Quantcast
Channel: ossama-elkaffash-articles
Viewing all articles
Browse latest Browse all 80

Article 5

$
0
0

عودة للخطاب الانتحاري

محاولة تفكيك نصوص الخطابونماذج منتجيه/مستخدميه

منذ ان بدأت الكتابة

عن مفهوم الخطاب الانتحاري في عام 2004

وانا اواجه تساؤلات كثيرة عن مكوناته و ماهيته و النصوص المكونة له . و سأحاول هنا ان احدد بداية مجموعة مفاهيم اساسية لفهم الموضوع بصفة عامة ثم احاول ان اقدم رؤيتي لمكونات الخطاب الانتحاري في شكل نصوص محددة في مجالات مختلفة و اخيرا اطرح نماذج تصورية لمستخدمي الخطاب لتيسير عملية الفهم و بالتالي استيعاب اسباب سيادة الخطاب الانتحاري و قبولنا له . و ايضا تفهم كيفية التعامل معه و مع النصوصالمكونة له لتجاوزه و التخلص من اساره.

مفاهيم اساسية:

الخطاب:

يعرف فوكو الخطاب

بوصفه الاقوال و الافعال و التصرفات و العادات السائدة في مجتمع ما في لحظة زمنية ما. (في كتابه اركيولوجية المعرفة ) او علم حفريات المعرفة. هذا التعريف يجعل الخطاب مفهوما شاملا نحيا فيه و نحيا به و تساؤلات فوكو كانت بالاساس عن كيف يتم التحكمفي الخطاب في اي مجتمع في اي لحظة وما هي وسائل الضبط التي تجعلنانتقبله او كما قلت من قبل نبتلعه؟؟

يمكننا في هذا الصدد استعارة مفهوم انطونيو جرامشي عن الحس العام او

Common sense

الذي يجعل من حالة تقبل و ابتلاع الخطاب حالة السواء و حالة رفض الخطاب السائد هي حالة الثورة و من ثم يربط جرامشي اساسا الخطاب بمضمونه الطبقي و يوضح ان الطبقات المسيطرة تعمل بكل ما تملك من وسائل على استمرار سيطرة الخطاب على الطبقات المسيطر عليها عبر قنوات ووسائل عديدة من قمع و غسيل مخ و فرض افكار و رقابة الخ... فوكو يربط في العمومبين الخطاب و السلطة و يقدم آليات سيطرة الخطاب بوصفها آليات السلطة و من هنا تأتي مقولة المعرفة كسلطة تلك المقولة التي سادت منذ اقدم العصور.

دراسات الخطاب في تصوري من اهم انواع الدراسات الانسانية و هي دراسات تتجاوز حدود الحقل المعرفي الواحد و تتداخل فيها الحقول المعرفية و تتصارع وتتشابك. هي دراسات بينية نرى فيها نتف من علوم اللغة و علم الاجتماع و علم النفس بمدارسه المتعددة و انثروبولوجية المعرفة و مباحث الفلسفة المتعددة وحتى العلوم البيولوجية وخاصة في عملية بناء النماذج و طرح الاستعارات الرمزية.

وقد يعتقد البعض ان علوم الخطاب هي علوم وحقول معرفية حديثة او مستحدثة بينما في تقديري هي علوم قديمة قدم الوجود البشري.

و يمكننا النظر الى نصوص الاهرام مثلا بوصفها دراسات في الخطاب الفرعوني في زمانها.

و يمكننا ايضا ان نرى دراسة متعمقة لخطاب عصر بكاملهبمنهج انثروبولوجي متعمق مقارن في كتاب البيروني

تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل ام مرذولة

ينقلنا المفهوم بهذه الصورة الى ما اسماه فوكو مفردات الخطاب

و من ثمالى منهجية تحليل الخطاب .

اتصور ان مقولة بشار بن برد الشهيرة "لكل مقام مقال"تصلح كقاعدة اساس في تحليل الخطاب و هو ما اسمته ليندا جراهام

Different horses for different courses…

او لكل مضمار جواده!!!

من القواعد الاخرى التي تلي هذه القاعدة في الاهمية عدم تجميع اشياء متشابهة في نفس المنظومة فربما كان التشابه شكليا او وظيفيا وليسعضويا او تصنيفيا . ايلا يجوز مثلا ان نجمع بين جناح الطائر وجناح الفراشة لان الجناح في الحشرة ليس ذراع متحور مثل جناح الطائر و التشابه هو تشابه وظيفي فقط

ايضا من القواعد المهمة في تحليل الخطاب اكتشافالبنية الرمزية الكامنة في نصوص الخطاب حيث ان بناء النماذج و الاستعارة من اسس الخطاب و اكتشاف هذه النماذج يؤدي الى فهم طبيعة الخطاب و تحليله ومعرفة كيفية استمراره وسيطرته و طبيعة سلطته.

النص: اهم مفردات الخطاب و هو المنتج الفرداني في لحظة معينة . ثمة نص مرئي و نص مقروء ونص مسموع فالناس تتكلم وتتحرك و تكتب في كل وقت و لا تكف عن انتاج النصوص التي عند تجميعها و تحليلها و تصنيفها نحصل على بنية الخطاب

النموذج: الخطاب في اساس بنيته رمزي و يعمل على المتخيل و من ثم يتكون من نماذج ويمكن ان نراه في شكل نماذج بنائية كما عبر عن ذلك استاذنا المرحوم العلامة الموسوعيالدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله ونفع بعلمه ك من يريد ان ينتفع. و النماذج البنائية صور او سكتشات تحول الواقع الى تمثيله في ذهنية الانسان ومن ثم يستطيع كل فرد ان يصيغ نماذجه التي تيسر له تقبل الخطاب و استيعابه و ايضا عبر النماذج النمطية العمومية او الكليشيهات يتم ابتلاع الخطاب

لحظة الوعي: هي تلك اللحظة الفارقة التي يتحول فيها ابتلاع الخطاب السائد الى رفض له او باستخدام نفس النموذج لفظ له و طرد له خارج منظومة الفرد الادراكية.

هذه المفاهيم الاساسية تعيننا كثيرا على فهم و ادراك واستيعاب مفهوم الخطاب و من ثم على تحليله و تحليل النصوص المكونة له اي مفرداته و تصنيفها وبناء نماذج خاصة بنا لتيسير هذهالعمليات و من ثم تجاوزه و اخروج من إساره ان اردنا!.

في تصنيفنصوص الخطاب الانتحاري :

بداية محاولة التصنيف هذه لا تعني ان كل صنف او نوع من هذه الاصناف موجود بشكل متبلر واضح بل سنجد ان هناك تداخل بين انواع النصوص و ان النص الواحد في الواقع قد ينتقل من صنف الى صنف و يجمع عدة اصناف في طياته لان الرسالة النهائية واحدة و هي اساسا تكريس سيطرة الخطاب المهيمن او السائد وهو في حالتنا هنا الخطاب الانتحاري.

و اتصور انه يمكننا من خلال التصنيف بناء نماذج رمزية تمثل صور منتجي هذه النصوص ومرة اخرى النماذج متخيلة وليست قطعية و هي للتمثيللا للتحديد.

و اخيرا يمكننا رصد سمات عامة تجمع هذه النصوص بحيث تساعدنا على ادراك الخطاب الانتحاري كما سبق وان قدمنا.

في تصوري يمكننا تمييز 4 اصناف من النصوص من داخل الخطاب الانتحاري هذه اصناف هي مايلي:

أ- النص العلموي:

هنا سنجد النص مزدحما بالمصطلحات الكبيرة و التي تبدو علمية و معظمها غير دقيق و لا صحيح و لا يتورع منتج النص العلموي عن اختراع المصطلح اعتمادا على ان جمهور الخطابلا يمحص و ان سطوة العلم و سلطة المعرفة ستعمل على تيسير ابتلاع النص.

ايضا يفيض النص العموي بالمعلومات و بدون تحليل ولا سياق بل ان بعضها قد يكون مفبركا او مختلق من الاساس. منتج النص يستخدم سلطة العلم في مقابل خضوع عدم المعرفة لتكريس سلطان نصه على جمهور الخطاب.

يمكن مراجعة هذه الامثلة للنص العلموي فيما يلي:

http://kaffasharticles.blogspot.com/2006/01/blog-post.html

نلاحظ هنا ان المستشار/ المستشارة يخالف ابسط قواعد العلم فيصدر حكما او يعطي تشخيصا لحالة بدون الاستماع للحالة ولا دراستها امبريقيا و بدون اخضاعها للكشف السريري الاكلينيكي. بل يصل الى اعطاء نصائح علاجية للحالة بدون حتى استشارة الحالة . ايضا سنلاحظ ان ثمة مرض جديد اخترع للتو هو ادمان العادة السرية لتبرير التشخيص و العلاج.

من الامثلة الاخرى سنجد:

http://kaffasharticles.blogspot.com/2008/06/blog-post.html

هنا سنجد الخبير كما وصفه المقال يشخص مرضا فرديا و يطلقه كحكم عام على الوف من البشر في خرق صارخ لكل قواعد العلم والبحث و العلاج!!! الادهى والامر ان سيادته يستخدم مصطلح الشخصية السيكوباتية استخداما مغلوطا سواء عن عمد او عن جهل فالامر سيان.

ب- النص الفارغ:

يزدهر هذا الصنف في اعمال النقد الادبي و الفني و السنيمائي و المسرحي باختصار في اعمال النقد الفني بصفة عامة .حيث هنا المعايير شخصية و الحكم انطباعي ومن ثم سنجد ان من اهم مميزات هذا النوع من النصوص انه يحقق قول الشاعر القديمالشيخ جمال الدين بن نباتة:

كلامكَ يا هذا كفارغ بندقٍ خليٌ من المعنى ولكن يقرقع

من مميزات النص الفارغ سنجد ازدحامه بالكلمات الكبيرة و التراكيب اللغوية و التعبيراتالمعقدةالخالية من المعنى و لكنها تعطي احساس بالاهمية و التعمق في التحليل . مثلا في النقد السنيمائي نرى"المخرج المتمكن من ادواته"او "المونتاج السلس"او "حركة الكاميرا المعبرة"او "المتعة البصرية الخالصة"

و في النقد الادبي سنجد ازدهار "تفجير اللغة"و "تجاوز الحدود"و "تخطي التابوهات و المحرمات"وفي الفنون التعبيرية سنجد "الخطوط المؤثرة"و "الالوان الحميمية"

في السياسة سنجد تعبيرات مثل "حب مصر"و "سرقة الثورة وخيانتها"و "لا يجب ان نقترض للحفاظ على الكرامة الوطنية "و "آليات الانتخابات التي تؤدي الى اختيار رئيس توافقي ..."الخ...

وهكذا و اعتقد انه مرت علينا الكثير من هذه النصوص و لا داعي لضرب الامثلة عليها .

ج- النص التحذيري/الاستغاثي :

تكمنا مرارا و تكرارا عن النص التحذيري استغاثي وضربنا عليه المثال تلو المثال و هنا نجد دائما النص مزدحم بمؤامرات لا نهائية تستهدف جمهور الخطاب الذي هو عادة غير متمايز لا طبقيا ولا اجتماعيا و لا زمنيا ولكن تجمعه مظلة عمومية يراها منتج النص و هي المستهدفة من قبل الآخر المتآمر ..مظلات مثل الامة والاسلام و الوطن و بدون ادنى تحديد لما تحمله هذه المظلات من معان و ايضا بدون تبرير حقيقي و اسباب منطقية واقعية واضحة تستوجب معاداة هذه المظلات العامة من قبل الآخر الشرير هذا !!!

ياضا يزدحم النص بالمعلومات غير المترابطة و التي تستخدم خارج السياق بهدف اثبات المؤامرة التي هي مثبتة دون حاجة للاثبات في ذهنية منتج النص

و الامثلة التالية توضح النص التحذيري / الاستغاثي :

http://kaffasharticles.blogspot.com/2010/07/blog-post.html

http://kaffasharticles.blogspot.com/2006/02/blog-post_15.html

د- النص القطعي/ المطلق :

هنا يزدحم النص باستعارات دينية و اقتباسات قرآنيةو يستخدم منتج النص هذه اقتباسات والاستعارات في سياق مغاير لسياقها و يريد دائما ان يلوي عنقها ليعطي لنصه صفة الاطلاق و الثبوتيةو القطعية التي يتمتع بها النص الديني المقدس . يستعير منتج النص هذه الاقتباسات ليس للتدليل على نصه بل لتقوية سلطة نصه وكأن ما يستعيره هو قدسية النص و سلطته!!!

هناك صفة مميزة للنص القطعي الا وهي انه عادة ما يكون قصير و حاسم . منتج النص القطعي لا يتوقع رد ولا نقاش في الواقع هو لا يريد منطقا و لا نقاشا و لا تدليل و استنباط الخهو يريد الاجهاز على الآخر بسرعة والى الابد و من هنا استخدامه للنص المقدس او بالاحرى استعماله سلاح سلطة النص المقدس لان النموذج هناحربي و المباراة صفرية.

اتصور اننا واجهنا النص المقدس القطعي هذا كثيرا .

و من ابرز الامثلة التيحدثت معي تعليق لشخص لا اعرفه على بوست او نوت على الفيس بوك مؤخرا يتعلق بالضباط الذين يريدون ترك لحاهم و اتاني نصا قطعيا من احدهم وهو شخص لا اعرفه معلقا "ارأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى"ونرى هنا بوضوح سماتالنص القطعي من اقتطاع الآية الكريمة من السياق و اسقاط تفسيرها الخاص في ذهنية منتج النص و عدم التعليق حتى وكأنه انهىالحوار تماما و اجهز على الآخر المحاور فليس بعد النص المقدس قول.

يقودني هذا الى طريقة الرد على النص القطعي في اي حوار ، في تقديري ان المحاور يجب ان يتخى عن موضوعيته و منطقيته هنا و يلجأ لنص قطعي مماثل بحيث يفقد منتج النص القطعي سلاحه و يحيدهو بالتالي يمكن للحوار ان يستمر ويبتعد اساسا عن منطقة المقدس المطلق.

يمكننا بعد هذا التصنيف ان نرى سمات عامة تجمع اصناف و ذكرناها اكثر من مرة في تحليلنا للخطاب الانتحاري في مقالات عديدة .

سمات عامة لاصناف النص الانتحاري المتنوعة:

1- النص احادي الاتجاه فهو موجه من منتج النص الى جمهورالخطاب بدون انتظار رد ولامحاولة فتح حوار لانه نص/ سلطة اساسا

2- مرجعية النص هي سلطته . وهي دائما خارجية ...اي خارج النص و موضوعه . العلم او السياسة او الفكر او الدين المهم سطة تعلو عن النص و تشرع لسلطة منتج النص.

3- المنطق والاتساق لا اهمية لهافالسلطة تغني عن المنطق و لا تحتاج للاتساق الداخي

4- غياب او انعدام الاتقان في صناعة النص وانتاجه و هذا مرده بالاساس لان السلطة / المرجعية متقنة في ذاتها من ثم لا تحتاج لانتاج نصوص متقنة

نماذج تصورية لمنتجي النص وفقا للتصنيف السابق

بعد طرحنا لاصناف النصوص المكونة للخطاب الانتحاريفي الكثير من الاحيان يمكننا بناء نماذج تصورية لمنتجي هذه النصوص مع الوضع في الاعتبار ان النموذج ليس خالصا و ان منتج النص الانتحاري باي صنف يتمثل انماذج الاخرى ويتقمصها عند انتاج نصه و ما نفعله هنا هو محاولة تجريد النص وتفكيكه للوصول الى فهم افضل و نموذج عمومي اكثر تفسيرية.

سنجد ايضا 4 نماذج في تقديري وهي مايلي:

1- نموذج الخبير الاستراتيجي

يكثر هذا النموذج بين ضيوف البرامج التلفزيونية و حوارات الصحف و هو نموذج يسعى الى الاعلام ويسعى الاعلام اليه و هو من منتجي صنف النص العلموي كثيرا و عادة ما يكون اكاديميا وهي صفة لا تعني شيئا في الواقع و خاصة مع الظروف التي عانت منها مختلف دول المنطقة العربية و طريقة انتاج الاكاديميين و تدخل السلطات الامنية في هذا وهو الامر الذي نعرفه و اشهر من ان ندلل عليه.

2- نموذج المفتي / الداعية

نصادف هذا النموذج كثيرا في اوساط الشبكة العنكبوتية و ايضا في وسائل الاعلام المرئية وخاصة مع انتشار الفضائيات الدينية و يكثر هذا النموذج من انتاج النص القطعي / المطلق و يدفع به عادة في شكل اجابات حاسمة ستقطع قول كل خطيبدائما.

3- نموذج المفكر

نرى هذا النموذج كثيرا في الندوات و السمنارات و المؤتمرات التي بلا طعم ولا لو ن ولا رائحة و المنتشرة في المنطقة العربية و يتخذ صاحبه دائما سمت التواضع الجم و الجدية الفائقة و يطلق الكلام الكبير الفارغويهز اذنابه و المستفيدين من وجوده في منصبه ارؤوس طربا و نفاقا. وهو عادة صاحب منصب و من المنصب يستمد سلطته و يدعمها بفكره الذيوجود له ومن ثم السلطة هنا غير معرفية و لكنها تستخدم لفرض صاحبها على المجال المعرفي . المفكر ينتج صنف النص الفارغ .

4- نموذج المناضل

يتواجد هذا النموذج بكثرة في المقاهي و المنتديات الفكرية و كذلك على الشبكة العنكبوتية و و هو ينتج النص اتحذيري و يطلق من بين الحين والآخر صرخات الحنق و القرف من جمهور الخطاب الذي لايريد ان يتعلم و الذي يستبدل الذي هو ادنى اي كل من يختاره جمهور الخطاب بالذي هو خير اي نموذج المناضل الذي يطلق نصوصه التحذيرية/ الاستغاثية و لا تبالي بها تلك الجماهير الجاهلة!!!

تشترك تلك النماذج جميعا في سمة احتقار الآخر و رؤية العالم على انه معركة صفرية لا سبيل الى الحوار فيها

و للاسف الواقع غير هذا تماما. والله اعلم

Viewing all articles
Browse latest Browse all 80