Quantcast
Channel: ossama-elkaffash-articles
Viewing all articles
Browse latest Browse all 80

Article 18

$
0
0












عن الحرية و النفاق

بين بقى انت مش قارح و سلام عشانه سافو في نسختها الثانية



اهداني الصديق العزيز و السميع الكبير الاستاذ الدكتور محمد الباز استاذ طب الاطفال بجامعة القاهرة و احد كبار مقتنيي الاسطوانات النادرة و السجاجيد الرائعة في العالم العربي اغنية لمطربة قديمة ومجهولة هي من ضمن تحفه النادرة حقا هي اغنية بقى انت مش قارح للست عديلة حسن
واهدانا الصديق العزيز ايضا الاستاذ الدكتور وليد عبد الله استاذ الطب النفسي العلاجي والتحليل النفسي بجامعة كولومبيا بنيويورك و ايضا احد كبار مقتنيي الاسطوانات النادرة و التحف القديمة من العرب مجموعة اعلانات قديمة من سبعينات و ثمانينات القرن العشرين
من ضمنها اعلان عن مسحوق الغسيل سافو
ولأن الهديتين قدمتا في وقت واحد تقريبا( لم اعرف بالهدية الاولى الا مؤخرا)فقد وجدتني اقارن بينهما و نتج عن هذه المقارنة المقال القادم
الاغنية
اغنية مدتها 6 دقائق و 39 ثانية على اسطوانات هوموكورد اسمها
بقى انت مش قارح
غناء الست عديلة حسن المنصورية
من ضمن الفرقة سنجد ابراهيم الفيومي و سامي الشوا
مما يرجح انها عشريناتية على الاكثر
النص
بقى انت مش قارح .....باردون
تعض و تبوس .....ف التلافون
ليه كل يوم والتاني
تطلع في حرفة جديدة
تفصل احط وداني
تتنهد التنهيدة
تخدل ايديا... وحياة عنيا
تبقى الحرارة درجة مليون
بقى انت مش قارح .....باردون
تعض و تبوس .....ف التلافون
عشرين جواب لك يومي
مابين دقيقة وساعة
خلتني حتى في نومي
بحلم بقى بالسماعة
تحت المخدة
واسمع بشدة
حس الجرس ولا دق الهون

بقى انت مش قارح .....باردون
تعض و تبوس .....ف التلافون
قوي قوي قارح
عشقك مفيهش غرابة
ان حد قالوا لنينة
انا بس اخاف من بابا
لحسن يطب علينا
يسمع حديتنا
و تبان فولتنا
ده كنت اروح يوه جوه الجون
بقى انت مش قارح .....باردون
تعض و تبوس .....ف التلافون
قوي قوي قارح

الاعلان
اعلان عن مسحوق غسيل سافو
مدته 30 ثانية على نسق اغنية الاساتوك التي اشتهرت في نهاية الثمانينات و بصوت مطرب الاساتوك حمدي باتشان و هو من اخراج محمد سامي

نص الاعلان
آهين يا سافو نعمين يا سافو
ايه غسلينا الفل ده اللي منور بيتنا ده
ايه ياعم سافو ده ؟؟ايه اللي انت عامله ده؟؟؟
غاسل وحدك كل ده
ومزهزه وحدك كل ده فهمني فهم فهم فهمني
حنقع فيه انا كل ده وهو ينضف كل ده
ايه يا سي سافو ده
ايه ما تداري جمالك ده؟؟؟
عشان ما انت عامل كل ده
سلام عشانه سافو

تحليل الاغنية
تنتمي الاغنية في تقديري الى ما يمكن ان نسميه بالنص الايروتيكي وهو النص الذي يدغدغ الحواس دون ان يفجرها و يداعبها في رفق و دون خشونة او صراحة.انه نص يلمح و يستخدم الرموز الواضحة و التشبيهات الشائعة ودون الاستخدام المباشر لاي كلمات ذات دلالات مباشرة. يشبه النص هنا نص الست آسيا ندا الذي تعرضت له من قبل بالتحليل يا نوم يا دي النوم
بداية اود ان اشير الى ان زمن النص الذي قدرته بعشرينيات القرن الماضي هو زمن بداية دخول التليفون الى مصر و هناك العديد من الاغاني و الدويتوهات التي استخدمت هذه الاداة التواصلية كوسيلة تعبير نذكر منها على سبيل المثال لا الحصردويتوالتلافونلرتبية احمد و الشيخ امين حسنين وغيره كثير.النص هنا مختلف في انه ليس دويتو مع احتفاظه بشكل الحوار ولكن اسقط الطرف الآخر و اتصور ان الاسقاط عمدي لانه يؤدي غرض آخر هو تقوية رسالة النص و دعم الغرض الاساسي له وهو ما سنراه في ختام حديثنا.و اتصور ايضا ان النص يتخذ شكل الحوار التليفوني بالرغم من عدم التصريح بذلك الا ان الاشارات توضح ان النص هو حوار تليفوني

فنحن نجد المتحدثة توجه كلامها لشخص و احيانا يبدو وكأنها تجيب عليه و ايضا ثمة اشارات لتواجدها في غرفة النوم مما يرجح
كون النص حوارا تليفونيا
و نظرا لخصوصية النص و طبيعته المفتوحة احيانا كثيرة كما سنرى فانه في تقديري ينتمي الى ما استقر الراي على تسميته بالجنس التليفوني
و لنسبر معا اغوار النص و مستوياته المتعددة
تبدء المتحدثة بتقرير يتخذ شكل الاستنكار
بقى انت مش قارح .....باردون
قارح هنا تعني فاجر مكشوف الوجه وهي تستخدم كلمة باردون او آسفة الاجنبية للتعبير عن كونها ممن يستخدمون اللغات الاجنبية او ربما لاعطاء انطباع انها من ربات الخدور من الطبقات الراقية اي لتملق قطاع كبير من المستمعين اي المستهلك المستهدف
و هي تبرر استنكارها وتأكيدها على فجر الشاب العاشق بالتصريح بما يفعله
تعض و تبوس .....ف التلافون
و لنلاحظ الدلال او الدلع الشديد في طريقة نطقها لكلمة تليفون: تلافون
هذا الدلال الذي يستدعي تدخل المطيباتي و الاشادة بها و بالتالي يسترعي انتباه السامع/المستهلك لهذه المنطقة من النص و يحفزه على اعادة الاستماع لها و الاهتمام بها و بشكل غير فج ولا مباشر وتلك نقطة مهمة في المقارنة مع الاعلان القادم من حيث الشكل
وهي عدم الفجاجة و عدم المباشرة
تبدء بعدئذ بعتاب المخاطب بسؤال يبدو استفهامي بينما هو هدفه المبطن هو المداعبة و بالتالي الحث و الاستزادة
ليه كل يوم والتاني
تطلع في حرفة جديدة

تتساءل وكأنها تستفهم او حتى تستنكر بينما هي في الواقع تحث المخاطب/الصديق/ المحب وتستزيده كما سنرى
تفصل احط وداني
تتنهد التنهيدة
هي هنا تصف حرفته الجديدة فهو ينقطع عن الكلام اي يفصل وهي مفردة اتصور انها عرفت طريقها الى العامية المصرية في هذه الفترة لانها ترتبط بالثورة التقنية التي حدثت مع بداية القرن العشرين و التي شهدت الكهرباء و التليفونات و الراديو و الفونوجراف الخ
و كلمة تفصل هنا تعتبر بمثابة المفهوم المرتحل اي القادم من مجال الى مجال آخر وهي هنا تستخدم لتوضيح صمته التام والذي يستدعي رد فعلها في شكل التركيز و الاصغاء الشديد المنتبه المعبر عنه بمقطع احط وداني اي اقربها جدا وكأنها تتساءل ماذا حدث وهل الفصل آلي من السنترال ام ماذا وهنا نجد ضمنيا بعدا آخر في تفصل هو رغبتها الشديدة في استمرار المحادثة و عدم تيقنها من الجهاز الحديث الذي قد يصاب بالعطب فيفصل
ويأتي رد فعله في شكل تنهيدة وهي تستخدم الكلمة معرفة لتفخيمها و جعلها الوحيدة ومن ثم توضح اثارها العنيفة التي تعددها فيما يلي
تخدل ايديا... وحياة عنيا
تبقى الحرارة درجة مليون

هنا نجد وصفا دقيقا لحالة استثارة و احساس جنسي عالي يصف ارتخاء الاعضاء و ارتفاع الحرارة مع تورية جميلة على حرارة الجسد و حرارة التليفون و بالتالي نفي ضمني لكون العيب السابق اي الفصل من الهيئة او من الشركة او الكوبانية كما كانوا يقولون
هنا اود ان اعود لكلمة تفصل التي ارتحلت لتدخل في قاموس التعبير عن حالة الذهول او التوهان و هي اشارة لقوة المفهوم و قدرته على الارتحال و التنقل حتى الوصول الى التعبير عن حالة نفسية معينة
و هنا ايضا نرى امكانية الاستفادة من النص القديم كوثيقة ذات دلالات انثروبولوجية مدنية و تأريخية حتى
حيث يقدم دخول مفهوم ما الى مجال آخر اشارة الى فترة انتشار المفهوم و ايضا الى الحالة الحضارية التي كان عليها المجتمع في وقت ظهوره ثم انتشاره و يلعب النص هنا دورا هاما في التوازن الاجتماعي و الحفاظ على الاستقرار ليس فقط عبر تدوير المفاهيم القادمة من مجالات حديثة و استيعابها داخل النسق مثلما هي الحال مع مفهوم الفصل الذي اوردناه ولكن ايضا عبر آلية اخرى هي تكرار استخدام صيغ بعينها مثل الاستفهام الاستنكاري بغرض التوكيد و الابتعاد عن التصريح و هو الامر الذي يمثل جزءا لا يتجزء من النسيج الاجتماعي المصري و في تصوري العربي و هو الامر ايضا الذي ناقشته من قبل في تحليل نصوص متعددة نذكر منها نص اوعى تكلمني
وهو نص سنعود للاشارة اليه لاني اجد تشابها واضحا في بنية النصين و رسالتهما الضمنية مع بعض الاختلافات البسيطة
نعاود الغوص في نصنا الاساس
تعاود صاحبتنا الهجوم قائلة
عشرين جواب لك يومي
مابين دقيقة وساعة
هي تبدء بالرقم المبالغ فيه وهو عادة رقم المبالغات في الحكيّ المصري عشرين جواب اي اتصال فكأنها تقول تكلمني عشرين مرة او اكثر في اليوم و هو ما تؤكده بعد ذلك بتحديد التوقيت بقولها مابين دقيقة و ساعة
اي تكلمني في كل الاوقات هذه المبالغة هدفها الحقيقي تبرير استيلاء المتكلمة على اداة الاتصال اي التليفون و من ثم تبرير المكان الذي تتخيل انه موجود فيه وهو هنا مجاز مرسل حيث لا مانع يمنع من ارادة المعنى الاصلي الا وهو ان التليفون معها دائما
فهي تقول
خلتني حتى في نومي
بحلم بقى بالسماعة
اي ان التليفون صار معها حتى في الحلم
هنا يستمر التبرير فهذا التواجد المستمر لاداة الاتصال يجعل مكانها التالي
تحت المخدة
معقولا جدا وهكذا نصل الى الحالة التي تصل اليها صاحبتنا وتبوح بها
واسمع بشدة
حس الجرس ولا دق الهون

وهنا نجد بوضوح حالة الايحاء و التلميح سواء في المكان الخصوصي جدا
غرفة النوم والسرير او الحالة الحلمية التي ايضا تشير الى جو حسي جنسي متزايد
او في المفردات مثل الدق و الهون وهي المفردات التي تؤدي دورا رمزيا شهيرأ يوحي بالجنس و الاتصال اي عكس الانفصال و الفصل الذي اشارت اليه
و كأن الاتصال التليفوني يؤدي ايضا الى اثارة مخيلة المتلقي / المستهلك ليصل الى درجة جديدة من الاتصال او لنقل قديمة متجددة هي الاتصال الجنسي
هنا تصل بنا الى ذروة النص و غرضه الاساس و هنا نجد التشابه الاكبر مع نص اوعى تكلمني في كونهما دعوة لشرعنة العلاقة و اضفاء الصبغة الشرعية عليها عبر التحول الاسري
عشقك مفيهش غرابة
ان حد قالوا لنينة
انا بس اخاف من بابا
لحسن يطب علينا
يسمع حديتنا
و تبان فولتنا
ده كنت اروح يوه جوه الجون

المقطع هذا به كل المفردات والمعاني الموجودة في المقطع الاخير من اوعى تكلمني
الام او نينة المتفهمة للعشق و الاب ا"لحمش"مرهوب الجانب و حالة الانفضاح او انكشاف الفولة و هي كلها امور تعني ضمنيا طلب تحويل العلاقة الى الاطار الشرعي /العائلي
الاختلاف هو ان نصنا هذا لا يبوح بهذا ربما في تقديري لانه اكثر توجها نحو الحالة الايروتيكية الحسية و هو ما دعا الكاتب اساسا الى استخدام حيلة الاتصال عبر الهاتف بدلا من المقابلة الجسدية
هنا مرة اخرى نجد ان النص الذي يطرح نفسه في السوق في شكل اسطوانة تبحث عن مستهلك يعطينا دلالة مرة اخرى على الابعاد اللبرالية لعصر معين ذاع فيه النص وانتشر
و يتبقى تساؤل يحيرني هو سر علاقة المنصورة كمدينة بالغناء و الطرب؟؟؟
فنحن نجد الست عديلة حسن المنصورية و الست زينب المنصورية و لا ننسى طبعا ان السنباطي من المنصورة و ان عائلة حسن الشهيرة بدءا من الاب ومرورا بالبنات المطربات الثلاثة حورية وسكينة و عائشة وغيرهم وغيرهن
فما هو السر و هذا السؤال موجه طبعا لاهل السماع من الخبراء الكبار

هنا ننتقل الى تحليل نص الاعلان الذي ينبني شكلا على نص اغنية كانت ذائعة الصيت في وقت الاعلان وهي الاساتوك لحمدي باتشان

أهين يا سافو نعمين يا سافو يقولها المطرب المشهور الذي نجحت اغنيته و هي نفس النغمة التي تحملها الاغنية بمعنى الرسالة مباشرة ومحاولة استغلال نجاح الاغنية لتسويق المنتج واضحة بالرغم من عدم وجود اي علاقة بين المنتج والاغنية تدخل بعد ذلك مجموعة من فتيات الاعلان اللواتي تلبسن جلاليب بلدية وكأن الاعلان موجه اساسا لربات البيوت الشعبيات و لذا استخدام نص الاغنية الشعبيةونرى الفتيات يتمايلن بدون هدف الا ربما الاثارة التي يحملها النص الاصلي للاغنية بتداعيته الجنسية الكثيرةو يبدأن في الدعاية المباشرةايه غسيلنا الفل دهاللي منور بيتنا دهيتدخل المطرب بنفس طريقة تدخله في الاغنية متسائلا
ايه ياعم سافو ده ايه اللي انت عامله ده غاسل وحدك كل ده ومزهزه وحدك كل دهفهمني فهم فهم فهمني
السؤال في الاغنية ملائم لمقتضي الحال و مقام النص الجنسي فهو سؤال استنكاري لانه موجه للعجوز الذي يأبى الا ان يعاند الدهر ويصارع فوارسه
بينما في الاعلان وخاصة بعد بنائه على
نسق بنية الاغنية يصير السؤال بلا معنى و استدعاءالاغنية لذهنية المستمع /المستهلك /المستهدف يحدث في تقديري اثرا عكسيا
و معاودة اللجوء للمباشرة اللفظية والاثارة الجنسية الحركية بعد ذلك
حنقع انا فيه كل ده وهو ينضف كل ده
يؤدي ايضا الى لا مبالاة المستمع المتفرج و عدم اهتمامه وخاصة ان الكلام بلا طعم ولا لون ولا معنى
و لكن صانع الاعلان لا يهمه المستهلك من قريب او من بعيد ولذا يصر على البنية التي لا تقدم شيئا جديدا
ايه يا سي سافو ده ايه ما تداري جمالك ده عشان ما انت عامل كل ده
سلام عشانه سافو
وهي عبارة اشتهرت في اعلانات سافو كمسحوق غسيل في حقبة الاعلانات المصنوعة بالرسوم المتحركة التي سبقت حقبة الاعلانات التي تستهدف الغرائزية بفجاجة و تسليع الجسد الانثوي والتي واكبت تحولات اجتماعية كثيرة حدثت في السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي
ليس هنا مجال تفصيلها
المراد من التحليل اساسا توضيح تحول المجتمع من حالة حرية و لبرالية على مستويات متعددة تسمح بدرجات معينة من الحسية والايروتيكية المحتشمة (على الرغم من ان المفهوم السابق قد يبدو متناقضا )الى حالة من المباشرة والفجاجة و تفاقم النفاق الاجتماعي
ومرة اخرى ليس هنا مجال سرد هذه التحولات ولا كيفيتها
والله اعلم


Viewing all articles
Browse latest Browse all 80