في مسألة الارادة و المعرفة
ثمة مشكلة تطرح نفسها على السائر في الطريق دائما الا وهي مشكلة الارادة و الفعل و تتلخص المشكلة في سؤال من يقبع خلف حجاب العقل فيقول لماذا نعاقَب و كل الافعال من الخالق و الارادة ارادته ؟
او قد يطرح السؤال من اضلته الحقيقة فيقول كل شئ بامره و ارادته حتى الفعل الشرير فلم التكليف ؟
الامر و ما فيه رآه السلف من الاساتذة الاكابر و الشيوخ الراسخة فردوا على اسئلة الحيرة هذه على مستويين
المستوى الاول هو مستوى الافراد فقالوا بتصنيف الافراد الى ٣ مستويات عند البعض و ٤ عند الشيخ الاكبر سيدي محمد بن علي محيي الدين ابن عربي
و التصنيفان لا يختلفان لكن ابن عربي قدس الله سره تخصص فتدقق. اي زاد في التخصيص فزادت الدقة . يقول ابن عربي ما ملخصه ان الناس على اربع صفات عامة و خاصة و خاصة الخاصة و خصوص خاصة الخاصة .
فاما العامة فتظن ان لها الارادة و تعتقد بخصوصية الفعل و حسابها على الافعال و اما الخاصة فتعرف ان الفعل من امره و لكنها تظن ان النية لها فتحاسب على النوايا اما خاصة الخاصة فتعرف ان النوايا من عنده و تظن ان الفكر من عندها فالعقل اصل الفكرة عندها وهو حجاب المعرفة لديها و تحاسب هذه الفرقة على افكارها ام خصوص خاصة الخاصة اصحاب النفوس المطمئنة فتعرف ان العقل حجاب و تدرك ان الفعل اغتراب و تدري ان الفكر سراب فتسلم امرها لخالقها و هنا يأتيها البلاء و يصيبها الابتلاء فتحاسب على الخواطر التي هي بلاء من الله او وسوسة شيطانية او ابتلاء من النفس فلا موت للنفس الا مع الله فبذكره سبحانه وتعالى تطمئن القلوب كما اخبرنا في كتابه الكريم.
النقطة الهامة في هذا التقسيم هي اقتران المعرفة بالارادة كما اوضح سيدي ابراهيم بن موسى رضي الله عنه الشهير بابن العريف في كتابه محاسن المجالس او مقامات السادة الصوفية فالمعرفة الالهية كلية جامعة و العلم الالهي قديم سرمدي لا يضيع شيئا لكن المعرفة البشرية قاصرة حادثة فعلى قدرها يرى العبد نفسه و من ثم فاعتقاد المعرفة لدى العارفين اثم . و مظنة العلم عند العلماء كبر . فما عند الناس الا من عند الله . و هكذا يعتقد المرء في الارادة الحرة فيحاسب عليها و يظن انه يختار و لا اختيار بل لا فرار كما قال سيدي احمد بن عطاء الله السكندري رضي الله عنه . و الله اعلم
نعاود عن المعرفة و الارادة
المستوى الثاني الذي بحثه السادة الاكابر هو مستوى الحدث اي احداثيات الزمان والمكان التي نتعلق بها و نحيا فيها
فالحدث الانساني مخلوق محدث اما العلم الالهي فكما اسلفنا قديم ابدي و من هنا قال ابن عطاء الله انما ساعدهم على قبول الاحكام حدوث الافهام و كما نرى قدم الافهام اي المعرفة الآتية من لدن عليم خبير على القبول اي ادراك الارادة الالهية و التسليم
علينا اذن فهم الجنيد حين سأله المريدون عن المريد فقال المراد فهذا الفهم يتأتى من قبول وهمية الزمان و المكان و صيرورة الانسان في طريق الحق .. فحين يقبل المرء ان كل ما عليها باطل و قبض الريح يعرف انه مأمور مفعول كما اوضح القشيري في نحو القلوب و انه لا فاعل غيره فيصير مرادا من الحق و يتبدل حاله و يتغير مقامه . هنا تتحول المعرفة الى فعل سلبي او تصير توقفا وصبرا و انتظارا كما اوضح الخرتوني استاذ سيدي احمد الرفاعي بقوله ملتفت لا يصل . فالامر كما قال سيدي ابو الحسن لا طلب و لا رجاء
نعاود المعرفة و الارادة
في التوقف و الانتباه و التخلي تصل المعرفة الى اعلى الدرجات فتكون طريق الحق جل وعلى فالعارف بالله و المعرفة محجة الحق اي طريقه و مع المعرفة تنعدم الارادة و يتوقف الطلب و تنقطع الصلات بكل كتائب التفرقة و تتوقف العلائق فتظهر الحقائق فيدخل المريد مقام الصبر حيث لا مدخل للشيطان و لا مكان للوسوسة فيظهر الجوهر القديم و تطمئن النفس و ترضى فيرضى الحق عنها و تدخل في مقام العبدية في جنة الخالق. فملخص ما نقول هو ان لا معرفة مع الارادة و مع ازدياد المعرفة تنمحي الارادة . و الله اعلم
ثمة مشكلة تطرح نفسها على السائر في الطريق دائما الا وهي مشكلة الارادة و الفعل و تتلخص المشكلة في سؤال من يقبع خلف حجاب العقل فيقول لماذا نعاقَب و كل الافعال من الخالق و الارادة ارادته ؟
او قد يطرح السؤال من اضلته الحقيقة فيقول كل شئ بامره و ارادته حتى الفعل الشرير فلم التكليف ؟
الامر و ما فيه رآه السلف من الاساتذة الاكابر و الشيوخ الراسخة فردوا على اسئلة الحيرة هذه على مستويين
المستوى الاول هو مستوى الافراد فقالوا بتصنيف الافراد الى ٣ مستويات عند البعض و ٤ عند الشيخ الاكبر سيدي محمد بن علي محيي الدين ابن عربي
و التصنيفان لا يختلفان لكن ابن عربي قدس الله سره تخصص فتدقق. اي زاد في التخصيص فزادت الدقة . يقول ابن عربي ما ملخصه ان الناس على اربع صفات عامة و خاصة و خاصة الخاصة و خصوص خاصة الخاصة .
فاما العامة فتظن ان لها الارادة و تعتقد بخصوصية الفعل و حسابها على الافعال و اما الخاصة فتعرف ان الفعل من امره و لكنها تظن ان النية لها فتحاسب على النوايا اما خاصة الخاصة فتعرف ان النوايا من عنده و تظن ان الفكر من عندها فالعقل اصل الفكرة عندها وهو حجاب المعرفة لديها و تحاسب هذه الفرقة على افكارها ام خصوص خاصة الخاصة اصحاب النفوس المطمئنة فتعرف ان العقل حجاب و تدرك ان الفعل اغتراب و تدري ان الفكر سراب فتسلم امرها لخالقها و هنا يأتيها البلاء و يصيبها الابتلاء فتحاسب على الخواطر التي هي بلاء من الله او وسوسة شيطانية او ابتلاء من النفس فلا موت للنفس الا مع الله فبذكره سبحانه وتعالى تطمئن القلوب كما اخبرنا في كتابه الكريم.
النقطة الهامة في هذا التقسيم هي اقتران المعرفة بالارادة كما اوضح سيدي ابراهيم بن موسى رضي الله عنه الشهير بابن العريف في كتابه محاسن المجالس او مقامات السادة الصوفية فالمعرفة الالهية كلية جامعة و العلم الالهي قديم سرمدي لا يضيع شيئا لكن المعرفة البشرية قاصرة حادثة فعلى قدرها يرى العبد نفسه و من ثم فاعتقاد المعرفة لدى العارفين اثم . و مظنة العلم عند العلماء كبر . فما عند الناس الا من عند الله . و هكذا يعتقد المرء في الارادة الحرة فيحاسب عليها و يظن انه يختار و لا اختيار بل لا فرار كما قال سيدي احمد بن عطاء الله السكندري رضي الله عنه . و الله اعلم
نعاود عن المعرفة و الارادة
المستوى الثاني الذي بحثه السادة الاكابر هو مستوى الحدث اي احداثيات الزمان والمكان التي نتعلق بها و نحيا فيها
فالحدث الانساني مخلوق محدث اما العلم الالهي فكما اسلفنا قديم ابدي و من هنا قال ابن عطاء الله انما ساعدهم على قبول الاحكام حدوث الافهام و كما نرى قدم الافهام اي المعرفة الآتية من لدن عليم خبير على القبول اي ادراك الارادة الالهية و التسليم
علينا اذن فهم الجنيد حين سأله المريدون عن المريد فقال المراد فهذا الفهم يتأتى من قبول وهمية الزمان و المكان و صيرورة الانسان في طريق الحق .. فحين يقبل المرء ان كل ما عليها باطل و قبض الريح يعرف انه مأمور مفعول كما اوضح القشيري في نحو القلوب و انه لا فاعل غيره فيصير مرادا من الحق و يتبدل حاله و يتغير مقامه . هنا تتحول المعرفة الى فعل سلبي او تصير توقفا وصبرا و انتظارا كما اوضح الخرتوني استاذ سيدي احمد الرفاعي بقوله ملتفت لا يصل . فالامر كما قال سيدي ابو الحسن لا طلب و لا رجاء
نعاود المعرفة و الارادة
في التوقف و الانتباه و التخلي تصل المعرفة الى اعلى الدرجات فتكون طريق الحق جل وعلى فالعارف بالله و المعرفة محجة الحق اي طريقه و مع المعرفة تنعدم الارادة و يتوقف الطلب و تنقطع الصلات بكل كتائب التفرقة و تتوقف العلائق فتظهر الحقائق فيدخل المريد مقام الصبر حيث لا مدخل للشيطان و لا مكان للوسوسة فيظهر الجوهر القديم و تطمئن النفس و ترضى فيرضى الحق عنها و تدخل في مقام العبدية في جنة الخالق. فملخص ما نقول هو ان لا معرفة مع الارادة و مع ازدياد المعرفة تنمحي الارادة . و الله اعلم