Quantcast
Channel: ossama-elkaffash-articles
Viewing all articles
Browse latest Browse all 80

Article 4

$
0
0



 لماذا نتعلم؟؟؟
سؤال اعتقد انه كثيرا ما جال بخاطر العديد من البشر و اكاد اجزم ان هذا السؤال طرحه كل فرد من بني آدم على نفسه و لو لمرة واحدة في حياته منذ عقل.
هو من ضمن الاسئلة الكبرى التي نسألها لانفسنا ثم تطرحها ذواتنا علينا و على غيرنا من الذوات محاولة ان تصل الى نفوسهم وتتواصل معها.
نفرق هنا بين النفس التي هي كما قال الامام البوصيري رضيّ الله عنه
 و النفس 
 كالطفل ان تتركه شب على حب الرضاع و ان تفطمه ينفطم
و بين الذات التي هي في تصورنا تحور اجتماعي في النفس لتستطيع ان تتعامل مع انفس اخرى.  فكل نفس تطمح للقاء الانفس المماثلة  التي هي برزخ الروح و تطمح لان تلتقي بارواح مثلها في طريقها للقاء وجه ربها .
و كأن الاجابة عن السؤال هي نتعلم لنستطيع ان نلاقي وجهه سبحانه وتعالى !!!
و هذه الاجابة هي ما عبرت عنه الآيات  الكريمات
بسم الله الرحمن الرحيم
صدق الله العظيم "الفجر: 27-30"
فاطمئنان النفس هو حال من اطمأنت نفسه إلى الله
سبحانه وتعالى فسلم لأمره ، واتكل عليه
و قال مولانا احمد بن عطاء الله السكندري ان المطمئنة هي العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين.
هنا نجد ان العارف بالله قد ربط بين اطمئنان النفس و المعرفة اي انه ربطه  بالعلم
 وهذا الربط نجده ايضاعند الشهاب السهروردي صاحب ابدا تحن اليكم الارواح في كتابه الغربة الغربية حيث يتوق السائح الرحالة الى المعرفة و اللقاء . و يسعى دائما وابدا الى التزود بالنفحة الربانية .
العلم هنا هو غاية النفس لتعرف و تطمئن
و العلم نوعان  علم ينفع وعلم لاينفع كما نفهم من
دعاء الحبيب المصطفى
في حديث   زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِلا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:... اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا  
[
مسلم، الترمذي، النسائي ]
و كل علم نافع هو الذي يقرب النفس من غايتها اي المعرفة والاطمئنان
اما العلم الذي لا ينفع فهو ذلك العلم الذي يصرف النفس عن الاطمئنان و يمنعها من الوصول والقبول
كما قال بعض العارفين يعظ سيدي احمد الرفاعي
ملتفت لا يصل , ومتسلل لا يفلح , ومن لم يعرف من نفسه النقصان , فكل أوقاته نقصان
من كل ما سبق اتصور ان
العلم في المفهوم الاسلامي  هو زاد النفس الى الآخرة و لهذا نتعلم كي نتزود كما في قوله تعالى
"وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ" (البقرة 197)
فالامر الالهي بالتزود من التقوى موجه لاولي الالباب اي اصحاب العقول و الافهام من العلماء من عباده  الذين يخشون الله و يتفكرون في خلق السماوات و الارض فما خلق  الله هذا باطلا و انما خلقه لنا لنتفكر فيه و نعمر كونه بإذنه و نتقيه طمعا في رضوانه و رضاه و مغفرته و رحمته.
ويجب ان نعلم ان المعرفة هي فيض من نور الله و بعض من بركته ورحمته  يعطيه الرب للعبد فيتزود بها ويتقيه و يعرفه كما قال العارف بالله العالم الفاضل سيدنا احمد بن محمد ابو العباس ابن عطاء الله السكندري في لطائف المنن "الحمد لله الذي فتح لاوليائه باب محبته ..وامد عقولهم بنوره فعاينت عجائب قدرته"
و من هنا نرى ان العلم عندنا هو معرفة الخالق و التمعن في كونه لتنوير النفس و ربطها بالروح التي هي من امر الله و قبس من نوره و نحن نتعلم لنعرفه و نرتبط به. و هذا يقودنا للسؤال المهم عن كيفية التعلم فبعد ان سألنا عن علية التعلم وسببيته و تطرقنا لماهية العلم و كينونته نسأل عن كيفية طلب العلم و كيفية الحصول عليه.
جاء في الحديث الشريف عن انس بن مالك رضيّ الله تعالى عنه         
طلب العلم فريضة على كل مسلم
صححه الالباني و اخرجه البيهقي وابن عبد البر وابن ماجةو الطبراني
و معنى هذا ان التعلم  وجوبي
ولكن الوجوبية تستدعي الامكانية فالحرية هي فهم الضرورة و الضرورة هي مقتضى الحال و من ثم يقول الحبيب المصطفى
"اعملوا فكل ميسر لما خلق له"
رواه الطبراني
فمقتضى الحال هنا هو العمل ومن ثم طلب العلم وفقا لما يسرنا الله سبحانه وتعالى له . وهنا نفرق بين العلم البشري الذي هو محدود بالمكان و الزمان و الامكانية و الضرورة و العلم الالهي الذي هو كلي ابدي سرمدي مطلق اي بعبارة من عبارات العلوم الاجتماعية خارج التاريخ و هذا لان كل ما هو بشري مخلوق فهو تاريخي اي يخضع لقوانين و اسباب الزمان و المكان وكل ماهو الهي رباني فهو خارج التاريخ لان من خلق التاريخ خارج الزمان والمكان كما قال سيدنا امام عليّ كرم الله وجهه "من اين الاينية لا اين له"
و هنا نفهم ان العلم وطلبه مرتبط بالقدرة و الضرورة سواء البشرية ام الاجتماعية ام الوقتية . ونفهم كذلك انه اختيار المرء و حسابه عليه وقد كتب له وقدر عليه. والله اعلم
و حيث ان طلب العلم مقدر بالضرورة ومرتبط بالقدرة فان العلوم و طرق دراستها وتدريسها تأتي في لحظتها فهي بنت زمانها و ربيبة وقتها .
و قد قسم العرب  طرق التعلم الى ثلاث طرق
القراءة على فلان
والاخذ عن فلان
و الوجادة
و فيما يلي  تفصيل الطرق الثلاث و ربطها مع مقتضيات العصر:
1- اما  القراءة على فلان فهي المفضلة و  المستحبة وهي المسماة بشيخ العمود  و هي ان يتجمع المريدين و التلاميذ حول استاذ فيقرأ عليه كل منهم جزء من نص  و يتباحثون فيه و يتبادلون الرأي و التفكر فيه فيتحصلون على فائدة اكبر و هي رأي كل منهم وبحثه الخاص الممنهج في النص المطروح و  كل يسعى الى استدعاء نصوص اخرى و الاستاذ او الشيخ يستدعي كل خبرته ليعطيها للتلميذ و يكشف له عن مخابيء النص و يجلي مع التلاميذ رموزه وكنوزه المخفية. هذه الطريقة  تسمى حاليا النمط الثاني من تداول المعرفة كما فصلها كارل روجرز في كتابه ان تكون انسانأ على اعتبار ان النمط الاول هو التدريس التقليدي . حيث هناك طريق ذو اتجاه  واحد لنقل المعرفة من الاستاذ الى التلميذ  او قناة تصب المعلومات صبا في ذهنية المتلقي . في النمط الثاني هناك طريق مفتوح و المعرفة متبادلة و متطورة .
وقد اسمى السيوطي هذا النوع عرضا وذلك في كتابه تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي . الطريقة هذه ترى المعرفة والعلم زادا يتزود به الانسان ليفهم و يأتي من التفكر والتدبر والتداول بينما الطريقة الاخرى ترى العلم والمعرفة معلومة غفل بلا فكر ولا تدبر ولا رؤية . والله اعلم

2- الطريقة الثانية اخذ العلم عن فلان و  تسمى احيانا الاستماع لفلان و فيها  يلتف المريدين حول الشيخ فيقرأ عليهم و يدونون وراءه و يسألونه احيانا و فيها الدقة تقع على عاتق المريد و يفضلها بعض العلماء بينما اجتمع المشارقة على ان الطريقة الاولى افضل.
وكل طريقة لها مميزاتها و مريديها انما ملاحظتنا على الطريقة الثانية انها اكثر  اتساقا مع نظام النقل و الالتزام بينما الطريقة الاولى هي اكثر اتساقا مع البحث و التحرر، تنمي الطريقة الاولى الحرية و الرغبة في التساؤل و تنمي الطريقة الثانية الالتزام و الصبر .

3- الطريقة الثالثة هي الوجادة وهي ان تجد كتابا فتقرأه وكانت العرب لاتعتد بها و  تعدها من طرق التجهيل وليس التعليم. فالعلم في نموذجهم يعني استاذا و مريديا وشيخا و تلميذا وهو تواصلي و ليس تلقيني على غير الفهم الشائع والله اعلم.

كان من الضروري عرض الطرق الثلاث في اطار عملية نقل المعرفة البشرية و ذلك للوصول الى فكرة عن كيفية نقل العلم في اطاره البشري مع الـاكيد ان كل ميسر لما خلق له وان العلم منذ البداية هو من لدن رحمن رحيم و كل ما يفتح الله به لنا فهو بامره ومن عنده. و ما العلم الا من نفحاته وبإذنه فهو القائل في كتابه العزيز "و علم الانسان مالم يعلم" (العلق:5). والله اعلم  

نخلص مما سبق الى مايلي من نقاط
1- نتعلم لنتزود لمقابلة الرحمن  ولتطمئن نفوسنا
2- العلم هو سبيلنا لربط النفس بالروح والتقاء الذات بالذات لتتقارب الانفس و تتآلف ارواح البشر
3- العلم فرض وجوبي وكل ميسر لما خلق له وقدر عليه
4- طرق التعلم ثلاث غير ان كل العلم هو من عند الله
5- كل علم له وقته و مكانه و ذلك ما عبر عنه القائل بقوله لكل مقام مقال والله اعلم .

علم المقولة علم الوقت / علم دراسة الخطاب

ولكل هذا نحتاج اليوم الى علم جديد/قديم  يدرس ما حولنا من ظواهر ومظاهر و يستكشفها ويسبر غورها و يظهر مكنوناتها و هذا العلم هو ما اسميته في غير مقال علم الخطاب و كنت اتصور و كنت على خطأ في تصوري ان هذا علم جديد الى ان وقعت على كتاب تحقيق ماللهند من مقولة مقبولة في العقل ام مرذولة للعلامة المسلم ابو الريحان البيروني ورأيت ان العالم المسلم الكبير كان يدرس خطاب الهند كمكان وزمان و يخترق الدهر و يغوص في الزمن ويقارن بين رؤية الهنود للكون ورؤية غيرهم من البشر وكأنه كان يضع لبنات علم الخطاب و اسسه في كتابه ورأيت ايضا في كتب العديد من العلماء و العارفين العرب و المسلمين مثل هذا و نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر هز القحوف في شرح قصيدة ابي شادوف للعلامة الشيخ يوسف الشربيني و لطائف المنن للعلامة العارف بالله سيدي ابو العباس احمد ابن محمد المشهور باسم ابن عطاء الله السكندري و غيرها من كتب السلف الصالح التي تكشف عن الرموز والشفرات الوجودة حولنا و حولهم في عصرهم و تسبر غورها وتحل رموزها . و رغم محاولة ريتشارد بيرس ان يقدم علما مماثلا في محاولته انشاء علم الرموز او السميولوجية فان ما فعله الاقدمون يظل اكثر منهجية و دقة و ليس هذا تحيزا مرذولا دون تمحص وانما هو مجرد رد الفضل لاهله و تعريف بالامر كما نراه و لانبخس الرجل حقه ولكنه لم يدرس العلم في اطار عمومي كما فعل هؤلاء و انما درسه في اطار اللغة و الاشارات بعامة ولم يضعه في اطار اجتماعي اركيولوجي مقارن كما فعل البيروني مثلا. ولا وضع له بعدا روحيا نفسيا كما فعل ابن عطاء الله و لا رآه في اطار انثروبولوجي كما فعل الشربيني . والله اعلم .
و لقد اسميت هذا العلم الجديد القديم علم المقولة نسبة لرؤية البيروني و لان القول اعم من الخطاب و اشمل .

Viewing all articles
Browse latest Browse all 80