3
الجهاز الامني و محاولات الاصلاح
فيما يخص جهاز الامن اعتقد ان المسألة ليست مجرد انعدام ثقة او هيبة او فاسدون في مواجهة شرفاء الخ
المشكلة في اعتقادي هي عقلية راسخة تكونت عبر اجيال و ترسخت في السنوات الاخيرة وخاصة مع تغول الجهاز الامني وتحوله الى قوة غاشمة لا راد لها او هكذا كان يظن من خلقها. و تتجلى هذه العقلية كاوضح مايمكن في حديث مجدي ابو قمر مدير امن البحيرة السابق و ايضا في الحوار التلفزيوني مع محمود وجدي وزير الداخلية السابق
و ما اقصده هنا ليس التعالي و لا العجرفة و لا الانكار الى آخر الصفات التي تظهر بوضوح في هذين المثالين ، اقصد تحديدا العقلية التي تنتج مثل هذه الشخصية و مثل هذه الصفات. انها ببساطة عقلية الفشل.
الاعتراف بالحق فضيلة كما يقولون
واول خطوات العلاج هي التشخيص
و اعتقد ان اول خطوات التشخيص هنا هي اعتراف بان الجهاز الامني السابق كان فاشلا على كل الاصعدة
ومن يجادل في هذا فلينظر هل نجح في حماية الدولة / النظامالتي / الذي كان عليه ان يحميها/ يحميه ؟؟
بمعنى هل نجحت الخطة الموضوعة للتعامل مع الحركات الاحتجاجية بشتى وسائلها في القضاء على هذه الحركات؟؟؟؟
دعونا ننظر في مثال واحد اتصور انه دال و مثير المثال الذي اقصده هنا هو القبض على وائل غنيم .
هل تصور من قدموا التقرير الامني و من اصدروا الامر باعتقاله ان هذا الاجراء سيؤدي الى اخماد الحركة الاحتجاجية التي يزعمون انه مشعلها ؟؟؟ببساطة من فعل هذا انما يذكرنا بمن يكذب الكذبة ثم يصدقها مثلما الحال مع شخصية جورج كوستانزا في السيتكوم الامريكي الكوميدي الشهير"ساينفلد" وهي الشخصية التي صارت مثالا كونيا على الفشل الذريع بل و استعذاب الفشل ايضا!!!
دعونا ننتقل الى مجال آخر نرى فيه كيف فشل هذا الجهاز وبجدارة؟؟؟؟
هل كان ناجحا في ضبط المرور ؟؟؟
نظرة عابرة سريعة للحال الذي كان سائدا من فوضى و اختلال امني و تفشي للرشوة بين كل الرتب و التي عانى منها كل سائقي التاكسي و الميكروباص و الحافلات و النقلو الملاكي في مصر تؤكد لنا مدى الفشل الذي وصل اليه هذا الجهاز المترهل المتغول.
هل نجح الشباب من خريجي الشرطة من قائدي الدراجات البخارية السريعةفي ايقاف نزيف الدم على كافة طرقات مصر؟؟؟ وهي المهمة الاولى لهم ؟؟؟ بل هل نجحوا في زيادة حصيلة الخزانة العامة للدولة ام نجحوا فقط في الاثراء غير المشروع عبر ما اسميه " منافسة الحكومة في بيع المخالفات باسعار اقل ؟؟؟"
دعونا لا يقتصر تحليلنا لعقلية الفشل هذه على هذين المجالين بالرغم من فداحة الثمن الذي دفعناه من ارواح ابناء الشعب المصري لننظر في مجال ثالث يتولاه هذا الجهاز و ايضا لنرى كيف تؤثر عقلية الفشل حتى في لحظات النجاح.
بلا شك ان قطاع الجوازات وامن المطارات من القطاعات التي تحسن اداء الجهاز الامني فيها تحسنا فائقا في السنوات الاخيرة . لكن هل ادى هذا التحسن لمنع تسرب المطلوبين للعدالة سواء من رجال الاعمال او غيرهم حتى؟؟
هل اختفت ظاهرة التسرب و التهرب الجمركي بل وهروب البعض عبر المرافيء المختلفة جوية ام بحرية ام برية؟؟؟
نظرة سريعة على مطار النزهة بالاسكندرية تقنعنا ان الاجابة الوحيدة على هذا السؤال ستكون بالنفي القاطع
فحتى في مجال تحسن الاداء فيه سنجد ان الفشل مازال مهيمنا ومازال راسخا صامدا.
لننظر ايضا في مجال الامن الشخصي سنجد ان هناك معدلات متزايدة لجرائم العنف والسرقات و الاغتصاب و غيرها من جرائم الاعتداء على الامن الشخصي بالمقابل سنجد تراخيا شديدا من جانب الجهاز الامني في تسجيلها ومحاولات مستمرة في التهرب من ملاحقتها ومن خلال تجربة شخصية تعرضت فيها لسرقة في قطار المترو قال لي الامين بكل ادب "عوضك على الله يا دكتور" و سألت نفسي كيف سيتعامل السيد الامين المكلف بحراسة امن المواطن مع مواطن ليس دكتورا ولا مقيما بالخارج و هي صفاتتعطي مميزات كثيرة كما نعلم جميعا؟؟؟؟؟؟
مرة اخرى اتصور ان الفشل هذا واضح وعلى كل الاصعدة و على كل مستويات الجهاز و اتصور ايضا ان اسبابه كثيرة منها اولا انعدام كفاءة المختار للجهاز الامني و تردي المناهج التي يدرسهاو انعدام كفاءة القيادات و رغبة القيادات العليا في البقاء في مناصبها لاكبر وقت ممكن و من ثم الاتجاه لترقية الاقل كفاءة و كل من هو متوسط محدود الذكاء و الموهبة
وغير ذلك من اسباب تخلق مترادفةهذه العقلية و تؤدي في النهاية الى هذا السلوك
اتصور ان من ضمن وسائل العلاجاللجوء الى اجراءات تتطلب شجاعة و حسم
فلماذا لا تعاد هيكلة الجهاز الامني مثلما تمت عملية هيكلة الجيش المصري بعد حرب 1967
وادخال عناصر من شباب الخريجين الجامعيين في الخدمة؟؟؟
ايضا لماذا لا تتم محاسبة سريعة لكل من تورط في جرائم وفساد لا يتم استثناء كبير ولا صغير؟؟
و لماذا لا نطبق قانون من اين لك هذا واقرارات الذمة المالية على اعضاء الجهاز الامني السابق؟؟؟
و لماذا لا تحال كافة هذه القيادات الفاشلة الى الاستيداع و تحاكم بسرعة و دون محاباة ؟؟؟
و هنا يحضرني مثالين واضحين
المثال الاول تقاعس ضباط الشرطة في الاسكندرية عن احضار المتهمين بقتل شهداء الثورةمن زملائهم واحدهم متهم بقتل 37 شهيد ومما زاد الطين بلة هوتهريب هؤلاء بعد اصدار الامر بحبسهم في سجن برج العرب على ذمة التحقيقات و محاولة هؤلاء الزملاء المتقاعسين الاعتصام دفاعا عن المتهمين اي مرة اخرى الفشل حتى في اتخاذ اجراء جاد دفاعا عنهم واللجوء لتصرفات طفولية تدلنا مرة اخرى على مدى فشلهم وانعدام كفاءتهم
المثال الثاني هو التقاعس عن تقديم مدير امن البحيرة السابق مجدي ابو قمر للمحاكمة بتهمة اهانة الشعب و سوء السلوك ناهيك عن من كانوا معه في الفيديو الشهير و خاصة من وافقوه رياء و اقتناعا
بل لماذا لا يتم حل الجهاز الامني بشكل جذري وتحويل صلاحياته الامنية الى المحليات مع الغاء اكاديمية الشرطة وتحويلها الى جامعة مدنية و تكوين جهاز بحثي مركزي متخصص يستقطب الخريجين من اعلى المستويات و من كل الكليات للعمل في مكافحة شتى انواع الجرائم ويدعم باحدث التكنولوجية؟؟؟
الفشلة يدعمون بعضهم البعض و في حالة السقوط لن نجد منهم مسؤولا واحدا يقف وقفة شجاعة ويعترف بالخطأ و نظرة واحدة الى من قدموا للمحاكمة ومحاولتهم المستميتة لالقاء التهم على الآخرين و عدم تحمل اي مسؤولية تؤكد لنا مرة اخرى مدى الفشل الذي وصل اليه الجهاز الامني وهو الامر الذي يحتاج لعلاج حقيقي واجراءات شجاعة...
الاجراءات الشجاعة هي العلاج الحقيقي وليس الترقيع