

 ظهرت مع بدايات السوق الاوروبية الواحدة و الغاء الفواصل الجمركية مما سبب امرا هاما جدا الا وهو ثورة الفلاحين الشهيرة و اعتراضهم للسيارات المحملة بالخضر و المنتجات الزراعية الرخيصة القادمة من بلدان شرق اوروبا 

ايضا لابد ان نذكر ان الازمة العرقية قد تلاها ازمة طبقية مع ازدياد الازمة المالية و الاقتصادية وهو ما عرف بازمة القمصان الصفر 

التي ماتزال مستمرة حتى الآن 

كل هذا لا يجب ان ينسينا نقطة هامة هي ان فرنسا ليست الوحدة الواحدة التي تظهر لنا فكل مقاطعة لها تاريخها الانفصالي مثلها مثل كل بلدان اوروبا 

اسبانيا الباسك و الكاتلان و الاندلس 

المانيا بروسيا و سكسونيا و بافاريا 

ايطاليا الشمال الصناعي و روما و الجنوب الفقير 

و اخيرا فرنسا باريس و الالزاس و بورجاندي و الريفييرا

و اخيرا كورسيكا المتمردة و التي انتفضت مؤخرا  و اشتعلت الاضطرابات الانفصالية فيها و لا يذكرها احد

لم تكن الكورونا الا غطاء لكل هذه الازمات في اوروبا العجوز و الاهم ان الحديث عن الاسلاموفوبيا و غيره من الترهات لا معنى له

وحديث خرافة ايضا. اخيرا الازمة الفرنسية التي تجلت في شخص ماكرون هي ازمة سياسات اسماها المفكر الماركسي البريطاني طارق علي سياسة الوسط المتطرف 

ففرنسا تحيا على الوسط المتطرف مع تنويعات يمينية احيانا يسارية احيانا اخرى و جاء ماكرون ليؤكد هذا بشخصه الميال للاستعراضية و فكره التدخلي المبني على رسالية ديجولية عفى عليها الزمان 

لم يدرك ماكرون و من جاء به و حزبه الجديد تغير العالم و لم يستفيقوا من صفعات متتالية يتلقوها في كل مكان بدءا من افريقيا جنوب الصحراء مرورا بالشرق الاوسط ثم نهاية باوروبا الشرقية 

و مازالوا يتشدقون بالتنوير الفرنسي و الدور الرائد لفرنسا 

و تلك ازمة حقيقية تضاف للازمات السابقة




Viewing all articles
Browse latest Browse all 80