نتابع هنا فكرة تعدد الازمات و الحاجة لعلم عابر للانساق المعرفية
Transdesciplinary science
لدراسة الازمات المختلفة و تمظهراتها في كل منطقة
او ما يمكن تسميته بعلم الازمات
لننظر في الازمة الاوكرانية مثلا انها ازمة جيوبوليتيكية من الطراز الاول لكنها ايضا تكشف مشاكل و ازمات النمط الريعي للاقتصاد الروسي و تكشف ايضا انهيار الاقتصاديات الوهمية الاوروبية
لتوضيح ما سبق علينا اولا فهم النمط الاقتصادي الروسي الاقتصاد الروسي ورث المشاكل البيروقراطية السوفيتية و ايضا ورث المشاكل التي اوجدها تشوبايس المحرك الاول للاقتصاد الروسي في عهد يلتسين
تشوبايس مثله مثل معظم المنظرين الاقتصاديين الذين اتوا لدول المنظومة الاشتراكية السابقة كان هدفهم تحويل الاقتصاد باسرع طريق الى اقتصاد رأسمالي .ادي هذا الى تدمير الاساس الاقتصادي الصناعي و تحولت تلك الاقتصاديات اما الى صناعات تحويلية خفيفة مثل بولندا و المجر او الى صناعات ريعية مثل التعدين و التنقيب عن البترول و غيرها
تحول الاقتصاد الروسي الى خدمة نخبة تعمل في غسيل الاموال و التهريب
وصول بوتين للحكم كان لانقاذ آخر المعاقل الصناعية الروسية و الذي كان سقوطها سيمثل انهيارا للامن القومي الا و هي الصناعات العسكرية و الفضائية
الاوليجاركية العسكرية في روسيا تدخلت و من ثم ظهرت الافكار ذات الطبيعة البانسلافية و ليست القومية
هذه الافكار هي خليط من الماركسية اللينينية الستالينية و الطابع الارثوذوكسي للكنيسة الروسية الرافضة للغرب و التي ترى ان دورها قيادة العالم المسيحي الشرقي ضد ادران التلوث الغربي. المفكر الاكثر تعبيرا عن هذه الرؤية هو الكسندر دوجين و هي رؤية رافضة للقومية بالمناسبة و ترفض فكرة الامة اساسا
لذلك نرى تأثير دوجين ممتد من اقصى اليسار الماركسي الى اقصى اليمين الترامبي في امريكا
هذا العرض ضروري لفهم الصراع في اوكرانيا و ايضا فهم الازمة مع اوروبا و ايضا فهم اختلاف معنى التدخل الروسي في قازاخستان عن التدخل الروسي في اوسيتيا في جورجيا او في مولدوفا او اخيرا التدخل المتكرر في اوكرانيا
قازاخستان
هي قاعدة اطلاق الصواريخ الروسية و هي دولة مهمة جدا للصناعات العسكرية الفضائية و انهيار الحكم التابع لها يؤدي لمشاكل كبرى لا يمكن حلها بانقلاب مثل الانقلاب الذي اطاح بيلتسين السكير و تشوبايس تابعه و لذا كان التدخل السريع الذي تلاقى مع مصالح تركيا التي ترى قازاخستان سوقا هاما لفائض انتاجها ومن ثم تتفق مصالح تركيا مع المصالح الروسية
فروسيا غير مهتمة بقازاخستان كسوق
و لكن تهتم بها كقاعدة لصناعتها العسكرية
روسيا تعاني من اختلال ميزان التطور الرأسمالي فيها حيث صناعة متطورة جدا يصعب تسويقها او اختبارها الا من خلال حروب و لذا نجد الاوليجاركية الروسية تتطلع دائما للحرب
بالمقابل صناعات تعدينية ريعية و ايضا صناعات خدمية للتخديم على الاوليجاركية و الطبقة المتوسطة التي توفر لها الدولار لتنطلق في انحاء العالم
التدخل في
مولدوفا و اوسيتيا في جورجيا
للدفاع عن الروس كجزء من البانسلافية
و لكن ايضا لكبح جماح اي تطلعات انفصالية عن السيطرة الروسية او الهيمنة الاساسية للاوليجاركية المالية المتحالفة مع الاوليجاركية المهيمنة على الصناعة العسكرية الفضائية
و التي تمثل بالنسبة للاخيرة اهم مصادر غسيل الاموال في شكل التواجد في اوروبا الغربية او الشرقية حتى بشكل بنكي او بشكل الاستثمار في اساطير الصناعات الوهمية مثل الرياضة او الموضة
الاوليجاركية المالية التي تسمى احيانا المافيا الروسية ما هي الا واجهة للصناعة العسكرية الفضائية الحاكمة و التي تحتاج للحروب باستمرار لعرض منتجها و فرض هيمنتها
اوكرانيا خليط من هذه الاسباب جميعا و فصل القرم و ضمها لروسيا جاء للرد على محاولات فصل اوكرانيا عن السيطرة الروسية و تهديد للصناعة العسكرية
و التعدينية و كذلك لضمان موانيء البحر الاسود التي تمثل الربط مع سوريا و ايضا الشرق الاوسط عامة
التدخل الاخير فصل شرق اوكرانيا بالكامل بدءا من منطقة الدونباس التي تشمل الدونتسك و اللوهانسك و انتهاءا بالقرم و الذريعة هي التهديد الذي تمثله الاوليجاركية الحاكمة في كييف من خلال رغبتها في الارتباط باوروبا الغربية و هي فقط تعبير عن رغبتها في تحقيق ما تعتقد انه مكسب من الغرب
اوروبا الغربية لم تشجع هذا لان ازمتها اعمق و لان ازمتها تمزق اسطورة الوحدة الاوروبية
فقط فرنسا التي يجعلها ماكرون تعيش في اوهام الديجولية و هو يحاول لملمة الازمات الطاحنة التي تهدد حتى وحدة فرنسا
تفصيل ازمة فرنسا و شرح اختلافها عن ازمة باقي اوروبا
يستحق منا جزء ثالث