مر عام ٢٠٢٠ بحلوه و مره دون اضافة مقال للمدونة و هذا يحدث للمرة الاولى منذ بداية دخولي عالم التدوين او البلوجينج
و لذا قررت ان ابدء العام الجديد ببعض التأملات في مسألة الطبخ
تاريخيا كنت اعتقد ان الطبخ عملية سحرية معقدة ( وهي كذلك بالفعل ) و بشكل ما كنت اظن اني لا يمكن ان ابرع فيها ( و اعتقد اني استطعت استكشاف بعض اغوارها العميقة) و الحمد لله لم اتوقف عند هذا الاعتقاد و هكذا استطعت الوصول الى مستوى معقول جدا في اكلات معينة مثل الكوارع و باقي حلويات المدبح من طحال لفشة للسان لمخ لكلاوي و
اخيرا الكبدة و هي موضوع حديثنا اليوم
منذ اكتشافي للكبدة الاسكندراني في سبعينيات القرن الماضي و انا اعشقها. و هي بالمناسبة اكلة لها سبب وجود تاريخي و ارتباطها بالاسكندرية ايضا له سبب
و ربما نتكلم في بوست تال عن قصص الاكلات و ايضا عن قصص مشاهير الطهاة او الشيفات من القدماء و المحدثين
ما يهمنا اني عشقت الكبدة الاسكندراتي و عرباتها و لم الق بالا لمسألة الهيجين ( كما كنت اسمع من الاصدقاء المتحذلقين) انا باحب كبدة
العربيات
هذا هو ردي
مؤخرا بدءت في صناعة الكبدة بكل اشكالها بما في ذلك البانيه المتبل و السودة الاكلة الشامية الشهيرة و هي كبدة نيئة متبلة و تغطس في صوص او صلصة هي سر كل اكيل . انا باعملها بالليمون البنزهير و الثوم المعصور و الكمون . و هي نفس تتبيلتي للكبدة الاسكندراني
اكتشاف التتبيلة و اضافة الفلفل الحراق و اغراق الكبدة في التتبيلة لمدة لا تقل عن ٢٤ساعة هو ما قادني للتبحر في الكبدة الاسكندراني ثم الكبدة عموما و هذا قادني لاكتشاف الفروق بين انواع الكبدة
مثلا الشمبري من افضل الانواع التي تصلح للبانيه لانها تتشرب الدقيق و السميد و تتحمل القلي في الزيت
الكبدة الضاني من افضل الانواع التي تصلح للسودة و الشي و خاصة في الشي يفضل ان تغطس لثواني في زيت زيتون وعصير ليمون
المهم ما هو صنف الكبدة الذي يصلح للكبدة الاسكندراني ؟؟؟
الواقع انه الكبدة المتلجة المستوردة . ..نعم انها حقا مسألة محيرة
في تقديري ان الكبدة الاسكندراني سرها الحقيقي هو التتبيلة و اغراقها بالليمون و قضم الفلفل الاخضر الحراق معها و لذا فمن الضروري وجود كبدة بلا طعم فقط مادة تقبل الطعم القادم اليها و هو ما تقدمه الكبدة المستوردة
و هذا هو اصل الكبدة الاسكندراني التاريخي حيث قدمت الكبدة المتلجة و تسربت صناديقها للاسواق الكبرى في الاسكندرية في شارع النصر و المنشية و محطة مصر و وسط البلد و ظهرت العربات الجائلة ليظهر معها الصنف الجديد. الكبدة الاسكندراني مثل عصير الجوافة هي عملية لرفع قيمة الشيء منعدم القيمة او منخفضها عبر جمع اشياء اخرى معه للوصول لقاعدة الكل اكبر من مجموع الاجزاء. تلك القاعدة التي حولها بول جيوم الى علم نفس الجشتلت
مثيل ذلك ايضا الكشري الذي افضله من العربيات و باستخدام الاصناف الرديئة من مكوناته من ارز الى مكرونة الى عدس بجبة الى بصل محروق او ورد الى دقات و صلصات
الكشري لا يكسب من اضافة لحم مفروم بل يخسر نكهته المحببة
و مرة اخرى الاكل اذواق يا ناس